فلسطينيو لبنان ينتظرون لفتة البرلمان والحكومة


مع بزوغ شمس الأحد معلنةً إنحسار عاصفة آذار المفاجئة، إنطلق أبوعلي وهو لاجئ فلسطيني من سكان مخيم الرشيدية جنوب لبنان يبحث عن كيس من الاسمنت في أنحاء المخيم ليرمم سقف بيته الذي كاد أن ينهار بفعل الأمطار الغزيرة التي إخترقت سقف المنزل وإستقرت في فراش أطفاله.

عندما وجد أبو علي ما يبحث عنه عند أحد متعهدي البناء لم يستطع شراء الكيس بسبب إرتفاع سعره وبلوغه اكثرمن ثلاثة أضعاف سعره الحقيقي خارج المخيم.

يعود شح مواد البناء في مخيم الرشيدية إلى قرارالدولة اللبنانية الصادر في بداية العام 1997 والقاضي بمنع إدخال تلك المواد إلى المخيمات الفلسطينية في الجنوب اللبناني (الرشيدية وعين الحلوة والبرج الشمالي والبص والمية ومية) إلّا بتصريح صادرعن الجيش اللبناني.

الاسمنت ليس النادر الوحيد في مخيم الرشيدية، كل مواد البناء تقريبا ً صعبة المنال، الاسمنت والزجاج وأنابيب المياه والأسلاك الكهربائية والأبواب والنوافذ والبلاط والحديد، وفي حال ضبط اللاجئ وهو يحاول إدخال كيس من الاسمنت أو إحدى المواد الممنوعة بدون تصريح يُصادر الكيس أولا، ويجري إعتقال اللاجئ ويتعرض للتحقيق، ويسجل بحقه محضراً، ثم يواجه عقوبةً صادرة عن وزارة العدل في الجمهورية اللبنانية تُلزِمُه دفع غرامةٍ مالية تقدر بـ 100 الف ليرة لبنانية بتهمة "تهريب كيس اسمنت".

يعاني سكان المخيمات الخمسة المحرومة من مواد البناء الأمًّرين لدى محاولة إدخال هذه المواد، إستصدار التصاريح الخاصة بها عمليةٌ طويلة وتحتاج إلى كثير من الأوراق والمبررات التي تُقدم إلى الجيش، وفي أحيان كثيرة يُرفض الطلب المقدم.

يقول علي هويدي الناشط والباحث الحقوقي "إن الدولة اللبنانية بهذا القرار تنتهك حق اللاجئ الفلسطيني في أن يملك المأوىً المناسب وتعارض ما تنص عليه الشرعة الدولية لحقوق الإنسان"، ويشير إلى أن "البنية التحتية في المخيمات هشة وغير قادرة على تحمل أعباء التضخم السكاني". ويضيف هويدي أن هذه القرارت تساهم كثيرا في إرتفاع نسبة هجرة الشباب الفلسطيني من لبنان .

حديث هويدي حول قرارات الدولة نابع عن فهمه لحزمة الحقوق المدنية التي يُحرم منها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، ففي عام 2001 مُنع الفلسطيني من التملك، بالإضافة إلى القيود الكثيرة على حق العمل والحرمان من مزاولة 38 مهنة، والحواجز الموجودة على أبواب المخيمات وتؤثر على حرية تنقل الفلسطينيين، وتفرض عليهم دائما التوجه إلى أعمالهم قبل وقت طويل تحسباً لأي إزدحام على الحواجز، كما تساهم الحواجز بشكلٍ أو بأخر بجفاء العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين.

الدولة اللبنانية بدورها تبرر إجراءاتها تجاه الفلسطينيين الذين يقطنون أراضيها بأنها إجراءات إحترازية في مواجهة التوطين، ففي حق التملك مثلا، لبنان بلد متعدد الطوائف وقد يسبب منح الفلسطينيين هذا الحق خللاً ديموغرافياً. وفي هذا السياق يندرج باقي الحقوق التي تختلف صيغ منعها وأسبابها.

ويستغرب الفلسطينيون الإجراءات التي تقوم بها الدولة اللبنانية، لبنان قدم الكثير من الدعمٍ للقضية الفلسطينية ، فهو بلد المقاومة وأخر المواقف التي لا تنسى قيادته حملة دولية ضد الولايات المتحدة الامريكية عندما نقلت سفارتها إلى القدس المحتلة.

حسب إحصاء قامت به لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني التابعة لمجلس الوزراء بلغ عدد الفلسطينيين في لبنان 174 ألف موزعين على إثني عشر مخيماً، وبلغت نسبة البطالة أكثر من خمسين في المئة، وصنفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) 70% من فلسطينيي لبنان تحت خط الفقر. وهناك إشاعات بالجملة تحيط بالوضع الفلسطيني في لبنان تراوح بين إحتمالات التوطينٍ أو الترحيل إلى بلاد اخرى كما حدث مع فلسطينيي العراق عندما تم ترحيلهم إلى أميركا الجنوبية.

آفاتٌ إجتماعية بالجملة وأوضاع معيشية صعبة يعيشها الفلسطينيون في لبنان، تدفع بهم في أحيان كثيرة لسلوك طرق الهجرة المحفوفة بالمخاطر بحثا عن مستقبلٍ أفضل من حالهم المُعاش لكن هذا لا يمنعهم من عقد الأمال على مجلس النواب والحكومة الجديدة عسى أن تحمل معها أي تحسينٍ في واقعهم، فهم يطلبون فقط "حياةٍ كالحياة".

* شبابيك


تعليقات: