بيض دجاجٍ أم بيض أفاعٍ ؟

بيض النعام له ألون متعددة
بيض النعام له ألون متعددة


كثرة الكلام دليل على قلة معناه

(..............)

يرصد البروفسور ريتشارد هرير دكمجيان المحاضر في جامعة U.S.C (جامعة جنوب كاليفورنيا) في كتابة القيم: "الاسلام في الثورة" (Islam in Revolution) طبعة عام 1995 – خريطة جغرافية جامعة للتنظيمات الاسلامية في الوطن العربي وخارجه على النحو الآتي:

140 تنظيماً سنيّاً.

36 تنظيماً شيعياً.

تنظيم درزي واحد.

كثرة التنظيمات دليل على قلة فاعليتها.

من المؤكد هذه المرة ان الدجاجة الاسلامية جاءت قبل البيضة. الدجاجة هي حركة "الاخوان المسلمين" بقيادة الشيخ حسن البنا قبل سبعة عقود ومن مرقدها في مصر أفقست بيضا كثيراً. قليلها بيض دجاجٍ وكثيرها بيض أفاعٍ.

التكفير والهجرة - حزب التحرير الاسلامي - الاحباش – القاعدة – طالبان - جند الشام – فتح الاسلام – الجهاد – حماس – عصبة الانصار – المحاكم الاسلامية – الرابطة الاسلامية – حزب الله.

الشعار: الاسلام هو الحل.

الحكم: حاكمية الله (سنيا).

ولاية الفقيه (شيعيا).

وسيلة التغيير: العنف بالدرجة الاولى.

وحصل الاشتباك البائس – ولا يزال – بين الدين والعلمانية وبين الاسلام والعروبة. كيف السبيل الى فك هذا الاشتباك ومن الذي يفككه؟

تحقير الحياة وتمجيد الآخرة

قيل عن الجماعة المتفرقة: (تجمعهم زمّارة وتفرقهم عصا).

السلفيون تجمعهم "زمارة" الشعار: الاسلام هو الحل وتفرقهم "عصا": الفتاوى المتناقضة.

لم يتقدم اي تنظيم اسلامي بإعطاء مضمون سياسي او اجتماعي او اقتصادي او فكري او تنموي لشعار الاسلام هو الحل...

فمن فتاوى وسطية الاسلام واعتداله وتسامحه الى فتاوى تكفير اصحاب الكتاب من اليهود والنصارى الى قتل وذبح المرتدين وتكفير المجتمعات الاسلامية نفسها الى شن الحروب المذهبية (سنة وشيعة).

تشترك كثير من التنظيمات في الحديث عن "حاكمية الله" وانهم هم وكلاء الله على الارض لتنفيذ تلك الحاكمية، وان التشريع الوحيد هو الاسلام فقط بدون اخذ التشريعات المدنية التي ابتدعتها الحضارات المتعددة مما يشمل المساواة والعدالة والديموقراطية والاعتراف بالآخر وبحرية المرأة وتقدمها وسلمية تداول السلطة.

ان معظم الوعاظ يتغنون بتحقير الحياة الدنيا وتسخيفها وتمجيد الحياة بعد الموت وتقديسها، وهذا الوعظ يصب في خانة الطغاة والانظمة الرجعية التي تريد المحافظة على الوضع القائم وتخدر الفقراء والمظلومين للرضى بواقعهم وكأنه ارث الهي وليس ارثا اجتماعيا يمكن تغييره. ان هذا التخدير البائس للمظلومين يسحب منهم الحق الانساني الاول في التمرد ضد الظلم والقهر... وهو ما فعله ايضا الواعظ المسيحي في المجتمع الغربي الى ان جاءت الثورة الفرنسية فخلعت النظام الاقطاعي المتحالف مع الدين واقامت الدولة المدنية العلمانية. في القرن الحادي والعشرين لم يعد هناك مستقبل للدولة الدينية – اسلامية او غير اسلامية – لانها دولة تفتقد جوهر الدولة الحديثة وهو المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين او المذهب او الجنس او اللون او العقيدة. كما انها تتوجس من الديانات الاخرى وتؤمن بمصدر واحد للتشريع هو شريعتها هي وهي اجمالا ضد حقوق المرأة وضد التعددية والتنوع.

في التاريخ الاسلامي كانت مكة والمدينة القرشيتان عاصمتي الوحي وكانت دمشق الاموية عاصمة الوراثة... وكانت بغداد عاصمة العقل: اي ان حكم الوحي توقف منذ وفاة آخر الانبياء النبي محمد بن عبدالله وبدأ حكم العقل، اي ان الحاكم لم يعد في استطاعته الادعاء بأنه يحكم باسم الله بل اصبح الحكم باسم الناس.

في ايران يحكم الاسلام الشيعي باسم ولاية الفقيه الذي يملك سلطة النقض (الفيتو) على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، اي ان الحكم ليس ديموقراطيا.

واخيرا اصدر "الاخوان المسلمون" في كل من مصر وسوريا برنامجا مفصلا بمثابة برنامج جاهز للحكم وفيه ايضا وجود هيئة حكماء (ولاية فقهاء) له حق نقض قرارات الحاكم والسلطة التنفيذية والسلطات الاخرى اي ان الحكم ليس ديموقراطيا ايضا.

في الدولة المدنية العلمانية فان وليّ الامر الفعلي ليس الولي الفقيه (شيعيا) ولا هيئة الحكماء (سنيا) بل هو المواطن العادي الناخب لأي دين انتمى. في الدولة المدنية ينفصل الدين عن الدولة، ولكنه لا ينفصل عن المجتمع ولا يلحق به اي اضطهاد او محاصرة بعكس ما تفعله الدولة الدينية عندما تحكم.

لم يعد السكوت ممكنا على تغوّل الحركات السلفية – كهنوت الاسلام السياسي – فمعهم الاسلام ليس في حاجة الى اعداء فهم ألدّ اعدائه، فقد وضعوا الاسلام على قائمة الارهاب في العالم وأظهروه دينا لا يستطيع ان يردع اتباعه من ارتكاب الجرائم والمذابح بحق مخالفيهم بالرأي – مسلمين وغير مسلمين.

ان خطاب ملك السلفيين المتوج (اسامة بن لادن) ينضح كفرا عندما يريدها حربا دينية عالمية ضد المسيحية واليهودية كما صرح اكثر من مرة.

معهم الاسلام ليس حلاً، الاسلام في حاجة الى حل.

تعليقات: