علي عواضة: طائرات الدرونز.. بطلة الحروب الجويّة المقبلة


الطائرات المسيّرة أو الدرونز سلاح يتزايد دوره في ساحات الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، لتصبح أحد أهم الأسلحة المستخدمة في الحروب الحديثة، نظراً لقدراتها القتالية العالية، وإمكانية سيرها مسافات طويلة وقصيرة بحسب حجمها وتطورها، عدا عن هدفها الأساسي في المراقبة والتجسّس، ويمكن استخدام أكثر من طائرة واحدة للتجسس والثانية تكون انتحارية.

بداية ما هي تلك الطائرة ومتى دخلت الخدمة الفعلية؟

تُصنَّف الطائرات دون طيار إلى ثلاثة أشكال:

- ذات أجنحة ثابتة (Fixed Wings).

- على شكل طائرة مروحية (Remotely Piloted Helicopter).

- على أشكال خادعة (Decoys).

وبحسب خبراء عسكريين، فإن أول ظهور لطائرة بدون طيار كان في انكلترا في العام 1917، لتعمل الجيوش النظامية لاحقاً على إدخالها في مهمات عسكرية حفاظاً على أرواح الطيارين. وتُعتبر إسرائيل من أبرز الدول العسكرية التي تنشط في هذا المجال، وقد استخدمتها في حرب 1973 بطريقة محدودة لخداع أجهزة التشويش المصرية والسورية، كما استخدمت في حروب الخليج وحرب الشيشان وأفغانستان، كما نفذت إسرائيل العديد من العمليات العسكرية في حروب غزة، بالمقابل أطلقت حركة حماس عام 2014 إحدى طائراتها المسيّرة مستهدفة منطقة أشدود، فشكلت تلك العملية إعلاناً عن امتلاك غزة تلك الأنواع من الطائرات الهجومية.

وفي الحرب السورية استخدمت تلك الطائرات من قبل "حزب الله" ومن خلال هجمات لتنظيم داعش، كما استخدمتها المجموعات المعارضة في هجمات مسلحة على قاعدة حميميم الروسية أُسقط بعضها ووصل بعضها الآخر إلى هدفه بنجاح، وأخيراً تمكنت جماعة الحوثي في اليمن من تسيير عشرات الهجمات الجوية على المملكة العربية السعودية.

وبالعودة إلى التطور الأمني في الضاحية الجنوبية لبيروت عبر استخدام تلك الطائرات في عمليات هجومية، شرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ما حصل مؤكداً أن المقاومة "غنِمت" طائرة مُسيّرة إسرائيلية، نظامية وليست من نوع الطائرات التي تُعتمد للتصوير الشخصي. الطائرة الأولى دخلت إلى حيّ معوض، "وكانت للاستطلاع وغير مزودة بأي مواد متفجرة" حلقت على علوّ منخفض، "إلى حدّ أصبحت بين المباني"، ويُرجّح أنّها كانت "تُقدّم صورة دقيقة للهدف المقصود"، مضيفاً "ليس حزب الله من أسقط الطائرة، بل "شبّان في الحي بدأوا برمي الحجارة عليها، فوقعت. قد تكون وقعت نتيجة خلل فني أو بسبب الحجارة لأنّها مُصابة". وبعد مدة زمنية بسيطة، جاءت الطائرة الثانية، وقامت بعمل هجومي في الضاحية الجنوبية لبيروت".

التطور الأمني ينذر بأن مرحلة جديدة من المواجهة دخلت بشكل قوي في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد تكرار استهداف مراكز للحشد الشعبي العراقي وتلميح اسرائيل بأنها مسؤولة عنها، ليتبعها هجوم دمشق والذي اعترفت إسرائيل بها عبر المتحدث باسم جيشها افيخاي أدرعي الذي صرح: "لقد عمل النشطاء في الأسابيع الأخيرة تحت قيادة قاسم سليماني لتنفيذ عملية تخريبية باستخدام الطائرات المسيرة ضد أهداف إسرائيلية"، ما يعني عملياً أن إسرائيل قررت استهداف "مهندسي" تلك الطائرات لدى أعدائها، ليرد الحزب بحزم بأن الرد سيكون مباشراً على الاستهداف، فهل نحن مقبلون على مرحلة جديدة من المعارك تكون الطائرات المسيّرة هي ركيزة تلك المعارك؟

يشرح أحد قادة القوات الجوية السابق في الجيش اللبناني خطورة الوضع الحالي، خصوصاً أن إسرائيل تُعتبر من أهم مصنّعي تلك الطائرات، وقد استخدمتها في معارك واغتيالات كثيرة سابقة، أما في لبنان فقد استخدمت في معارك تحرير الجرود، مؤكداً أن الخبرات المتراكمة بين إيران وإسرائيل في هذا المجال كبيرة، وكل منهما يملك وحداته الخاصة في هذا المجال. وبالطبع "حزب الله" يملك طائراته التي استعملها في معارك الجرود، وقد سبق لنصرالله أن أعلن عن إطلاق طائرة مسيّرة تحت اسم "أيوب" في العام 2012 قائلاً حينها: "لقد أطلقنا على هذه العملية النوعية للمقاومة اسم عملية الشهيد حسين أيوب "الأخ ربيع" الذي كان من أوائل المؤسسين في هذا الاختصاص وفي هذا المجال في المقاومة، واستشهد على هذا الطريق".

حجم القدرات الجوية لـ"حزب الله" وفعاليتها في إيقاف الطائرات المسيّرة، يبقى رهن إعلان الحزب عن تلك القدرات، ولكن ما بدا واضحاً حتى الساعة أن عهد تلك التقنية قد بدأ بالنسبة الى أعداء إسرائيل، خصوصاً أن تكلفتها صغيرة، ما يسمح لأي جهة بامتلاكها والتحكم بها عن قرب وعن بعد. وما يميز تلك الطائرات تمكّنها من السير إلى مسافات كبيرة ولأيام، خصوصاً أن بعضها يسير عبر الطاقة الشمسية. ويحذّر الخبراء من استغلال تلك الطائرات بحيث يؤدي دمج التكنولوجيا والصناعات الحربية إلى إنتاج أسلحة فتاكة وغير مسبوقة مثل "الدرون" بحجم العصافير، قادرة على شن هجوم مسلح غير قابل للصد أو الردع تماماً. ومن المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على هذه التقنية بنهاية العام قرابة المئة مليار دولار أميركي.

ونظراً إلى حجم الإنفاق العالمي على الطائرات المسيّرة، وانخفاض تكلفتها في الوقت نفسه، فإن العالم مقبل على نوع جديد من الحروب الجوية ستكون بطلتها الطائرات المسيّرة عن بعد، ويمكن من خلالها استهداف شخصيات وتجمعات عسكرية ومدنية دون التقاطها من قبل رادارات التشويش.

هل يمتلك حزب الله لتقنيات اسقاط تلك الطائرات؟

في العام 1996 وقعت وحدات من الكومندوس الاسرائيلي بمكمن لعناصر حزب الله، سقط خلال العملية 12 ضابطًا وجنديًّا من وحدة النخبة، حينها بقيت اسرار تلك العملية سراً، إلا ان كشف بعض تفاصيلها حزب الله عام 2010عندما أعلن اختراق احدى طائرات التجسس الاسرائيلية، لتكون حينها أول رسالة من الحزب عن القدرات التكنولوجية المتطورة لديه، فكيف سيكون الأمر في العام 2019؟

يؤكد الخبراء أن اسقاط تلك الطائرات معقد خصوصاً الصغيرة منها، ولكن حزب الله كما العديد من الدول المصنعة لتك الطائرات لا بد وأنه عمل على تطوير أنظمة مضادة لها، فهو يعرف خطورتها ويعلم قدرات العدو العالية في هذا المجال، وقد أعلن الحزب بلسان أمينه العام أنه سيعمل على اسقاطها. ولكن المشكلة ليست بالطائرات كبيرة الحجم والتي يمكن اسقاطها بطرق دفاعية، بينما يكمن في الصغيرة منها، والتي يصعب للردارات كشفها، وبحسب الدراسات العسكرية فإن العشرات من الأنظمة الدفاعية تعمل عليها الشركات للحد من خطورة الطائرات المسيرة كتقنيات التشويش والمتابعة ورصد التردادات اللاسلكية، ولكن حتى الساعة لا يمكن الجزم بأن تقنية حديثة قادرة على اسقاط تلك الطائرات بشكل متقن ودقيق خصوصاً في المواقع غير العسكرية، كما حصل في هجوم الضاحية.

وعلى سبيل المثال، أجرى البنتاغون في العام 2017 مناورة للتدرب على التصدي للطائرات بدون طيار وقامت مجموعة متنوعة من شركات تصنيع الأنظمة الدفاعية باختبار ما تنتجه من الأنظمة الجوية المضادة للطائرات بدون طيار أو المضادة للطائرات المسيّرة على طائرات بدون طيار تعمل على مسافة 200 متر تقريبا.

وأفاد المنظمون بعد المناورة أن الطائرات بدون طيار كانت عموما "مقاومة جدا للضرر" واستنتجوا أن غالبية الأنظمة المضادة لها بحاجة إلى مزيد من التطوير، ما يعني أن التصدي لتلك الهجمات أكثر صعوبة رغم نجاح العديد من التجارب السابقة باسقاط طائرات مسيرة كإسقاط الولايات المتحدة لطائرة ايرانية مسيرة في مضيق هرمز بسبب اقترابها لمسافة خطرة بحسب الرئيس دونالد ترامب، وقبلها أعلنت ايران اسقاط طائرة أميركية دخلت مجالها الجوي، ورغم أن حجم التقنيات قد يختلف عما هو موجود في لبنان ولكننا قد دخلنا جيلاً جديداً من الحروب التي لم تتضح معالمه بعد وحجم الأضرار التي يمكن أن تخلفها تلك الطائرات.

سلاح الجو التقليدي يشمل انواعا كثيرة (طائرات حربية ومروحيات وقاذفات) يمكن اسقاطها بطرق دفاعية عبر سلاح ارض جو، وهو سلاح قابل للتطور بين يوم واخر ويمكن لحزب الله ان يمتلك بعض تلك القدرات خاصة الايرانية منها او محلية الصنع ولكن ذلك يبقى ضمن اسرار الحرب والتي لا يمكن للحزب الكشف عنها واعطاء معلومة مجانية للعدو. وتحاول اسرائيل بكافة اذرعها معرفة حجم التطور التقني للحزب بهذا المجال

وكشفت ايران قبل ايام عن اطلاق صاروخ طويل المدى مضاد للطائرات من طراز Bavar-373 (إيمان-373). تقول طهران انه يتفوق بخصائصه على نظام اس ٣٠٠ روسي الصنع. وفي حال وصل هذا النظام او شبيهه الى لبنان فانه يفترض ان يحد من التفوق العسكري الاسرائيلي في المجال الجوي.

* المصدر: khafayalb.com


تعليقات: