ماذا يحدث في كواليس التمديد لـ«اليونيفيل»؟

لم يتضح بعد الموقف الذي ستتبنّاه واشنطن في جلسة التمديد لقوات «اليونيفيل»
لم يتضح بعد الموقف الذي ستتبنّاه واشنطن في جلسة التمديد لقوات «اليونيفيل»


«لا حكومة خلال تموز».. بهذه العبارة أوجز مرجعٌ سياسي كبير عائد من الخارج، ردَّه على سيل أسئلة مساعديه الذين أستفسروا عمّا اذا كانت لديه «كلمة سر» توقيت تأليف الحكومة العتيدة.

ويبدو من وجهة نظر متابعين لملف تأليف الحكومة، أنّ هناك ما يشبه عملية إبطاء لملفات، وعلى رأسها التأليف الحكومي، في مقابل أنّ هناك عملية تسخين لملفات أخرى في البلد، وعلى رأسها ملفا النازحين السوريين والتحضير الداخلي والخارجي لجلسة تمديد ولاية قوات «اليونيفيل» في منطقة عمليات القرار 1701 في جنوب لبنان التي سيحين موعدُها في الأمم المتحدة نهايات آب المقبل.

وتظهر حصيلة أحدث المعلومات المسرَّبة عن التحضيرات لجلسة تمديد ولاية القبعات الزرق، التوجّهات والمؤشرات الآتية:

ـ أولاً، حتى اللحظة لم يتّضح بعد ما هو الموقف الذي ستتبنّاه الإدارة الاميركية في النقاشات في الامم المتحدة خلال جلسة تمديد ولاية اليونيفيل لسنة جديدة. ولكنّ عمليات جسّ النبض الأوّلية تؤشر الى أنّ الموقف الاميركي سيحفل هذه السنة، بنوع من الليونة تجاه هذا الملف، قياساً بموقفها العام الفائت الذي اتّسم بالتشدّد وبالنزوع لتعديل قواعد اشتباك عمل اليونيفيل والمطالبة بتوسيع نطاق عمليات تفتيشها عن سلاح «حزب الله»، بحيث تشمل الأحياء داخل قرى وبلدات تقع ضمن نطاق قطاع عمليات القرار 1701.

وفي التفاصيل يتّضح أنّ هناك قضيتين اثنتين تحظيان منذ الآن باهتمام المولجين التحضير لجلسة التمديد لولاية اليونيفيل سنة جديدة:

ـ القضية الاولى، تتعلق بوجود نوع من نزاع الإرادات حول انتقاء اسم وجنسية القائد الجديد لـ»اليونيفيل». فواشنطن ترغب بتسمية «قائد فنلندي»، بينما الامين العام للأمم المتحدة لديه حسابات مهنيّة وغير سياسية لتحديد هوية القائد الجديد، وبالتالي فهو أكثر ميلاً الى تسمية واحد من ضابطين، الأول الإسباني الجنرال رومبرو ماري (قائد القطاع الشرقي حالياً في اليونيفيل)، ذلك أنّ نسبة القوة الإسبانية هي الثالثة من حيث العدد بين مجموع كل القوة المشاركة في اليونيفيل، والثاني الإيطالي الجنرال أنطونيو بيتيلي ( قائد القطاع الغربي في منطقة الـ1701 منذ عام 2012)، ومعروف أنّ إيطاليا مشارِكة بأكبر قوة من القبعات الزرقاء، فيما القوة الفنلندية التي تطالب أميركا بأن تكون جنسية القائد الجديد لـ»اليونيفيل» تحتلّ المرتبة ما قبل الاخيرة في سلم عديد جنسيات قوة «اليونيفيل».

ـ القضية الثانية، تتصل بمزانية «اليونيفيل»، وذلك على ضوء وجود إتّجاه أميركي الى تخفيض مساهماتها في تمويل كل عمليات حفظ السلام التي تنفّذها الأمم المتحدة في العالم. وبحسب معلومات لـ»الجمهورية»، أنّ المتوقع أن يصل خلال فترة قريبة الى بيروت الديبلوماسي الأميركي المكلّف متابعة ملف لبنان في الامم المتحدة ويل وجنر وسيخصّص زيارته للإطّلاع عن كثب على الوضع الميداني في منطقة عمليات «اليونيفيل».

وبنتجية زيارته سيرفع تقريراً الى بلده خلال فترة ما قبل عقد جلسة التمديد لـ«اليونيفيل» في آب المقبل، يبيّن فيه ما إذا كان هناك تقدّمٌ تُحرزه القبعات الزرقاء في تنفيذ المهمات الموكلة بها بموجب القرار 1701. وفي انتظار زيارة وجنر المرتقبة باهتمام بالغ من قيادة «اليونيفيل» والدولة اللبنانية على حدٍّ سواء، نظراً الى تأثيرات التقرير الذي سيعدّه في توجّهات الموقف الاميركي خلال جلسة آب المقبل، سيظلّ الموقف الذي ستتّخذه واشنطن في تلك الجلسة محلَّ تساؤلات عن بعض جوانبه، وتحديداً ما إذا كانت إدارة ترامب ستتعامل مع مسألة التمديد بصفتها إجراءً روتينياً، وبالتالي لا تحمّله اعباءَ وشروطاً سياسية جديدة تنسجم مع تصعيدها القائم حالياً ضد إيران و«حزب الله»، وعمّا اذا كانت، من جهة ثانية، ستترك في النهاية مسألة البتّ بجنسيّة واسم القائد الجديد لـ«اليونيفيل» في يد الأمين العام للأمم المتحدة بصفتها من إختصاصه، أم أنها ستفرض مرشّحها لهذا المنصب، تحت مبرّر أنّ ذلك يمثل إحدى الضمانات التي تطلبها (أي واشنطن) للتأكّد من أنّ التوجّهَ الميداني المقبل لـ»اليونيفيل» لن يحابي أو يراعي حضور «حزب الله» غير المرئي في منطقة عمليات القرار 1701.

ـ ثالثاً، وضمن التحضيرات لجلسة آب المقبل في الأمم المتحدة، تتّضح أكثر الخلفيات التي تتحكّم بالتوجّه الى تشكيل فوج جديد تابع للجيش اللبناني يُتوقع أن يباشر قريباً تنفيذَ مهمّات محدّدة في منطقة عمليات القرار 1701. ووفق المعلومات، فإنّ المساعي جارية منذ فترة، لإنشاء ما يُصطلح على تسميته في قيادتي الجيش اللبناني والقوات الدولية والامم المتحدة «الفوج النموذحي» الذي سينتشر داخل منطقة جنوب الليطاني حيث توجد قوات «اليونيفيل»، وهو سيتشكّل من عناصر منتقاة من أفواج الجيش اللبناني وألويته.

وتنفي مصادر متابعة لتنفيذ هذه الفكرة، أن يكون طلبُ إنشاء الفوج النموذجي، قد ورد ـ كما شاع في كواليس بعض القوى السياسية- من واشنطن، وتؤكّد أنّ فكرته مشترَكة بين الأمم المتحدة وقيادتي «القبعات الزرقاء» والجيش اللبناني. وتؤكد ايضاً أنّ المهمات التي ستُناط به في منطقة جنوب الليطاني، ليست ذات صلة بعمليات أمنية أوعسكرية أو أيّ توجّه سياسي جديد لتغيير قواعد الاشتباك للقرار 1701، بل تقع مهمة هذا الفوج تحديداً في تنفيذ مهمات لوجستية ـ إنسانية تتصل بحاجات التعاون بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني والمواطنين من أبناء منطقة جنوب الليطاني.

تعليقات: