جوزف عازار: النجم الذي تألّق بأدواره المسرحية الغنائية

جوزف عازار
جوزف عازار


أغنياته بلغت الـ500 وأدواره المسرحية قاربت الـ30...

- لم أغب عن المسرح الغنائي، لكني أفضّل المسرح اللائق مع كركلا

- ورثتُ صوتي عن والدي وحناني عن أمي وتأثر فني بجوقة الكنيسة

- الغناء السائد هو إيقاعي يعتمد أجواء الرقص بغض النظر عن تفاهات الأغنيات المكتوبة، نعيش موجة تعطيل الذوق

- موجة الأغنيات الحديثة هي مؤامرة لتعطيل أذواق المستمعين

كان ولمَّا يزل أحد النجوم الكبار للمسرح الغنائي اللبنانيِ، محلياً وعربياً وعالمياً، وهو النجم الذي تألّق بأدواره المسرحية الغنائية منذ صعود هذا المسرح إلى ذروة مجده الذهبي في بداية ستينات القرن الماضي.

فقد تميّز المطرب جوزف عازار، على الدوام، بصوته الرجوليّ الجبليّ الهادر، هدير شلالات مسقط رأسه جزين في الجنوب اللبناني، فَمَنْ مِن الأجيال السابقة يَنْسى شخصية «راجح»؟ التي قدمها عازار في فيلم «بياع الخواتم»، والتي أضحت مضرب المثل في كثير من الأمور اللبنانية وخصوصاً السياسية منها، حتى أنه استُبدلت المقولة المشهورة «الحق على الطليان» بـ«الحق على راجح» حين يُشار إلى فاعلٍ مجهول في أمر ما. ومَن ينْسى أيضاً أغنيات عازار بعد سماعه لها، هو الذي غنّى كل الألوان الغنائية الشعبية والطربية والأناشيد الوطنية والمواويل؟

وعلى خلفية ذلك، هنا خلاصة حوارٍ معه في لقاءٍ خاص تناول جوانب من سيرته الذاتية ومسيرته الفنية الغَنيّة والطويلة:

ولد الفنان المطرب جوزيف عازار في مدينة جزين في العام 1942، وهو أصغر إخوته الأربعة سناً (بعد شقيقة كبرى وثلاثة أشقاء بالتتابع).

والده سليم عازار من جزين وأمه مرتا نادر أبو سليمان من بتدين اللقش (قضاء جزي).

الكنيسة والأهل

تلقى دروسه الابتدائية في بلدته حيث أمضى طفولته هناك، وعن تلك الفترة يقول: عندما كنتُ في السابعة من عمري، تقريباً، كنتُ أذهب مع والديّ إلى الكنيسة لتأدية القدّاس، كان يستحوذ عليَّ التصميم لأن أحمل المبخرة وليس حُقَّ البخور، لأنه كانت تحدوني رغبةٌ شديدة لأن أقرأ أنا الرسالة المقدسة وليس غيري، وربما كان هذا عائداً إلى نزعة ذاتية كامنة في الإنسان لإبراز شخصيَّتِهِ في المجتمع، فقد كنتُ أَجِد في نفسي جرأةً تدفعني لإبراز شخصيتي للناس. وهذا مردُّه إلى أن مَنْ يريد قراءة الرسالة المقدسة يجب أن يتمتع بالجرأة الكافية، وفي سنّي ذاك، أيضاً، كان والداي (رحمها الله) يصطحباني في زيارتهما لخالي (شقيق أمي) في بتدّين اللقش (الذي كان مختاراً للقرية)، وكان ذلك في فترات العطلة المدرسية الأسبوعية حيث كان يُطلب مني أن أغنّي، وكنتُ أغني ما أعرفه – وقتها - «بيت أو بيتين» من «أبو الزّلف»، واذكر هنا، أنه في ذاك الوقت، أي في نهاية الأربعينات من القرن الماضي، كان المرحوم والدي يمتلك ذاك الصوت الجميل القوي والحنون، وكان يغنّي المواويل البغدادية وأغاني مطربي ذلك الزمان القديم أمثال سيّد درويش وسلامة حجازي وعبده الحمولي ومحمد عبد الوهاب.

ورثت صوتي!

لذا فأنا انطبعتُ بهذا الجو، وكما يقال، إن الصوت هو وراثي، لذلك فإني ورثتُ هذا الصوت عن والدي وفيما بعد أكملتُ رسالة الفن.

وقد تابع جوزف عازار دراسته التكميلية والثانوية في دير «سيدة مشموشة (قضاء جزين) لغاية 1958، وإلى جانب دراسته هناك، كان المرتّل الإفرادي في الجوقة الكنسيّة لذلك الدير، ومن هناك ابتدأت شهرته كصاحب صوت جميل.

أمانة وحنان

- من كان له التأثير الأكبر على شخصيتك في الحياة؟

* أخذتُ عن والدي الأمانة والإستقامة وكل ما ينمّ عن الأخلاق الإنسانية، كما وأخذت عن والدتي الحنان والمحبة، وأخذت عنهما معاً إصلاح ذات البين بين الناس، هذا إضافة إلى ما تركته شخصية خالي «أبو جميل» (شقيق أمي) من أثر كبير على شخصيتي فلقد كان رجلاً حكيماً ومحبوباً بين أبناء قريته ومعروفاً من الجوار.

في نهاية العام 1958 إنتقل جوزف عازار إلى بيروت حيث تلقّى مبادئ العلوم الموسيقية في المعهد الموسيقي العالمي الذي كان يديره آنذاك عازف العود الشهير الأستاذ فريد غصن.

عطاء مشترك

- ماذا أعطى جوزيف عازار للأغنية اللبنانية من الوجه الحضاري؟

* لا ريب أن الفنان نشأ مع الإنسان سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية. ودور الفنان، هنا، طليعي. وجميلٌ أن يكون التعبير عن طريق الكلمة الراقية والمتّزنة المُغَنَُاة، فيعبِّر هذا الفنان عن انفعالاته وأحاسيسه، بصدق وأمانة وإخلاص، فالعطاء هنا، عطاء مشترك. بحسّ شاعري، وبهوية موسيقية مميَّزة وأسلوب في الأداء الغنائي، سليم ومتفرِّد، إذا جاز التعبير، وقد تجلّت هذه العطاءات في أغانٍ، ضمن إطار مهرجانات شعبية قُدِّمت على المستوى اللائق بها، بدءاً من هياكل بعلبك مروراً بقلعة جبيل، وبيت الدين وقلعة صيدا البحرية وغابة الأرز وكبريات المسارح في العالم قاطبةً.

- كيف تنظر إلى أعمالك الفنية جُملةً، وبأي عين تراها؟

* هذا سؤالٌ أتركه للنقّاد، لكن الأعمال التي ساهمتُ في إنجازها، كان ثمة إجماع على نجاحها بالنسبة للنقاد والناس.

ليلة قمر

- منذ زمن طويل لم تظهر على الساحة الفنية اللبنانية لماذا؟

* ما زلتُ على الساحة الفنية ضمن المسرح الغنائي اللائق، ومنذ العام 1999، لغاية الآن، إشتركتُ مع كركلا في «ليلة قمر» و«أَلْفا ليلة وليلة»، وهذان العملان قُدِّما في إطار مهرجانات بعلبك الدولية، ومن ثم قدّما بعد ذلك على كبريات المسارح العالمية، منها: «قصر الفنون الجميلة» في مونتريال في كندا في الـ2002 و«الأوبرا هاوس» في فرانكفورت ألمانيا في مناسبة يوم الكتاب العالمي، والمسرح الوطني في بكين (الصين) بدعوة من وزارة الثقافة الصينيّة.

الأغاني التافهة تعطل الأذواق

- هل تعتقد بأن الأغنية العصرية تمثل طرفاً من واقعية حياتنا الراهنة؟

* إن الأغنية تعيش عصرها، فتتبدَّل وتتطور معبِّرةً عن ذاتها بأحرفٍ تلفُّها النغمات. فالمدرسة التلحينيّة الحديثة هي امتداد للمدرسة القديمة وهي مدرسة إيقاع، يعتمد فيها الملحن خَلْقَ أجواء راقصة بحيث يحوك جُملاً موسيقية بسيطة التركيب، فتأتي عفوية الخاطر لا تعقيد فيها. هذا بغضّ النظر عن تفاهات بعض الأغاني التي يقوم بتلْحينها القلّة القليلة من الملحنين، إرضاءً لأذواق البعض، فيروحون يبحثون عن جملة موسيقية ركيكة تحفظها الأذن بسرعة، ويستعينون بالإيقاعات الحماسية لإلهاب عواطف الجمهور وليس تحريكها (أي العواطف) من جذورها.

هذه الموجة من الأغنيات، أقلّ ما يُقال فيها بأنها أكبر مؤامرة تعطيلٍ لأذواق المستمعين، ولكن، بالرغم من كل هذا، تبقى الخميرةُ والخبرة، عند بعض الموسيقيين والملحنين الأصيلين الذين يعتمدون على أصالة النغم والخبْرة والممارسة والثقافة الموسيقية الواسعة، هي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على مقومات الأغنية اللبنانية والعربية الصادرة من الينابيع الأساسية في النغمات اللبنانية والشرق – عربية.

وفي الوقت الحاضر ما زال بعض الجهابذة في الفن يعتمدون على إرساء مداميك جديدة في سبيل إحياء التراث والحفاظ عليه من كل شائبة، وهذا ما يُخوِّلني القول: بأن الفنّ وأصالة الفن ما زالا بخير طالما أن هنالك مهندسون واختصاصيون يعملون في هذا المضمار أي المسرح الغنائي.

أعماله مع الرحابنة

بدأ المطرب جوزف عازار حياته الفنية مع الأخوين رحباني وفيروز في العام 1961 في مسرحية «البعلبكية» التي قُدِّمت في مهرجانات بعلبك الدولية، وسافر في العام نفسه معهم في رحلة فنيّة هي الأولى إلى البرازيل والأرجنتين، إضافة إلى الأعمال التالية:

- في العام 1962 اضطلع بدور «صالح» إبن مخقار القاطع في مسرحية «جسر القمر».

- في العام 1963 قام بدور «هَوْلو» في مسرحية «الليل والقنديل» في معرض دمشق الدولي وكازينو لبنان.

- قام بدور «راجح» في المسرحية الغنائية «بياع الخواتم» والتي مُثِّلت في العام 1964 تحت ظلال الأرز، ثم تحولت إلى فيلم سينمائي من إخراج يوسف شاهين.

- وفي مسرحية «المؤامرة مستمرة» عُرضتْ في كازينو لبنان في العام 1980.

على المسرح

وأما أعماله المسرحية الغنائية الأخرى فهي:

- أُسند إليه دور البطولة أمام المطربة صباح في المسرحية الغنائية «الشلال» من إخراج روميو لحود وموسيقى د. وليد غلمية في مهرجانات بعلبك الدولية سنة 1963.

- وفي الأعوام 1965 – 66 – 67، إشترك ببطولة ثلاثة أعمال متتالية، أمام صباح وناديا جمال، وهي: «موّال»، «ميجانا»، و«عتابا»، من ألحان زكي ناصيف ود. وليد غلمية وروميو لحود.

- وفي العام 1968 قام بدور «الأمير بدر» أمام السيدة صباح، في بعلبك، في المسرحية الغنائية «القلعة» من ألحان د. وليد غلمية وإخراج روميو لحود.

- 1970: «الفرمان» قُدّمت في مهرجانات بعلبك من إخراج روميو لحود والألحان كانت لزكي ناصيف وروميو لحود.

- 1971: فنيقيا 80 إخراج روميو لحود على مسرح المارتينيز في بيروت بدور «سفير روسيا» أمام صباح.

- في صيف 1971 – قام ببطولة مهرجانات قلعة جبيل مع فرقة الأنوار «يا ليل» الألحان لوليد علمية والشعر لـ جورج جرداق واشترك في هذا المهرجان جمهرة كبيرة من كبار الفنانين منهم الأستاذ دريد لحّام وفدوى عبيد وناديا جمال وأما الإخراج فكان لـ منير معاصري وتصميم الرقصات لـ مروان جرّار. والقصة لـ الفنان ريمون جبارة.

- 1972: مهرجان آخر خرطوشة في أرز الباروك.

- 1973: الاستعراض الغنائي «الفنون جنون» أمام صباح على مسرح المارتينيز – بيروت.

- 1974: موسم الطرابيش ضمن إطار مهرجانات بيت الدين السياحية بدور المستشار.

- 1975: عُرضت مسرحية موسم الطرابيش في بيروت.

- 1978: مسرحية شهر العسل أمام صباح في صالة السفراء كازينو لبنان.

- 1983: مسرحية برج الذهب، إخراج ريمون حداد الألحان لعازار حبيب وجوزيف أيوب.

- 1994: مسرحية الأسطورة بدور الوالي أمام صباح.

- 1996: مسرحية كنز الأسطورة بدور الوالي أمام صباح.

- 1997: مسرحية البوسطجي بدور المختار.

تعليقات: