شحّ الدولار يخيف اللبنانيين... وقطاعات اقتصادية تصرخ


مرة أخرى، يضجّ الشارع اللبناني بكافة قطاعاته بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي، إذ يصل أحياناً إلى 1570ل.ل، واليوم تبرز صرخات مختلفة يُطلقها المواطنون وأصحاب المصالح، ويطالبون بحلّ لهذه المشكلة. ورغم أنّ لا وجود لأزمة دولار عميقة، بحسب خبراء اقتصاديين، غير خوف اللبنانيين وزيادة طلبهم على الدولار، نرى اليوم أنّ الأمر تعدّى الخوف وبات أزمة حقيقية تؤثر على قطاعات اساسية.

عمر - متجر هواتف

يدير عمر متجراً يبيع فيه الهواتف وكافة مستلزماتها، والمشكلة الأساسية هي بطاقات مسبقة الدفع الخاصة بشحن الأرقام. فالشركات "تاتش" و "ألفا" ووكلاؤهما يرفضون أن يُدفع لهم بالليرة اللبنانية، والزبائن تدفع لـ عمر بالليرة اللبنانية، وبالتالي عندما يحاول صرف الليرة اللبنانية إلى دولار أميركي يخسر كثيراً.

ويقول عمر لـ "النهار": "هذه المشكلة لا تنطبق فقط على بطاقات الشحن بل أيضاً على الهواتف، إلا أنّ ربح الهواتف أكبر ولا يشعر بها الزبون إن أضفنا 10 آلاف ل.ل على سعره مثلاً"، ويوضح: "تُباع بطاقة الشحن بالجملة للمتاجر بـ 25.40 دولاراً، وإن حُوّل المبلغ إلى الليرة اللبنانية وفقاً للسوق السوداء اليوم 1550 للدولار الواحد، يدفع التاجر 39370 ل.ل وبالتالي لا يحقق التاجر أي أرباح تُذكر، ولا يمكن بيع البطاقة بأكثر من 40 ألف ل.ل إذ يُمنع من وزارة الاقتصاد ويتعرّض لغرامة مالية تصل إلى مليون ل.ل".

الاتصالات

وفي اتصال لـ"النهار" مع شركة "Class" لخدمات الاتصالات، أكدّ الموظفون أنّ الشركة أعلنت الاضراب ولن تبيع بطاقات الشحن الهاتفية وذلك احتجاجاً على حصر "ألفا" و"تاتش" الدفع لهما بالدولار حصراً.

روايات

الى ذلك، بات شائعاً الاستماع الى رواية تفيد بأن طبيباً رفض التقاضي من مرضاه الا بالدولار، وأن مواطناً حصل على سعر صرف غير عادل من الصرافين، وأن فلاناً أراد تصريف أمواله من اللبناني الى الدولار ولم يوفق. كل هذه الروايات تساهم في خلق جو من البلبلة تحاصر المواطن الذي لا يرى أفقاً للضيقة الاقتصادية ولا حلولاً تبشر بالخير. سيّما بعد أزمات متكررة ومستمرة، كأزمة ارتفاع سعر الفوائد الذي حاصر طموحات أصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة والكبرى.

نقابة الأفران

رئيس نقابة الأفران في لبنان كاظم إبرهيم ذكر لـ "النهار" أن "علاقتنا مباشرة مع أصحاب المطاحن، لذا، اتّكالنا عليهم في استيراد أية مواد أولية، إذ إنّها ليست مهمّتنا بتاتاً. في الأشهر القليلة المنصرمة بدأ أصحاب المطاحن بالتّذمر من سعر صرف الليرة، علماً أنّهم يستوردون السلع بالدولار".

وأضاف إبرهيم: "إذا طالتهم أزمة ما، ستلحق بنا حتماً وتؤثّر علينا بطريقة مباشرة، وقد بدأنا نتخوف منها بعد حديثهم عن صعوبة استيرادهم للسلع والدفع بالدولار. إلى اليوم، لم نشهد أي ارتفاع في أسعار الدقيق الذي توفّره لنا المطاحن، لذلك لا يمكننا الجزم في وقوعنا في أزمة أم لا".

قطاع المحروقات

التزمت محطات الوقود في لبنان بالإضراب التحذيري الذي دعا إليه ممثل شركات موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، واعتذرت المحطات عن استقبال المواطنين، طالبةً منهم العودة بعد الساعة السابعة مساءً، كون الإضراب سينتهي اليوم على أن تتخذ المحطات خطوات تصعيدية في حال عدم الاستجابة لمطالبها.

ولفت نقيب محطات الوقود سامي براكس إلى أن الشركات المستوردة للمشتقات النفطية تبيع المحروقات إلى شركات التوزيع والمحطات، بالدولار الأميركي، في حين أنّ الزبائن يدفعون للمحطات بالليرة اللبنانية، مؤكداً أنّ هذه الشركات رفضت أن تبيعنا بالليرة اللبنانية رغم المذكرة التي أصدرتها وزارة الطاقة في أيلول 2018، تحثّهم على قبول أن ندفع لهم بالليرة اللبنانية.

قطاع الأدوية

"نحن من يعاني طبعاً"، بهذه الكلمات وصف نقيب مستوردي الأدوية في لبنان كريم جبارة حال القطاع لـ"النهار"، معتبراً أنّ المشكلة الأساسية هي الشركات الكبرى التي تُحصّل أموالها بالدولار الأميركي، في حين أنّ أصحاب الصيدليات يدفعون بالليرة اللبنانية خصوصاً أنّه يتم بيع وشراء الدولار بسعر تُحدده وزارة الصحة وليس عاملو القطاع.

الصرّافون والصيرفة

نقيب الصرافين الياس سرور طمأن اللبنانيين، بأنّه "لا داعي للخوف، فكل المشكلة أنّ المصارف لا تضخّ حاجة السوق اللبنانية من الدولار الأميركي، ومع ارتفاع الطلب على الدولار ارتفعت قيمته".

وأضاف سرور في حديثه لـ "النهار" أنّ هناك عدداً كبيراً من الصرافين لا يبيع الدولار حالياً، كي لا يُسبب هذا الأمر مشاكل مع الزبائن.

من جهته، رأى وزير المال علي حسن خليل أن "الوضع الاقتصادي صعب ولكننا لسنا بلداً منهاراً على المستوى المالي"، معتبراً أن "سعر صرف الدولار ما زال محافظاً على وضعه وكل العمليات التي تتم في المصارف تتم على أساس التسعيرة الرسمية للدولار". في حين أكد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة لـ"النهار" أنّ تأثيرات الأزمة موجودة إلا أنّ معظمها تحديداً بسبب خوف اللبنانيين من الضائقة الاقتصادية أولاً، وانخفاض عرض الدولار في السوق. أما عن الاعتصامات والاضرابات التي تحدث، فاعتبر حبيقة أنّها تُنظّم فقط بهدف الربح الأعلى وليس بسبب الخسارة، موضحاً أن "من يخسر يُقفل أعماله، ولم أرَ أن محطة وقود تحديداً تُقفل، وإن كان الأمر كبيراً عليهم فليُسلّموا قطاع المحروقات للدولة اللبنانية".


تعليقات: