قطة تسلّلت إلى طائرة إنطلقت من بيروت إلى لندن

قطة يحملها صاحبها خلال المعرض الدولي للقطط في سان خوسيه بكوستاريكا في 13 ك1 2018 (أ ف ب)
قطة يحملها صاحبها خلال المعرض الدولي للقطط في سان خوسيه بكوستاريكا في 13 ك1 2018 (أ ف ب)


القصة سوريالية، مفاجِئة جدا. "قطة المقهى في مطار بيروت تتسلل الى طائرة، وتسافر بين الحقائب الى انكلترا". الرحلة التي استقلتها هي لـ"طيران الامارات"، وفقا للزعم. عند الوصول الى انكلترا، تم اكتشاف امرها، و"تسلمتها السلطات الامنية البريطانية وسمتها Casa (كازا) وعرضتها للتبني". والنهاية سعيدة. "كازا تبنتها عائلة بريطانية، وتعيش معها اليوم".

منذ نشر بوست القطة اللبنانية، و"القصة حقيقية"، وفقا للزعم، تفاعل لبنانيون كثيرون مع "كازا"، تعليقا ومشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي. "حتى بين الحيوانات هناك حظوظ"، "تعو شوفو!"، "نيالها"، "الله يجمّل حظي مثل حظة هالقطة"، "يا ربي كون مكانها"، و"سبحان الله حتى القطة هاجرت من لبنان"، "ليكي مللا حظ"، "الله يسعدها"، "تخيلو انو هيدا الكات مبسوطة اكثر منا"، و"تحية للقطة كازا، لانها ذكية وطموحة وتسعى الى تأمين مستقبلها عوضاً عن البهدلة في هذا البلد"...

عشرات وجوه الايموجي الضاحكة والقهقهات أضيفت الى التعليقات، في مقابل تعليقات قليلة جدا شككت في صحة القصة برمتها، و"شو هالتفنيص"! "انو معقول؟"، "ع اساس في طيران امارات من بيروت لبرمنغهام"! القصة تردد صداها بعدما نشرتها صفحات لبنانية وتناقلتها في "الفايسبوك". وقد أُعلِمَت بها "#طيران_الامارات" ومطار رفيق الحريري الدولي. هل قصة "كازا" حقيقية؟ ماذا تقول "طيران الامارات" بهذا الشأن؟ وماذا وجدنا في برمنغهام؟

النتيجة: اولا قصة "#كازا" هي نسخٌ فاضح لقصة عن قط مصري سمي "#كايرو"، سافر بالفعل من القاهرة الى برمنغهام عام 2015. وقد نشرت تفاصيل قصته يومذاك صحف ومواقع اخبارية بريطانية. وهذا النسخ يجعل من "كازا" في البوست اللبناني كذبة، قطاً غير موجود. يضاف الى ذلك، تأكيد من "طيران الامارات" لـ"النهار"، ان قصة "كازا" "خيال كاتب ساخر أراد أن يتسلى"، لافتة الى "أنها لا تشغّل رحلات مباشرة من بيروت إلى برمنغهام".

"النهار" سألت ودقّقت من أجلكم

الوقائع: البوست انتشر بسرعة في اليومين الماضيين على صفحات وحسابات لبنانية على وسائل التواصل الاجتماعي. "قطة صغيرة مشردة عمرها شهر ونصف الشهر تقريبا كانت تتجول ﻓـﻲ مطار بيروت بين النفايات في مقهى ﺍلمطار. بالمصادفة، دخلت طائرة تابعة للخطوط الجوية ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺗﻴﺔ كانت متوجهة ﻣﻦ بيروت الى #برمنغهام ﻓـﻲ انكلترا. بالفعل، تحركت ﺍلطائرة ﻭﺍلقطة في داخلها طوال الرحلة. ووصلت الطائرة الى #انكلترا، حيث لاحظ ﻋﻤﺎﻝ المطار ﺍلقطة وسط ﺍﻟحقائب، وأبلغوا ﺃﻣﻦ المطار الذي أخذ ﺍﻟقطة وسلمها الى ﺇﺩﺍﺭﺓ الطب البيطري ﻓـﻲ برمنغهام لوضعها ﺗحت المراقبة الطبية والنفسية لمدة 14 يوما، وتأمين التغذية الجيدة لها، للتأكد من أﻧﻬﺎ لا تعاني امراضا وأنها بصحة جيدة. وقد عرضت الخطوط ﺍﻹماراتية أن ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺗكلفة ﺍلكشف الطبي على ﺍﻟقطة، باعتبار أنها راكبة ﻣﻦ ركاب الشركة. لكن السلطات ﻓﻲ برمنغهام اصرت ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ تعامل قطط برمنغهام، واطلقت عليها اسم: casa. بعد انتهاء مدة المراقبة الطبية، عرضت القطة للتبني. ﻭبالفعل، تم نشر ﺇﻋﻼﻥ وجهته الى الاسر الانكليزية عن casa. وتلقت السلطات طلبات عدة للتبني ﻓﻲ أقل من اسبوع". واضاف البوست: "ﺍﻟقطة ﺍﻟﻤﺸﺮﺩﺓ ﻓﻲ مقهى مطار بيروت ﺳﺎﻓﺮﺕ الى بريطانيا، وتلقت أفضل علاج، واعطوها اسما، وﺍﺧذﺕ ﺟﻨﺴﻴﺔ، وتعيش ﻣﻊ ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻧكليزﻳﺔ. بتقولو أرزاق. ربي يحميها من العين، ويستر عليها. شي بيقهر. تنبسط للحيوان، ومنزعل ع حالنا. ما عاد فيي كفي".

وقد ارفق البوست بصورة لقط، مع الاشارة الى غياب اي ذكر لمصدر تم الاستناد اليه في القصة.

التدقيق:

-بموجب البحث على الانترنت، يبتين ان القصة ذاتها سبق ان نشرتها صفحات مصرية على "الفايسبوك" قبل اعوام عدة. انها المعلومات نفسها، والخطوط الجوية ذاتها، "طيران الامارات"، لكن تفاصيل عدة كانت مختلفة: المكان مطار القاهرة (بدلا من مطار بيروت في البوست اللبناني)، والرحلة من القاهرة (بدلا من بيروت) الى برمنغهام، واسم القط "كايرو" (بدلا من كازا وفقا للبوست اللبناني).

-للسائلين، قصة القطة المصرية الصغيرة التي تسللت في رحلة لطيران الامارات من القاهرة الى برمنغهام حقيقية، وقد نُشرت وقائعها في ت1 2015. فالى جانب مقالات مصرية عن مغامرة "كايرو" واشتعال تعليقات المصريين عليها يومذاك في وسائل التواصل الاجتماعي، كتبت بدورها صحف ومواقع اخبارية بريطانية عدة ابتداء من 6 ت1 2015، عن هذا القط المصري المحظوظ الذي "تحمّل البرد الشديد في مقطورة الشحن (كارغو)" طوال رحلة لـ"طيران الامارات" من القاهرة الى برمنغهام. وعند الوصول الى مطار برمنغهام، "عُثر عليه في شحنة للفواكه، وقد انقذه مركز "Lina’s Cat Rescue" في دربي"، وفقا لموقع هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية "بي.بي.سي".

-في الرواية البريطانية عن "كايرو"- وسمّي هكذا نسبة الى القاهرة بالانكليزية- نجد تفاصيل اخرى لم تذكرها الرواية المصرية، واحيانا مغالطات وقع فيها البوست المصري. "عُثر على كايرو في شحنة للفواكه"، في مطار برمنغهام في 27 آب 2015، وفقا لـ"دايلي مايل" (6 ت1 2015)، لدى وصول رحلة لـ"طيران الامارات" آتية من القاهرة.

و"كان من المقرر قتله قتلا رحيما"، وفقا لـ"بي بي سي"، غير انه بعد "اتصال اجراه مجلس سوليهول (Solihull Council)، أخذ مركز "Lina’s Cat Rescue" القط تحت رعايته، ضمن سياسة "عدم قتل" القطط التي تتمتع بصحة جيدة". وقد عرضت "طيران الامارات" يومذاك "تغطية تكاليف اقامة كايرو في الحجر الصحي طوال 3 اشهر"، وفقا للـ"بي بي سي". ونقلت عن مؤسِّسة المركز شيريل ليوناردي (7 ت1 2105) "اننا ممتنون جدا لطيران الإمارات لتمويلها تكاليف الحجر الصحي، مما يعني أنه يمكن الآن إنفاق هذا المال على القطط الأخرى المحتاجة التي هي في رعايتنا". و"لدى كايرو ثلاثة أشهر أخرى في الحجر الصحي، قبل أن يصبح في رعايتنا. لكننا سنذهب لزيارته، ويسرنا أن نعلن أنه يستقر في شكل جيد للغاية".

-الآن، ماذا عن "كازا" اللبناني الذي يصادف في شكل غريب جدا ان قصته هي القصة نفسها لـ"كايرو" المصري؟

ردا على سؤال "النهار"، تقول دائرة الإعلام في المكتب الرئيسي لطيران الإمارات الآتي: "تنفي طيران الإمارات هذه القصة جملة وتفصيلاً (لا يمكن أن نسميها خبراً!). من الواضح أنها نتاج خيال كاتب ساخر أراد أن يتسلى عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم أننا لا نريد الدخول في تفاصيل القصة، إلا أنه من المفيد تبيان أن طيران الإمارات لا تشغل رحلات مباشرة من بيروت إلى برمنغهام".

-ملاحظة: صورة القط الذي ينظر من نافذة الطائرة، والمرفقة بالبوست على بعض الصفحات اللبنانية، تعود لقطة تركية شهيرة اسمها "ميشكا"، و"تحب السفر"، وتعيش مع صاحبتها الطالبة بيلين في مدينة دنيزلي جنوب غرب تركيا، وفقا لموقع "لوتو ذو كات" (12 تموز 2018) الذي خصص صفحة لينشر صورا لها خلال رحلاتها.

-بالنسبة الى صورة ثانية لقط اشقر صغير مرفق بالبوست اللبناني، يبيّن البحث عنه ان اسمه "Tuffy" (تافي). وقد نشرها وليم هاس على صفحته في موقع "فليكر" (Flickr) في 5 تموز 2010، شارحا ان "تافي كان ضمن مجموعة قطط وضعت في ملجأ للحيوانات، ثم أُمِّنت لها منازل لرعايتها". وطمأن الى ان "تافي وبقية قطط المجموعة تم تبنيها".

الصورة الاصلية للقط "تافي".

النتيجة: قصة "كازا" تنسخ في شكل فاضح قصة "كايرو"، القط المصري الذي سافر بالفعل من القاهرة الى برمنغهام عام 2015، وكتبت عنه الصحافة البريطانية. بحكم هذا النسخ الفاضح، وتأكيد "طيران الامارات" ان قصة "كازا" تلفيق، و"انها لا تسيّر رحلات مباشرة من بيروت الى برمنغهام"، تكون الرواية اللبنانية عن القطة "كازا" فبركة.

تعليقات: