طلال سلمان: تعال إليّ قاتلاً.. لا قتيلاً!


ملاحظة أولى: اعتزازي ببعلبكيتي لا حد له، فأهلها أهل النخوة والجود، أعراسهم أفراح حقيقية عنوانها الحداء ومواويل العتابا والميجانا وعالزينو، وعا اللالا، ولكل لحن دبكته ورقص الرجولة وزغاريد البكارى والأمهات.

ملاحظة ثانية: حزني على أهلي في بعلبك لا حد له.. فانتشار السلاح الفردي (المسدسات وبنادق M16 والرشاشات خفيفها والثقيل، مروع.. ورجال الأمن يسمعون ولا يتحركون، لأن “المسلحين” أقوى منهم على الأرض.. وفي محاكم السلطة التي طالما اعتبرت هذه المناطق (من زحلة شمالاً وشرقاً وغرباً) مشكوك في “لبنانيتها”، فهي تارة “سورية” وطوراً “عراقية” وفي أيام العز والمشاعر الوحدوية في مناخ ثورة جمال عبد الناصر “مصرية”..

بالمقابل كان الموالون لفرنسا (بعد الاستقلال) والموالون للولايات المتحدة الأميركية منذ وفاة عبد الناصر، ومع اتفاقات التفريط إلى حد الخيانة مع العدو الإسرائيلي، ثم الخارجون على الدستور والقانون في ولائهم لهذا العدو للوطن والعروبة وتاريخ هذه الأٍرض..

كان هؤلاء الموالون للأجنبي المعادي، وللعدو القومي، اسرائيل، يتزايدون عدداً ويتعاظمون فجوراً وخروجاً على الوطن وأهله، بل على الأمة جميعاً.

المهم أن حالات الخروج على القانون في لبنان عموماً وفي بعلبك ـ الهرمل على وجه الخصوص تتعاظم، تارة بذريعة الثأر، وطوراً بذريعة التباهي بالرجولة التي تعني في ما تعني، الخروج على القانون… ودائماً عدم وجود الدولة، أو خوف رجال الدولة (الأمن الداخلي وحتى الجيش نفسه) هذه الأجهزة جميعاً المزودة بأنواع السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل كافة، من المداخلات والوساطات والشفاعة التي تكرم القاتل وتسقط حق القتيل أو القتلى، فتتبدى وكأنها تحرض على القتل، طالما أن مذكرات التوقيف (وهي بالآلاف المؤلفة) تتبخر وان جرب المغامرون من رجال قوى الأمن عوقبوا (والسجل هنا حافل ومليء بالفضائح المخزية..)

لهذه الأسباب، وغيرها كثير، يتعذر تدخل قوى الأمن بشكل فعال، لأن كل النافذين (الذين يمنعونها من التدخل الجدي والحاسم، وفي وقته) سرعان ما يجمعون على التضحية بالمكلفين بحماية الناس، مداراة للزعماء وأصحاب السطوة والنفوذ، بالمال غالباً، وبمواقعهم كمرجعيات طائفية تجعلهم “أهل الحل والعقد”، كبديل من الدولة في مختلف الشؤون الأمنية..

يا أهل الفساقين، يا أهل الشويفات، يا أهل بعلبك ويونين والهرمل، يا أهل طرابلس والشمال، يا أهل الجنوب: أرفعوا أصواتكم مطالبين “الدولة” التي تتكفلون انتم بوجودها وبهذه الآلاف المؤلفة من رجال القوات المسلحة (الجيش وقوى الأمن والمخابرات متعددة التسميات)..

يا أهل لبنان، من بيروت النوارة، إلى طرابلس التي طالما صنعت التاريخ، إلى صيدا وصور والنبطية ومرجعيون وحاصبيا وراشيا: ارفعوا أصواتكم في وجوه حكامكم الصناديد الذين متى حصلوا على أصواتكم نسوكم وانشغلوا بمصالحهم وبتكديس الثروات الحلال..

والأدهى: انهم يفيدون من جرائم الثأر والخوة والخطف وسائر التعديات ليكرسوا ويثبتوا وجودهم كمرجعيات وزعامات وقيادات على حسابكم.. وبدمائكم!

ألم يحن الحين لكي تثأروا من هؤلاء الذين يذهبون اليكم معزين، وتذهبون اليهم شاكرين، أو متوسطين من اجل احقاق الحق وحماية العدالة وهم هم أهل الباطل، بينهم المحرض، وبينهم الخصم والحكم في آن، والكل ينساكم بينما المرافقون (الذين تدفع دولتكم رواتبهم وسائر النفقات) يغلقون عليهم الأبواب.. وهم يتنقلون بين ذوي الضحايا معزين، بينما يستقبلون في الليل ذاته الجناة لتطمئنهم إلى أن “القضاة أصحابنا فلا يهمكم.. المهم أن تراعوا خاطر أهل الضحايا فلا تستفزوهم.. في انتظار أن ننهي القضية بالتي هي أحسن.. وثاني مرة جربوا أن يذهب رصاصكم في الفضاء حتى لا يكون هناك ضحايا وتضطرون إلى مغادرة منازلكم، ولو مؤقتاً، أو إلى التربص بالجماعة.. لأخذ الثأر، وتكر “المسبحة”!!

تعليقات: