لبنان يتحوّل مستودعاً يضمّ حوالى نصف مليون مولّد كهرباء


والمواطن يرزح تحت ضغط ارتفاع تسعيرة الفاتورتين

- اعتاد اللبنانيون على دفع الفواتير المزدوجة وأصبح دفع فاتورتين شهريا سمة أساسية من سمات العيش في لبنان، مرة للوزارة المختصة ومرة للمستفيدين من تقصير الدولة، وبين فاتورة الكهرباء واشتراك الموتور، وفاتورة المياه وفاتورة السيترن وثمن مياه الشرب وفاتورتي الهاتف الخليوي والثابت يبقى على المواطن ان يتحوّل راتبه الشهري مباشرة لدفع الفواتير.

وما زاد الطين بلّة في الآونة الأخيرة ارتفاع قيمة فاتورة المولد والتي وصلت الى 75 ألف ليرة لبنانية في بعض المناطق اللبنانية للخمسة أمبير. ولا شك ان الأزمة السياسية وتداعياتها الاقتصادية والأمنية ساهمت بشكل سلبي في حياة المواطن وعلى مستوى الخدمات المقدمة له والتي كانت متدنية أصلا قبل الأزمة الحالية، جراء انهماك الأطراف السياسية في المشاحنات والتلهي عن القضايا الأساسية في البلد كالكهرباء، والتي لا تزال الشغل الشاغل للبنانيين منذ انتهاء الحرب وحتى الآن، فما يكادون يخرجون من أزمة حتى يدخلون في أخرى، ويبقى التقنين المتواصل هاجسا يوميا لكل فئات الشعب وتمكن ملاحظة ذلك من انتشار مولدات الكهرباء الخاصة في الشوارع والأحياء بغية نشل المواطن من جحيم التقنين ولو اضطره الأمر لدفع فاتورتين، هذا مع الاشارة الى ان خطط الصلاح لقطاع الكهرباء رافقت كل وزارات الطاقة ولكنها لم تأخذ طريقها الى التنفيذ.

ولدى طرح حلّ الخصخصة عارضة الكثيرون وفي حال بقي هذا القطاع ملكا للدولة فلا شك ان وضعه سيزداد سوءا والنتيجة ان المواطن بخزينته العامة قد دفع 13 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 1990 وهو ما زال ينتظر خروجه من ظلمة التقنين الى نور الكهرباء.

كيف تنقسم الفاتورة الشهرية?

من المعلوم ان العديد من اللبنانيين يدفع فاتورتين لتأمين الكهرباء: الأولى لمؤسسة كهرباء لبنان والثانية للمولد، منذ أوائل التسعينات وحتى اليوم وخصوصا في ظلّ عدم وجود أي مؤشرات لحل هذه الأزمة تتزامن مع ظاهرة التهرّب من الجباية في بعض المناطق والسرقة والتعليق في مناطق أخرى.

ونتيجة هذه الفوضى يقع على المواطن عبء توفير فاتورتين الأولى خمسين دولارا مقابل خمسة أمبير، والثانية للكهرباء الرسمية ويمكن ان تتراوح بين أربعين وستين ألف ليرة.

وهنا لا بد من الاشارة الى الدراسة التي أجراها الخبير الاقتصادي الدكتور ميشال مرقص حول الكلفة التي يتكبدها اللبنانيون جراء الاشتراك بالمولد والضغط الذي يرزح تحته:

وبحسب الدراسة فقد ارتفعت هذه الكلفة من حوالى 300 دولار للأسرة سنويا في العام 1997 الى ما بين 460 دولاراً و500 دولار في العام 2005 أي ما يوازي 230 مليون دولار للأسر المشتركة بالانارة في المنازل والمحال والمؤسسات المشتركة، وفي موازاة ذلك هناك المؤسسات التي تملك مجموعات التوليد الخاصة بها وأهمها الأبنية التجارية والصناعية، المؤسسات والمستشفيات والفنادق، وما يجعل الانفاق على تأمين الطاقة من مصادر غير كهرباء لبنان يكلّف المواطن والوطن بين 800 مليون و1،2 مليار دولار سنويا.

ويشير مرقص في دراسته الى ان الانفاق في قطاع المولدات زاد في العام 2007 حوالى 40% نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وزيادة ساعات التقنين في الأشهر الأخيرة مما يجعل الكلفة السنوية للأسرة ترتفع اليوم الى حوالى 650 دولارا أميركيا، مع العلم ان المولدات الكهربائية الخاصة الموجودة في الأحياء تحدث ضجيجا وتلوثا وتعطي بين 300 و400 ميغاوات خارجة عن نطاق سيطرة الدولة فضلا عن انها لا تدفع الـ TVA ولا ضريبة الدخل، كما انها تفسد الأدوات الكهربائية في المنازل، هذا بالاضافة الى عدم وجود تسعيرة واحدة بالنسبة لاشتراكات المولدات من دون ان تتحمّل البلديات وبقية الجهات المختصة مسؤولياتها في إلزام أصحاب المولدات بتسعيرة واحدة خصوصا ان أصحاب المولدات أصبحوا يستغلون ارتفاع أسعار المحروقات ويعمدون الى المضاربة بينهم في الحي الواحد مما يؤدي الى انقلاب في تسعيرة المولدات.

ويبقى الحل (المستحيل) الذي يتمناه المواطن تأمين الكهرباء 24 ساعة والاستغناء عن اشتراكات المولدات نهائيا.

لمحة عن المولدات

بدأ اللبنانيون بتأمين التيار الكهربائي على مدار الساعة بدءا من الألفية الثالثة، عبر اللجوء الى الاشتراك لدى أصحاب المولدات الخاصة والذين تزايد عددهم كما تزايد مشتركوهم، وتزايدت مجموعات التوليد لدى عدد منهم حتى ان بعضهم حقق ثروة من الامتيازات الكهربائية التي حصل عليها بسبب تقاعس مؤسسة كهرباء لبنان والحكومات المتتالية عن ضبط أوضاعها.

ورغم ان أكثر من 370 ألف مولد كهربائي كان متوافرا بداية الألفية الثالثة، فان استيراد مثل هذه المجموعات لم يتوقف بين 2001 و2005 وهو اذا تراجع في 2002 و2003 فانه عاد الى الارتفاع في العامين 2004 و2005 والأعوام الأخيرة، فكانت الحصيلة 86785 مولدا تقريبا معظمها ذات قدرات تزيد على 75 كيلواط تمّ استيرادها في الفترة المشار اليها بمعدل 19 ألفا في السنة وهي بلغت 228 ألفا في 2004 و122 ألفا في الأشهر الأخيرة من العام 2005 وهناك احصائيات تشير الى ازدياد هذا العدد في السنوات الأخيرة جراء الطلب المتزايد عليها.

تعليقات: