الشيخ محمد قانصو: رسالة الأمس الشعبية..


رسالة الأمس الشعبية العفوية لم تكن من صنع السفارات ولم تكن وراءها أيدي الموساد الإسرائيلي، ولم تكن مدعومة بالأساطيل الأميركية، ولم تحظ بدعم مالي من البنك الدولي.. رسالة الأمس كانت صرخة شعبية أطلقها الفقراء، الأطفال، المسنون، الشباب اللبناني ومن كل لبنان !..

رسالة الأمس خذلتها أحزاب الطوائف، مكونات السلطة الحاكمة الظالمة المستخفة بهموم الناس وأوجاعهم، تجاهلها ووهنها الإعلام التجاري الرخيص، إلا بعض إعلام حرّ انحاز إلى الفقراء وحمل معاناتهم عبر الأثير ..

رسالة الأمس كانت إحراجاً كبيراً لكل المتشدقين بمحبة الوطن، لكل أصحاب الشعارات الفضفاضة، لكل الذين يدعون العصامية والنزاهة والتفاني في خدمة الناس ..

رسالة الأمس كانت إعلاناً واضحاُ أن مقاومة الفقر والحرمان والبطالة أولوية أولى، وأنّ مجتمعاً يئن من الجوع والعوز ويضج بالفوضى والجريمة ويسعى أبناؤه للهجرة لن يقوى على الصمود أمام تحديات الأعداء المتربصين بحدود شرّا.

رسالة الأمس الشعبية كانت إنذاراً بولادة وعي جديد تتوحد فيه الهموم وتلتقي فيه المطالب بعيداً عن كل أطياف الاختلاف التي كانت وما زالت العائق الأول أمام وحدة الناس واجتماعهم على المطالبة بحقوقهم المشروعة المكتسبة ..

رسالة الأمس الشعبية كانت حجة على الصامتين والمتفرجين والمأخوذين بالوعود، كانت تأكيداً على أن الحقوق والمطالب لا تنال بالتمني أو التنظير بل بالوعي والتعبير..

رسالة الأمس كانت كفراً بالمألوف في تعاطي اللبناني مع زعمائه، كفراً بالخضوع والتذلل، كفراً بالقداسة والتبجيل، كفراً ورفضاً للاستغباء والاسترقاق وإيذاناً بأن موعد المحاسبة بات قريبا ..

رسالة الأمس كانت تطميناً للمخمليين وحماة البيئة والمزايدين بأنّ الذين تظاهروا بالأمس كانوا حضاريين كفاية، بل فاقوا أكثر دول العالم حضارة، فلم يحرقوا ولم يكسروا ولم ينهبوا ولم يعتدوا على عسكري أو مدني، بل كانوا نموذجاً للتعبير الراقي رغم افتقادهم للقيادة والتنظيم ..

رسالة الأمس الشعبية كانت بداية لبنانية جديدة نأمل أن تعيد لنا الأمل بلبنان جديد ..

*الشيخ محمد أسعد قانصو

٢٤/ ١٢/ ٢٠١٨

تعليقات: