فضيحة فضائح الحكومة: تلزيم السياحة لشركة مفتعلة

نديم جورج فريحة من المقرّبين جداً للتيار الوطني الحر
نديم جورج فريحة من المقرّبين جداً للتيار الوطني الحر


يستمر غالبية الأقطاب السياسيين، المتواجدين في الحكومة، بالتعاطي مع القضايا الاقتصادية والخدماتية بروح المحاصصة، وبأسلوب انتهازي.. لا يخفي الاستغلال العلني لمالية الدولة. فرغم صعوبة الواقع الاقتصادي والمالي، واستشراء الفساد في مرافق الدولة ورفع "العهد" وحكومته شعار مكافحة الفساد ومحاربة الهدر، لا نرى جدية لدى الحكومة في تنفيذ تلك الشعارات. لا بل نشهد استمراراً لنهج المحاصصة، وتمرير صفقات ومصالح خارج الأطر القانونية.

مرّر مجلس الوزراء في جلسته يوم الخميس 4 نيسان أكثر من ملف، تفوح منه رائحة "الصفقات المعلّبة"، يكاد يكون أكثرها "وقاحة" ملف وزارة السياحة. إذ صادق مجلس الوزراء على بند ينص على "طلب وزارة السياحة الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع شركة VISIT LEBANON وتجديده سنوياً". أي أن العقد سيتم تجديده إلزامياً بشكل سنوي، فما هي حقيقة هذه الشركة؟ وما هي مهامها؟ ومن يديرها؟

من هي VISIT LEBANON؟

تم تأسيس شركة VISIT LEBANON في شهر أيار 2017، برأسمال 30 مليون ليرة، وهو الحد الأدنى لتأسيس شركات مساهمة. ومهامها، كما جاء في سجلها التجاري، هو الآتي: "القيام في لبنان والخارج، بالترويج وبتنظيم برامج سياحية، وتنظيم معارض على أنواعها، في لبنان والخارج، وتنظيم رحلات سياحية، وتنظيم لقاءات تجارية وسياحية وصناعية، واستيراد وتصدير وتمثيل وتجارة عامة".

الشركة لم تمر سنتان على تأسيسها. وبالتالي، لم تقم بأي نشاطات سياحية تخوّلها التعاقد للترويج للبنان في الخارج. والأهم من ذلك، أن من حظي بشرف العقد بالتراضي، أي صاحب الشركة ومديرها العام، هو أحد رجال الأعمال والمغتربين السابقين وهو من "عضام الرقبة" للتيار الوطني الحر.

هو نديم جورج فريحة، الذي يتولى منصب المدير العام في الشركة ورئيس مجلس إدارتها، مفوض التوقيع عنها، إلى جانب صفته كمؤسس ومساهم بنسبة 98 في المئة من أسهمها. وإلى جانب نديم فريحة، تشغل ناتالي جورج معوض منصب عضو مجلس إدارة في الشركة، وإحدى مؤسسيها، ومساهمة بنسبة 1 في المئة من الأسهم. وهي أيضاً من التيار الوطني الحر. أما الشريك الثالث فهو آلان هنري لحود، يشغل منصب عضو مجلس إدارة، وأحد المؤسسين ومساهم بنسبة 1 في المئة. وهو أيضاً وأيضاً من التيار الوطني الحر.

الفضيحة

للوهلة الأولى، لا يبدو إسم شركة VISIT LEBANON غريباً عنا. ولكن عند التحقق يتبيّن أن VISIT LEBANON هو المشروع (وليس الشركة)، الذي أطلقه وزير السياحة أواديس كيدانيان في شهر نيسان 2017، أي قبل تأسيس نديم فريحة شركته، وكان كيدانيان قد أطلق مشروع وزارته عام 2017، بهدف الترويج للبنان على أوسع نطاق عالمياً، وجذب أكبر عدد ممكن من شركات السياحة والسفر ومنظمي الرحلات ومنظمي المهرجانات أو الحفلات ومنظمي المؤتمرات وغير ذلك.. واللافت حينها أن إطلاق مشروع وزارة السياحة، أي مشروع VISIT LEBANON تم في حضور شركة Global Network لمؤسسها نديم فريحة.

ليتبيّن فيما بعد أن فريحة صاحب شركة Global Network، استعجل تأسيس شركته الأخرى بعد شهر من إطلاق المشروع تحت إسم VISIT LEBANON، أي اسم المشروع السياحي الخاص بوزارة السياحة أي بالدولة اللبنانية.

تأسيس شركة VISIT LEBANON عقب إطلاق مشروع VISIT LEBANON بشهر واحد. وعدم قيامها بأي نشاط سياحي سوى استحصالها على "بيضة ذهب" من خلال إبرام عقد بالتراضي مع وزارة السياحة، إنما يُثبت سوء النوايا ومحاولة استغلال المال العام، تحت شعار الترويج السياحي للبنان.

لماذا "التراضي"

ولا يخفى على أحد ما يمكن أن تخفيه "العقود بالتراضي" من شبهات. وفي حالة هذه الشركة، فإنها ما كانت لتفوز بأي عقد مع وزارة السياحة عبر إدارة المناقصات. والسبب بكل بساطة أن سجلها فارغ كلياّ من أي نشاط سياحي. لذلك كان العقد معها بالتراضي.

وبالنظر إلى السجل التجاري للشركة (المستند المرفق) فلا يوجد لديها أي فروع، وليس لها أي تمثيل تجاري. كما أنها لم تبرم عقوداً في وقت سابق في مجال عملها السياحي الافتراضي.

أهكذا تكون حكومة "إلى العمل" وقراراتها، وتلزيماتها؟ أهكذا، سيديرون معارك "محاربة الفساد"؟

تعليقات: