خفض أسعار الإنترنت: ألفا تلطّف سمعة امبراطورية الخليوي

نفقات ألفا وتاتش تتصاعد وإيراداتهما تتراجع
نفقات ألفا وتاتش تتصاعد وإيراداتهما تتراجع


فتحت فضيحة شراء مبنى شركة تاتش، نافذة لبدء التساؤلات حول كافة جوانب قطاع الخليوي، من غياب المنافسة إلى ارتفاع فاتورة الاتصالات، وصولاً إلى زيادة النفقات التشغيلية مقابل انخفاض العائدات. وهو ما دفع شركة ألفا إلى إظهار حسن نيتها عن طريق تخفيض أسعار باقات الإنترنت لديها.

العبث بإمبراطورية الخليوي

تُعتبر فاتورة الخليوي في لبنان من الأعلى في العالم، وفي المقابل، تُصنَف جودة الخدمات التي تقدمها شركتي الخليوي تاتش وألفا، الأسوأ عالمياً. وبرغم ذلك، بقيت إمبراطورية الخليوي لعقود، مقدسة، يُمنع المس بها، نظراً لتحقيق بعض رجال السياسة والأعمال مكاسب هائلة جراء الهدر وغياب الرقابة في الدولة. ووصل الأمر إلى حد التجديد المستمر لعقود الشركتين لضمان الأرباح التي قد يخسرها النافذون، في حال فتح المجال أمام شركات متعددة للتنافس، وفق عقود تشغيل جديدة.

الإمبراطورية المحمية جيداً، باتت في بعض تفاصيلها عبئاً على حُماتها، خصوصاً وأن الفساد وصل إلى حد شراء مبنى لشركة تاتش، خارج كل الأصول القانونية والمنطقية، بصورة حوّلت خزينة الدولة إلى جارور سائب. ولعلّ كثرة الانتقادات الإعلامية واضطرار أقطاب السلطة لرفع لواء التقشف والإصلاح في موازنتي العامين 2019 و2020، دفع لجنة الاعلام والاتصالات النيابية إلى وضع دراسة حول ملف الاتصالات والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية.

وفي السياق، أشار رئيس لجنة الإعلام والاتصالات، النائب حسين الحاج حسن، إلى أنه وحسب المعلومات "بين أيدينا وبالتحليل المعروف، فإن المصروف أعلى من اللازم بكثير. إذ أن النفقات التشغيلية والرأسمالية في شركتي ألفا وتاتش ترتفع منذ العام 2010 وصولاً الى 2018، فيما الإيرادات تنخفض". وهذا ما حذا باللجنة إلى المطالبة "بخطة استراتيجية للقطاع ودراسة جدول لتقاسم البنية التحتية وتخفيض النفقات الرأسمالية والتشغيلية وتخفيض إيجارات الإعلانات، ومراجعة كل عقود خدمات القيمة المضافة VAS ابتداء من 1/1/2020 بالإضافة إلى حصول الدولة عبر تاتش وألفا على نسبة 70 بالمئة من العقود، مقابل 30 بالمئة للمشغّل".

ألفا تُبادر

مع تمهيد لجنة الاتصالات الطريق نحو إحداث تغييرات في واقع القطاع، وتداركاً لأي احتمالات قد تصيب الشركتين، وخصوصاً شركة ألفا التي تنتظر ما يمكن لوسائل الإعلام والهيئات الرقابية قوله حول ملف استئجار مبناها، على غرار مبنى تاتش، بادرت ألفا يوم الجمعة 20 أيلول إلى الإعلان عن تخفيض أسعار باقات الإنترنت التي تقدمها لمستخدميها، علّ التخفيض يظهر للدولة والمشتركين على حد سواء، حسن نية قد يتبعها أمثلة أخرى عبر تعديل أسعار وشروط الخدمات التي تقدمها الشركة. وفي الوقت عينه، تُظهر الشركة نفسها وكأنها تخوض لعبة المنافسة مع شركة تاتش، وهو أمر تراهن عليه الشركة للإيحاء بأن المنافسة موجودة في ظل احتكار الشركتين للقطاع، خاصة وأن لجنة الاعلام والاتصالات استهدفت بشكل واضح النفقات التي تهدرها الشركتان على الاعلانات في ظل غياب المنافسة.

ومبادرة ألفا "لا يمكن قراءتها من منظار المنافسة أو التغيير الحقيقي في مسار القطاع لأن الأزمة أعمق من خفض سعر خدمة أو إبتكار خدمة جديدة"، وفق ما تقوله مصادر في وزارة الاتصالات.

وتشير المصادر في حديث لـ"المدن"، إلى أن "المشكلة تكمن في جوهر إدارة هذا القطاع، أي تكمن عند الدولة نفسها وعند السلطتين التشريعية والتنفيذية". وتعتبر المصادر أن "خطوة لجنة الاعلام والاتصالات هي خطوة خجولة لا تمس الأزمة بشكل مباشر، فاللجنة تضع توصيات ولا قدرة لديها على التغيير الفعلي، خاصة وأن واقع القطاع متفق عليه بين مختلف القوى السياسية التي تتقاسم النفوذ في الشركتين. كما انه ليس من مصلحة بعض الأطراف تغيير المعادلة، وتحديداً مسألة فتح باب التنافس".

وعليه، فإن بعض التحسينات في الخدمة والأسعار قد تكون مرضية في المستقبل القريب. وقد تكون مبادرة ألفا حافزاً لشركة تاتش لتقديم عرض أفضل، فتكون المنافسة المصطنعة أسلوباً جديداً يستفيد منه المواطنون، وإن لم تتغيّر قواعد اللعبة بشكل جذري.

تعليقات: