فلنتذكر لاجئي الخيم.. الصقيع قاتل كالرصاص


في مشهد يتكرر كل عام ومع تجدد العواصف الثلجية، تبرز الى الواجهة معاناة اللاجئين السوريين وتزداد عن حدودها حين يحل الصقيع ضيفاً ثقيلاً بلا استئذان على مخيماتهم. تغرق الأقدام بطبقات #الثلوج المحيطة بالخيم في بر الياس و#عرسال وغيرهما، في مخيمات منتشرة في أكثر من منطقة لبنانية. خيم لا تفصلها عن درجات حرارة تتدنى عن "الصفر" في بعض الأحيان سوى عازل من النايلون أو القماش. بعض الخيم اجتاحتها المياه وأتت على الفرش والملابس والأغطية التي تعتبر من وسائل التدفئة الأساسية في مثل هذه التجمعات إلى جانب المدافىء التي تتوقف عن العمل لنقصٍ حادٍ في المحروقات المخصصة لها كالمازوت.

المشهد ليس من نسج الخيال، ولا نحن في صدد المبالغة لشحذ عواطف جهات ومنظمات ودول تخلّت عن #اللاجئين في حالات الطوارىء هذه وقبلها عندما توقفت عن تقديم المساعدات لهم. مشهد ينقله "ابو أحمد" من لجنة "صوت اللاجىء السوري في لبنان". أما بلدية المدينة فتتعاون مع مسؤولي #المخيمات لاعانة اللاجئين، كذلك تتعاون مع فرق إغاثة لفتح الطرقات وصولاً إلى مخيمات النزوح بحسب ما أكدت نائبة رئيس البلدية ريما كرنبي لـ"النهار"، مشيرة إلى أن 30 خيمة تعرضت لأضرار كبيرة. وفي حين أن المخيمات ليست مجهّزة لتحمّل كميات الثلوج والمياه المتساقطة، تلفت كرنبي إلى نقصٍ حادٍ في المساعدات وفي مادة المازوت تحديدا عما كانت عليه سابقاً. بين الحين والآخر يضطر أهالي المخيم للخروج وجرف الثلوج عن خيمهم. وبما أن الأحوال الجوية تتجه نحو الأسوء، شكلّت البلدية لجنة طوارىء مع الجمعيات الموجودة في المدينة لتقديم المساعدات الممكنة بحسب ما أفادت كرنبي التي نفت خبر وفاة طفلة لاجئة بسبب البرد القارس كما يشاع رغم سوء الاوضاع وتدهورها.

يسكن اللاجئون في خيم من صفيح وبلاسيتك، تفتقر الى أبسط مقومات الحياة. بعضها يتهاوى تحت ثقل الثلج المتراكم عليه، يتضرر من في الداخل، "هناك حالات صحية هي إما كسور أو رضوض"، بحسب أبو أحمد. يسرع الجيران الى تثبيت خيمهم المهتزّة تفادياً لمصير مماثل لجيرانهم، لكن الخيمة التي لا تسقط اليوم ستسقط غداً مع اشتداد العاصفة وتراكم كميات جديدة من الثلوج أو في عاصفة مقبلة، في مشهد مأسوي اعتدنا تكراره للأسف. منذ أيام والثلوج تتساقط على مخيمات اللجوء، يتحدث ابو أحمد عن نقص حاد في المواد الغذائية وتحديداً الخبز، وعن الحاجة الماسة للمحروقات اللازمة للتدفئة "المازوت"، كما تحدّث عن أحوال صحية متردية لدى الأطفال وكبار السن كنزلات بردية بسبب تدني درجات الحرارة وانعدام التدفئة والثياب الضرورية للاطفال والاغطية.

لم ترأف "نورما" بلاجئي الخيم، فاجتاح صقيعها 130 مخيماً في عرسال تأوي 56 الف نسمة، معظمهم من النساء والأطفال (7000) لا ينامون الليل، فالبرد هنا قارس والمياه تتدفق عليهم من كل صوب ووسط بطء تدخل المنظمات لم يكن أمامهم سوى احراق "الكاوتشوك" وبعض المواد القابلة للاشتعال بحثا عن التدفئة وهرباً من "موتٍ بارد" خطف في السنوات الماضية بعض اطفال المخيم ليصبح البرد هنا كالرصاص قاتل.

أما مسؤولو المخيمات فناشدوا الدولة اللبنانية ومنظمات الاغاثة وتحديداً الأمم المتحدة، للتدخل السريع تجنباً لتكرار مآسي الماضي، وللغاية يترقّب هؤلاء ما ستؤول اليه الأمور في الساعات والأيام المقبلة، وقد يكون خيار نقل اللاجئين إلى المساجد، والتجمعات السكنية بالتنسيق مع البلدية هو الأوفر حظاً، على حد قول ابو أحمد.

وفي سياق متصل، تمكّن عناصر الصليب الاحمر اللبناني، بإشراف ومتابعة من محافظ عكار عماد لبكي، من إجلاء قاطني أكبر المخيمات للاجئين السوريين في بلدة السماقية الحدودية (002)، عند الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير، والذي يضم أكثر من مئة عائلة سورية، أي ما يزيد على خمسمئة شخص، إجتاحت سيول مياه النهر الكبير خيمهم وخربتها.

وتولت سيارات الصليب الأحمر نقل القسم الاكبر منهم، الى عدد من المخيمات البعيدة عن مخاطر السيول، في حين جرى نقل 150 شخصا إلى مدرسة حكر الضاهري الرسمية، التي أمر المحافظ بفتحها لاستقبالهم خلال هذه الفترة، لحين إنتهاء العاصفة وإيجاد البديل الملائم، لبناء مخيم لهم بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي عملت بالتعاون مع الصليب الأحمر، على توزيع البطانيات والفرش لهذه العائلات. ويشار الى أن مدرسة السماقية الرسمية كانت قد استقبلت ايضا حوالى 325 شخصا من اللاجئين، الذين عمل الصليب الاحمر على إجلائهم صباح اليوم من 4 مخيمات واقعة ايضا، في خراج بلدة السماقية.

من جهته ناشد وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووزارة الشؤون الاجتماعية لإنقاذ العائلات التي طافت خيامها في مخيم رقم 040 ومخيم 034 في منطقة حوش الحريمي في البقاع الغربي.













تعليقات: