اللاجئ السوري أحمد حلّ أوّلاً بالبقاع في البريفيه


زحلة:

"لأن التفوّق صناعة تشترك فيها مجموعة من العناصر، أوّلها طموح الإنسان المتفوّق وإرادته، الأسرة، والمؤسّسة الراعية"، فقد حلّ أحمد أكرم زيادة، ابن العائلة السورية اللاجئة من داريا إلى لبنان منذ العام 2013، وتلميذ مدارس الأزهر في مجدل عنجر، في المرتبة الرابعة بين العشرة الأوائل في لبنان، متبوّئاً المرتبة الأولى في البقاع، بمجموع 266 علامة، في امتحانات الشهادة المتوسطة الرسمية بدرجة جيد جداً.

أحمد فتى لا يرضى دون المرتبة الأولى، متفوّقاً كان في مدرسته الخاصة في سوريا. وبعد انتقاله إلى لبنان مع عائلته، لم يسمح لعائق اللغة الإنكليزية، التي كان يدرسها كلغة أجنبية في مدرسته بسوريا، وأضحت لغة رئيسيةّ، بحسب المنهاج اللبناني، بأن يمنعه من التفوق. باجتهاده الشخصيّ، مثله مثل شقيقته جومان، وشقيقه عمر، تمكّنوا من تجاوز عائق اللغة، وتفوّقوا في صفوفهم في مدرسة المقاصد في بر الياس، التي درس فيها أحمد حتى الصف السابع، قبل انتقاله إلى الأزهر.

6 ساعات يومياً هو الوقت الذي خصّصه أحمد للدراسة للامتحانات الرسمية، منوِّعاً بين المواد التي يراجعها، بما يترك الوقت الكافي لهواياته بين ممارسة كرة القدم كرياضة، وكلعبة "فيفا" إلكترونياً، ومتابعتها مشجّعاً فريق ريال مدريد، والمنتخب الأرجنتيني في كأس العالم، والمطالعة. ميزة أحمد أنه ليس مجرد تلميذ مجتهد فقط، بل هو محب للمعرفة أيضاً. "فالإنسان الذي يكتفي بالمنهاج المدرسي، وإن تفوّق بعلاماته، لن يتميز في حياته العملية، الأساس هو الثقافة والمعرفة"، بحسب ما يقول والده أكرم، طبيب الاطفال. أما السبب الآخر للنجاح، فهو "التنظيم"، إذ تشرح والدته بسمة، الطبيبة النسائية، بأن توجيهاتها لأولادها تتلخّص في أن يدرسوا كل يوم بيومه، وحين يحلّ موعد الامتحانات، يكون الوقت لإنعاش الذاكرة فقط، لا لإعادة حفظ الدروس. وبالتالي فهي لا تقبل أن يسهر أولادها قبل امتحاناتهم ليدرسوا، بل أن يناموا 8 ساعات، فيستفيقوا مرتاحين. والتنظيم يحتاج إلى "توجيه ومتابعة من الأهل"، فقد لا يكون والدا أحمد حاضرين في البيت طيلة الوقت، بسبب عمليهما، لكنهما يرافقان أولادهما الثلاثة يومياً بالتوجيه والمتابعة. فإلى جانب قدراته وطموحه وإرادته، فإن لأحمد الحظ في أنه من عائلة تملك من العلم شهادات عليا، ومن الثقافة، لتطويع الظروف لما فيه مصلحة الأولاد. من والدين يمارسان الطب في مستشفى رسمي، وخاص، وفي العيادة في سوريا، إلى عائلة مهجّرة، وجدت نفسها مضطرة إلى أن تعيد بناء حياتها في بلد اللجوء لبنان من الصفر، قدّم الوالدان ويقدّمان فيها الكثير من التضحيات، في سبيل تأمين الاستقرار لأولادهما الثلاثة، وامتصاص المشكلات والمعاناة، حتى لا تؤثر في مستقبل الأولاد. وهو محظوظ أيضاً لكونه تلميذاً في مدرسة خاصة، يولي فيها الأساتذة اهتمامهم لتلامذتهم، ويجتهدون في رفع مستواهم العلمي، وتنمية مواهبهم. لذلك كان "أصعب القرارات" لوالدَي أحمد إيجاد المدارس المناسبة لأولادهما. وقد وقع اختيارهما على مدارس الأزهر، بعد إنهاء أحمد دراسته في مدرسة المقاصد، ليس فقط تحقيقاً لرغبته في أن يكون مع رفاقه، بل أيضاً لأنها تُجري امتحان دخول للتلامذة الجدد قبل التحاقهم بها.

اعتصام حول أزمة القروض السكنية شارك فيه 3 نواب: صغنا إقتراح قانون معجل مكرر لتأمين الأموال اللازمة

"العلم والثقافة يمثّلان حصانة للإنسان، يستعين بهما على ظروفه مهما تقلّبت"، تلك هي خلاصة قصة أحمد أكرم زيادة وعائلته، تلميذاً متفوّقاً لعائلة سورية لاجئة، ومثالاً على ضرورة أن يحظى كل الأطفال السوريين اللاجئين بفرصة التعلم والمتابعة، "التفوق لا يعترف بالأعمار ولا بالجنسيات"، يقول والد أحمد، بل يحتاج إلى أن نخلق له الظروف الملائمة.


تعليقات: