على الرغم من اعتمادهم على مصادر نباتية فقط في التغذية وأحيانًا في الملبس، إلا أن التين باعتقاد العديد من النباتيين ليس نباتيًا بما يكفي ليكون ضمن قائمة طعامهم! وعند الحديث عن النباتيين هنا، فنحن نقصد “Vegans” وليس “Vegetarians”، أي من يبتعدون تمامًا عن أي مصدر حيواني حتى إن كان مصدر ثاني، مثل البيض والعسل والسمك كذلك.
التين، وعلى الرغم من أنها ثمرة تنمو على شجرة، وهو ما يبحث عنه كل نباتي، إضافةً إلى كونها مصدر غني للغاية بالبوتاسيوم والكالسيوم، ويستعمله الكثير من الناس كطعام صحي بديل للسكر، إلا أن العديد من النباتيين بدأوا يعزفون عن تناول هذه الثمرة ويُدرجونها على أنها مصدر حيواني!
لماذا ينظر النباتيون إلى التين بأنه مصدر حيواني؟
قد يكون هناك وجهة نظر بهذا الأمر! فمن الناحية النباتية، التين عبارة عن زهرة مقلوبة تُزهر إلى الداخل وليس للخارج. حيث تُزهر هذه الزهور داخل الفاكهة غير الناضجة، والتي تنضج لاحقًا لنستمتع بطعمها الشهي. وبسبب طبيعتها المختلفة، لا يُمكن أن يعتمد التين على الطرق التقليدية في التلقيح، عبر نقل حبوب اللقاح باستعمال الرياح أو النحل للتلقيح.
ولحكمةٍ إلهية بالغة، كان للدبابير دورٌ مهم وبارز في تلقيح التين، ولولا ذلك ما وُجدت هذه الفاكهة من الأساس! العلاقة بين أنثى الدبابير والتين علاقة تبادلية في المصلحة. حيث تحصل الثمرة على التلقيح المطلوب عبر أنثى الدبور التي تنقل حبوب اللقاح إلى الداخل، بالمقابل، تُوفّر الثمرة من الداخل مساحة لتضع أنثى الدبور بيضها بأمان.
ومن أجل أن تتم هذه العملية، تُضحّي أنثى الدبور بحياتها لتتمكّن من الدخول إلى داخل الثمرة، حيث تنفصل أجنحتها وقرون الاستشعار لديها، لتكون نهاية حياتها داخل الثمرة حيث تموت. وتقوم الثمرة لاحقًا بإفراز إنزيم يُسمى “ficin” يعمل على تفتيت جسم الدبور إلى بروتين.
وبمجرد فقس البيض، يقوم الذكور الذي يفقسون بدون أجنحة بمضغ الثمرة من الداخل لإيجاد مخرج قبل أن تفقس بيوض الإناث، والتي تخرج حاملةً حبوب اللقاح للتوجّه إلى ثمار تين أخرى وتقوم بنفس العملية مرةً ثانية للمساعدة بتكاثر الشجرة ووضع بيضها خلال العملية.
وإن كُنت من محبي هذه الثمرة وشعرتَ للتو بالريبة من تناولها مجددًا، نود أن نُطمئنكَ بأن التين الذي نتناوله هي الثمار الأنثى، أما التي تحدث بها عملية الإخصاب عبر إناث الدبابير هي الثمار من الذكور. لكن يحدث في بعض الأحيان أن تدخل أنثى دبور إلى ثمرة تين أنثى خطأً، وبسبب ضيق المساحة لن تتمكن من وضع بيضها، لكنها لن تتمكّن كذلك من الهروب، وستظل عالقة في الثمرة حتى تمون بنفس الآلية السابقة.
بعض مزارع التين الحديثة، مثل المزارع في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، هي ذاتية التلقيح ولا تعتمد على الدابير للتكاثر. لذلك، يُمكنك أن تطمئن أكثر إن كنتَ من الباحثين عن مصادر طعام نباتية تمامًا عندما يتعلّق الأمر بالتين.
* lebanoneconomy
تعليقات: