قناة «مكان» الاسرائيلية تخرق العالم العربي.. بالمونديال!


بمجرد إعلان القناة الإسرائيلية الرسمية «مكان» الناطقة باللغة العربية عن اعتزازها ببث وقائع كأس العالم لكرة القدم هذا العام (مونديال 2018) والذي تستضيفه روسيا بدءاً من 14 حزيران/يونيو وعلى مدار شهر كامل، حتى اقتنصت صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" في "فايسبوك"، الفرصة، لتعلن النبأ وتزف "البُشرى" وفق ظنها، سعياً منها لإغراء الجمهور العربي الرياضي، وحثه على متابعة أحداث المونديال عبر الشاشة الإسرائيلية.

والواقع، أن التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "مكان" اعتاد بشكل دائم شراء امتياز نقل وقائع كل مونديال، ومعه المباريات العالمية التي تحظى بجماهيرية كبيرة، وذلك بناء على اتفاقيات تُبرمها مع الجهات الرياضية ذات العلاقة: إذ تُخصَّصُ ميزانية بُنيوية في هذه القنوات العامّة لهذه الغاية بصفتها قنوات لا تعبر عن سياسة الحكومة وإنما "إسرائيل الرسمية"، فتبث أي موقعة رياضية عالمية باللغتين العبرية والعربية، وهذا مُتبع ومعروف.

لكن الجديد في هذا الإعلان، هو أن القناة الرسمية الناطقة باللغة العربية ستقوم للمرة الأولى، وبشكل مستقل عن نظيرتها الناطقة بالعبرية، بنقل وقائع مونديال 2018. فلن يكون القسم الرياضي العربي في هذه القناة مجرد مترجم وناقل عن النسخة العبرية، وانما ستتمتع بإستقلالية أكبر وأوسع لتقوم بتغطية المونديال، وتبثه على قمرها الصناعي.

القناة الإسرائيلية "مكان" الناطقة بالعربية، لا تبث على مدار الساعة وإنما لمدة 10 ساعات كل يوم، لكنها ستبث وقائع المونديال بشكل متواصل وستكون تغطية لها بأي وقت يلزم. وكانت القناة، حتى وقت قصير، تبث عبر القمر الصناعي الإسرائيلي "عاموس"، لكنها أبرمت اتفاقيات مع أقمار أخرى مثل القمر الأوروبي الذي تبث عبره في هذه الأثناء، بالترافق مع خوضها مفاوضات مستمرة مع قمري "نايل سات" و"عرب سات"، من دون أن تتوصل إلى اتفاق معهما حتى اللحظة.

لذا، فإن بث القناة الإسرائيلية ليس أرضياً، وإنما فضائي، ما يعني أنه يصل إلى المواطن العربي إما عبر "ريسيفر" الإنترنت، أو من خلال القمر الصناعي بواسطة طرق معينة (إذا ما أراد ذلك)، نظراً للإتفاقيات التي تربط الفضائيات الإسرائيلية مع الشبكات الأميركية والأوروبية.

ودرجت العادة أن يقوم القسم الرياضي العربي في القناة الرسمية في إسرائيل، بالنقل والترجمة عن نظيرتها الناطقة بالعبرية لبث هذه الأنشطة الرياضية العالمية. لكن يبدو أن الإمكانات المادية للقناة الناطقة بالعربية قد اتسعت هذه المرة، ومكّنتها من الظفر للمرة الأولى بامتياز بث وقائع المونديال، مع العلم أن عدداً من الفلسطينيين المتحدرين من الأراضي المحتلة في 1948 يعملون كمحررين ومقدمين في الشأن الرياضي للقناة المذكورة، بينهم جودت عودة الذي يُعتبر محرراً رئيسياً في هذا المجال وفي هذه القناة منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وعودة الذي تربطه علاقة قرابة مع رئيس القائمة المشتركة في الكنيست، أيمن عودة، ينحدر من مدينة حيفا، وكان قد بدأ عمله محرراً رياضياً في جريدة "الإتحاد" التابعة للحزب الشيوعي داخل الخط الأخضر.

ويُرجح مهتمون بالشأن الرياضي أن يكون بث المونديال من الاستديو التابع للقناة الإسرائيلية وليس مباشرة من الملاعب. وحتى لو كان من الملاعبن فسيكون بمستوى أقل من القناة الناطقة باللغة العبرية، إلا أنه سيوفر للمُشاهد، في نهاية المطاف، كل ما يحتاجه من مراقبة ومتابعة للموقعة الرياضية العالمية.

والأهم في هذا السياق، يبرز سؤال حول ما إذا كان بث القناة الإسرائيلية لوقائع المونديال هذا العام يمس حقوق قناة "بي ان سبورتس" الحصرية.

مراقبون فلسطينيون لهذا الشأن في أراضي 48، يقولون لـ"المدن" إن إمتياز النقل تشتريه القناة الإسرائيلية بالمال، وضمن اتفاقيات رسمية مسبقة مع الوكالات الرياضية العالمية ذات العلاقة؛ فهي لا تستطيع أن تسرق مثل هذا البث، كما أن القنوات الإسرائيلية التي تبث أفلاماً عربية تقوم بشرائها هي الأخرى.

وبالرغم من ذلك، فإن هؤلاء المراقبين يؤكدون أن التلفزيون الرسمي "مكان" سيورط نفسه إذا ما اشار إلى إمكانية متابعة مواطني الدول المجاورة للمونديال عبره، مثل لبنان وسوريا ومصر، بالإضافة إلى سكان الضفة وقطاع غزة، ذلك أن الامتيازات الخاصة في هذه الدول ستضع التلفزيون امام اشكالية قانونية.

ومع ذلك، فإن مشاهد القناة الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية سيتمكن من متابعتها فضائياً أو عبر الانترنت (أينما وُجد)، فيستطيع أن يُشاهد كل شيء متعلق بالمونديال عبر شاشتها، لأنه بث مفتوح، وهو قانوني بحسب الإمتياز المعطى لها، وفقاً لما يقوله متخصصون.

وبالرغم من التغني الإسرائيلي بهذا الإمتياز المزعوم لتعزيز التطبيع مع العرب ولو من بوابة الرياضة وعبر الشاشة المستطيلة، فإن التطور الجديد بهذا الشأن غير منعزل عن المعارك الداخلية التي تخوضها وسائل الإعلام في إسرائيل - بما فيها الرسمية - مع الحكومة اليمينية الممثلة برأس هرمها بنيامين نتنياهو.

فالعديد من هذه القنوات على خلاف شديد مع نتنياهو، وقد حاول الأخير أن يغلق القناة الرسمية ذات مرة. ولذلك فإن الصراع المذكور دفع كل قناة لأن تجتهد وتأخذ حيزها من المشاهدين، ولعل الإمتياز الذي حصلت عليه القناة الرسمية الناطقة باللغة العربية، لبث وقائع المونديال هذا العام، يدخل في هذا السياق بطريقة أو بأخرى.

ومن المعروف ان المحطات الرسمية في إسرائيل كانت تتفوق تاريخياً ودائماً على القنوات التجارية في الفوز بشراء امتيازات نقل وقائع الأحداث الرياضية العالمية والكُبرى.

ونستذكر في السياق أيضاً، أن الحكومة الإسرائيلية قامت قبل نحو عام، بحل سلطة الإذاعة والتلفزيون، لتستبدلها بهيئة بث جديدة من شأنها أن تعزز سيطرتها على الإعلام الرسمي. وسمّت شبكتها التلفزيونية والإذاعية والرقمية الرسمية، باسم "مكان"، بدلاً من "صوت إسرائيل" او "تلفزيون إسرائيل"، لتكون الكلمة سهلة ومقبولة على المتلقي العربي- أينما وُجد- عند دخولها بيته أو شبكته العنكبوتية، فيقوم بمتابعتها من دون تردد أو تلكؤ، وبالتالي تصل الرسالة الإسرائيلية إليه بلا عناء.

جودت عودة (من فلسطينيي 1948) يقدم برنامجاً رياضياً في قناة «مكان»
جودت عودة (من فلسطينيي 1948) يقدم برنامجاً رياضياً في قناة «مكان»


تعليقات: