أمراء الحرب وضريبة العفو العام


حين تبدأ حرب ما لا بدّ أن تأتي لها نهاية. النهايات تكون بانتصار طرف على طرف آخر، أو بانهيار الطرفين وبروز قوّة ثالثة من رحم الحرب، أو بمصالحة تقوم على مراجعة سياسية تقترن بتحقيقات في جرائم الحرب وتقديم المسؤولين عنها إلى المحاكمة. وإذا حدث أن انتهى الأمر بـ«تبويس اللحى»، يقترن ذلك باعتذار يقدّمه أمراء الحرب إلى من بقي حيّاً من شعبهم.

لم يحدث شيء من هذا كلّه في لبنان. اندلعت الحرب. انتهت الحرب. احتفظ الأمراء بمناطقهم المسوّرة، وأعلنوها إقطاعات تحت سلطة الدولة. ووقف شاويش رسميّ على باب كلّ إقطاع، إيهاماً ببسط سلطة الدولة. خلع القادة بزّاتهم العسكريّة، وارتدوا بذلات وزاريّة. استدعوا قادتهم الميدانيّين وصنعوا منهم نوّاباً. احتفظوا طبعاً بغنائم الحرب، ثمّ جلسوا يتقاسمون موازنات الدولة. وحين رأوا أنّها لا تكفيهم، جاء من يستدين باسم الدولة ليزيد خيرَهم خيراً.

ما دام الوضع كذلك، فما المانع من حرب أهليّة جديدة تنتهي مرّة أخرى بـ«لا غالب ولا مغلوب» و«لا مجرم ولا ضحيّة»؟

ما المانع من حرب أهليّة جديدة ما دامت الطوائف سعيدة بأمراء حروبها السابقة، ومستعدّة للتضحية بالروح وبالدم من أجلهم مرّة أخرى.

ما المانع ما دام الليبراليّون في هذه البلاد أشدّ حماسة للحرب من المتطرّفين؟ فالقيم السامية التي يحملونها تحتاج إلى سواعد تدافع عنها!

تعليقات: