حزب الله سلك مسار التقشّف الداخلي للمرة الأولى منذ تأسيسه


فرضت الولايات المتحدة رزمة من العقوبات الاقتصادية على حزب الله في تشرين الثاني الماضي بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران.


خلال الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس "هيئة دعم المقاومة الاسلامية"أمس الجمعة، بدأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باستذكار الذين بادروا إلى "القيام بهذا العمل المبارك والعظيم، خصوصاً حين كانت المقاومة في بداياتها، قليلة الامكانات. بذلوا جهودهم، وقاموا بكلّ النشاط اللازم، لجمع المال والدعم، لتتعاظم المقاومة وتنتصر".


وتوجه نصرالله بالشكر "إلى المسؤولين في الهيئة وإلى "كلّ الذين قدّموا الدعم والمتبرعين الذين ما بخلوا بالمال". وقال: البعض يعتقد أنّ الدعم الذي تتلقاه المقاومة "يقتصر على بعض الأصدقاء، كالجمهورية الإسلامية في إيران. ولكن هناك مساحة كبيرة تعتمد على دعم الناس، الدعم المبارك". وأضاف: إنّ من "أهم ما شكلته هيئة الدعم، هو الفرصة لتوسيع الجهاد. وهناك الجهاد بالمال، الذي تحتاج إليه أي مقاومة".


فما هي هيئة دعم المقاومة؟

هي "الصندوق" الذي يمول نشاطات حزب الله ويدفع ثمن الخدمات المعروضة في لبنان. ويقال إن الحزب يستعمل هذه الهيئة لجمع الأموال لمساندة نشاطاته العسكرية بشكل محدّد، وتذيع الهيئة الإعلانات على تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله مساندة للصندوق.


إجراءات تقشفية

منذ إعلان واشنطن انسحابها من الاتفاق النووي وإصدارها رزم عقوبات ضد طهران، بدأ حزب الله باعتباره جزءاً من المنظومة الإيرانية، اتّخاذ الاحتياطات بشكل تدريجي بالتوازي مع توسّع نطاق العقوبات.


وركّز بشكل أساسي على إعادة هيكلة للإدارة المالية من خلال القيام بمبادرات جديدة للإدارة المالية وتأمين مصادر تمويل مختلفة، إضافة إلى تنظيم الموازنات، وهو ما أشار إليه نصرالله أمس بقوله "بالصبر والتحمّل وحسن الإدارة وتنظيم الأولويات سنواجه العقوبات ويمكن أن نعبر هذه الحرب".


هذه الإجراءات-الاحتياطات باشر بها "حزب الله" وتحت عنوان "تدابير تقشّفية" منذ أن بدأ التصعيد بين الإدارة الأميركية وإيران بسبب استراتيجيتها في المنطقة، وهي تتّخذ منحى تصاعدياً بالتوازي مع اشتداد العقوبات وتضييق الطوق الاقتصادي حول عنق إيران.


أثر "التصفير" النفطي

وتقول مصادر مطّلعة لـ"العربية " إن حزب الله سلك مسار التقشّف الداخلي بعدما دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الاقتصادية على طهران حيّز التنفيذ مطلع تشرين الثاني الماضي، وشملت خصوصاً قطاع النفط إلى جانب قطاع المصارف ما أضعف قدرته المالية وأثّر على تمويله، لا سيما أن حوالي 700 مليون دولار من عائدات النفط كان يُنفقها النظام الإيراني سنوياً على "حزب الله"، باتت الآن "في خبر كان" نتيجة استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة تجاه إيران والتي تهدف إلى الوصول بالصادرات النفطية الإيرانية إلى المستوى "صفر"، أو ما يُعرف بالتصفير النفطي".


تخفيض رواتب

علامات أزمة العقوبات بدأت بالظهور داخل "حزب الله"، بحسب العربية، من خلال خطوات "تقشّفية" قررت اللجنة المركزية تنفيذها منذ انطلاق مسار العقوبات.


وقد طالت أولى تلك الإجراءات الأعضاء في "سرايا المقاومة" حيث تم تخفيض رواتبهم التي تُحدد حسب وظيفة كل عضو.


فالمتعاقد كان يتقاضى حوالي 400 دولار، والمتفرّغ (أعلى رتبة) نحو 600 دولار، إلا أن رواتبهم خُفّضت إلى النصف مع الإجراءات التقشفية.


وللمرة الأولى منذ تأسيس "حزب الله" قبل 36 عاماً، قلّصت رواتب المقاتلين (غير عناصر سرايا المقاومة) في صفوفه بنسبة 30 بالمئة، وتم اقتطاع حوالي 50 بالمئة من رواتب مقاتليه الاحتياطيين والذي كان يبلغ كمعدل وسطي 800 دولار أميركي.


مؤسسات إعلامية تدور في فلك حزب الله

كما طالت الإجراءات مؤسسات إعلامية تابعة للحزب مباشرة أو يدعمها، مثل قناة "القدس" الفضائية، المقرّبة من حركة "حماس" التي أُقفلت مطلع شباط الماضي بسبب أزمة مالية.


أما في ما يخص المؤسسات الإعلامية التابعة مباشرة لـ"حزب الله"، كتلفزيون "المنار" وإذاعة النور، فإن الأزمة المالية وصلت خلال الأشهر الماضية إلى اقتطاع أكثر من نصف رواتب الذين يعملون فيها، حتى في مؤسسات اجتماعية وتربوية وصحية، ما أثار بلبلة وتململاً واستقالة بعض العاملين فيها، بحسب العربية.


كما أن الحسابات المصرفية العائدة لتلك المؤسسات أقفلت تماماً منذ أكثر من سنة، بسبب العقوبات الأميركية والتي أعلن المصرف المركزي اللبناني العمل بها وألزم كافة المصارف الخاصة بتطبيقها.


إلى ذلك، بدأ المقاتلون وعائلاتهم يشتكون من الأجور المفقودة أيضاً، خصوصاً المتزوجين منهم، حيث انخفضت رواتبهم التي تتراوح عادةً بين 600 دولار و1200 دولار شهريا)، في حين أن المقاتلين غير المتزوجين لا يتلقون سوى 200 دولار شهرياً.


وفي السياق، كشفت المصادر المطّلعة لـ"العربية" أن "نحو 2000 قتيل سقطوا لـحزب الله في الحرب في سوريا".


* المصدر: ليبانون24

تعليقات: