عبّاس ابراهيم.. و«مكافحة الإرهاب»

المديري العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم
المديري العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم


هل هو الهدوء تحضيراً للعاصفة؟

يتفق كل الذين شاركوا في مؤتمر «اندحار الإرهاب وتأثيره على القارة الإفريقية» الذي نظمته المديرية العامة للأمن العام باشراف مباشر من مديره العام اللواء عباس ابراهيم على القول انه كان مؤتمراً ناجحاً ومميزآ ولافتآ بكل المقاييس، إن لناحية الإعداد والتنظيم الذي كان على درجة عالية من المهنية والحرفية والدقة والإتقان، وان لناحية حجم الدول الافريقية المشاركة ومستوى تمثيل هذه الدول في المؤتمر، أو لناحية جدول الأعمال والجلسات ونوعية المواضيع والمسائل التي طرحت على طاولة البحث والنقاش، أو لناحية النتائج وتحقيق الأهداف التي من أجلها عقد هذا المؤتمر الأول من نوعه وحجمه في لبنان...

ليست المرة الأولى التي يتصدى فيها "الأمن العام" لمسألة مكافحة الإرهاب ولكنها المرة الأولى التي يكون فيها التصدي "أكاديمياً وفكرياً" والتي ينظم فيها الأمن العام مؤتمراً رعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضره اضافة الى المدعويين الرسميين قادة اجهزة مكافحة الارهاب من الدول الافريقية حشد من الديبلوماسيين والباحثين والخبراء والاختصاصيين اللبنانيين والاجانب والأمنيين والمغتربين وشهد مداولات ومداخلات قيمة امتدت على يومين وخلص إلى توصيات ومقررات عملية ستكون بمثابة مرجع ومستند لكل الحكومات والدول التي يقض الإرهاب مضجعها وتحتاج إلى هذه التوصيات وهذه القيمة المضافة في عملية مكافحة الإرهاب واجتثاث خطره وتجفيف مصادر تمويله... ولعل الميزة الأولى واللافتة في هذا المؤتمر تكمن في عنوانه وهدفه عندما يذهب في أعماله ومناقشاته إلى أبعد من لبنان والمنطقة العربية ليصل إلى القارة الإفريقية.

ولا داعي هنا للاستغراب والاندهاش لماذا افريقيا؟ بكل بساطة، لأن هناك حوالي 400 ألف لبناني ينتشرون في بلدان إفريقيا، ومن أدنى واجباتنا كلبنانيين أن نحافظ على أمن واستقرار البلدان التي تحتضن المغتربين اللبنانيين، كما قال اللواء عباس إبراهيم في كلمته في اختتام أعمال المؤتمر واضعاً كل "إمكانات الأمن العام وخبراته بتصرف أي دولة إفريقية للحفاظ على أمنها واستقرارها"...

إنه إنجاز جديد يضاف إلى سجل الأمن العام الحافل بالإنجازات على كافة الأصعدة والمستويات، من تحديث المؤسسة وإدارتها وتطوير عملها ورفع مستوى الخدمات فيها، إلى تحسين العلاقة بين الأمن العام والمواطنين وعلى قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات، إلى الاضطلاع بدور فاعل ومؤثر في الملفات الوطنية وكل ما له علاقة بخدمة الإنسان والمجتمع، من دون إغفال مسألة التصدي للإرهاب كمصدر خطر وتهديد أول للأمن والاستقرار، ومع هذا المؤتمر فإن الأمن العام يعطي لهذه المسألة أبعاداً دولية مثبتاً أن اهتماماته وقدراته تتجاوز لبنان وتعطي هذا البلد الصغير دوراً كبيراً في مكافحة الإرهاب والمساهمة في إيجاد إطار عملي لهذه المحاربة وعلى أسس واضحة وأرضية صلبة.

كل ذلك ما كان ليتحقق لولا اللواء عباس إبراهيم هذا الرجل الساهر والواعي على امن اللبنانيين في طريقة إدارته الحازمة للأمور والملفات ونظرته الثاقبة إلى مكامن الخطر والتهديدات وترتيبه للأولويات التي تتصدرها أولوية الحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة الجهات المتربصة بهما.

لقد كان عباس إبراهيم سباقاً إلى تحديد عدوين خطرين يتربصان بلبنان هما إسرائيل والإرهاب، وكان السباق إلى مساواة خطر الإرهاب بالخطر الإسرائيلي، وعمل على ترجمة هذه القناعة عملياً إن لجهة الإدارة الحازمة لملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل والتصدي للخروقات الإسرائيلية على طول الخط الأزرق، أو لجهة تعزيز قدرات الأمن العام في مجال مكافحة الإرهاب ورفع مستوى الخبرات التدريبية والتكنولوجية ورفع مستوى التعاون والتبادل مع الأجهزة الأمنية في الدول المهتمة بموضوع الإرهاب.

وهذا التوجه أكد عليه هذا الرجل بكل حزم في كلمته أمام المؤتمر التي كانت بمثابة وثيقة "أمنية- فكرية" بشأن الإرهاب وأخطاره وطرق محاربته.

فقد حذر اللواء عباس ابراهيم من أن الجماعات الإرهابية أصبحت عابرة لحدود الدول والقارات ونبّه إلى استحالة عزل تمدد تلك الجماعات عن عوامل التهميش السياسي والاقتصادي والصراعات القبلية والاثنية مشيراً إلى أن الواقع الإفريقي يحمل الكثير من الأزمات والمشكلات التي توفر بيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة وانتقالها بين

مناطق ودول... وبرزت ايضآ في كلمة اللواء إبراهيم دعوته إلى وجوب الانتقال إلى مرحلة مهاجمة الإرهاب في أوكاره والعمل على منع انتقال الإرهابيين وتقطيع أوصالهم وخطوط تواصلهم وإمداداتهم وحرمانهم مواردهم التي تعزز إيديولوجياتهم وتغذي إرهابهم واعتماد إجراءات موحدة لتبادل المعلومات الاستخباراتية والبيانات والمعارف لتحقيق الأمن والاستقرار...

المؤتمر شهد كلمات ونقاشات ومداخلات قيمة ولكنه لم يقف عند حدود الكلام وإنما خلص إلى توصيات عملية ومهمة ستكون هي الأساس المعتمد في الخطط المستقبلية لمحاربة الإرهاب.

من هنا ولأن لبنان واعٍ تماماً لخطورة الإرهاب ومدرك لأهمية وضرورة محاربته استباقياً ووقائياً فإنه ينعم باستقرار أمني قل نظيره في المنطقة والعالم، وهذه الخطة الناجحة يصدّرها إلى دول العالم واضعاً خبراته الغنية وإمكاناته المتواضعة في تصرفها...

وفي الختام يمكننا ان نردد ما قاله احد كبار الشخصيات العسكرية الافريقية البارزة المشاركة في نهاية المؤتمر هنيئاً للبنان ب عباس إبراهيم...

تعليقات: