الأركان الإسرائيلية لا تستبعد الحرب: نريد تمويلاً إضافياً


حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، من المتغيرات الإقليمية التي من شأنها التسبب في مواجهات قريبة، واصفاً الوضع على الجبهتين الشمالية والجنوبية، في إشارة إلى سوريا ولبنان وقطاع غزة، بأنه «هشّ ومتوتر وقد يتدهور إلى معركة». ولفت، في حديث أمام مراسلي الشؤون العسكرية في وسائل الإعلام العبرية، إلى أن «الجبهة الشمالية هي التحدّي الاستراتيجي الأول (لإسرائيل)»، راداً ذلك إلى «التموضع العسكري الإيراني» في سوريا، وكما قال إنه «مشروع الصواريخ الدقيقة الذي تقوده طهران»، باستخدام «أراضي دول مستقلة محدودة للغاية، كما في لبنان حيث أسّس حزب الله جيشه الخاص، ويفرض سياسته الأمنية». وشدّد كوخافي، في إطار استعراضه التهديدات، على ضرورة إقرار خطة متعددة السنوات تُمكّن الجيش الإسرائيلي من مواجهة التحدّيات ضمن قدرات جديدة في مجالَي الدفاع والهجوم، وتشمل شراء وسائل قتالية ذات قدرة تدميرية، وتحسين الوسائل الدفاعية في وجه الطائرات المسيّرة شمالاً وجنوباً.

هذه الإحاطة، التي امتلأت وسائل الإعلام العبرية بتعليقات حولها، يبدو أن من ورائها جملة أهداف تتصل برؤية إسرائيل السلبية للمستجدّات الأخيرة في الإقليم، معبّرة عن ميزان قوى وواقع جديدين يخشاهما الجيش الإسرائيلي، ويأمل توفير الفرص لمواجهتهما. وفي ذلك، يمكن الإشارة إلى ما يلي:

- إحاطة كوخافي، في جزء كبير منها، توصيفية للتهديدات المتنامية في أكثر من ساحة لصيقة بإسرائيل أو بعيدة نسبياً: لبنان وقطاع غزة وسوريا والعراق وصولاً إلى إيران، وهي تهديدات باتت تتعاظم عسكرياً، كمّاً ونوعاً، خلافاً لتوقعات تل أبيب ومساعيها في السنوات الماضية. هي مساعٍ يقرّ كوخافي بأنها أخفقت في تقليص قوة أعدائها، التي تنامت إلى الحدّ الذي باتت معه تتطلّب من الكيان تغيير طبيعة جهوزيته العسكرية.

- لا تعارض بين الإقرار غير المباشر بالفشل والقصور في الاستعداد العسكري نتيجة هذا الفشل، وبين طلب الموارد المالية والصراخ حولها. فإعلاء الصوت يهدف إلى الضغط على المؤسسة السياسية لتأمين الموارد لتمويل خطة الجيش المتعددة السنوات. وبناءً على ذلك، يعتبر الإقرار بفشل المواجهة صحيحاً، والقصور في أعقاب تنامي القدرة المقابلة صحيحاً أيضاً، وهما يتأكدان ولا ينتفيان نتيجة صرخة كوخافي وتهويله طلباً للموارد المالية.

هذه «الصرخة» تدخّل غير مباشر في اللعبة السياسية الداخلية

- بطبيعة الحال، هذه «الصرخة» تدخّل غير مباشر في اللعبة السياسية الداخلية التي باتت تُلقي بظلال ثقيلة سلبية تمسّ صورة الاقتدار الإسرائيلي في أكثر من اتجاه، ومن بينها مكانة الكيان في وعي أعدائه، خاصة في ظرف بات أكثر من ملائم للأخيرين لتغيير تموضعهم باتجاه الهجوم، وفق تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية.

- في الوقت نفسه، حديث كوخافي عن أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيداً أمنياً ومواجهات، مع التركيز على الجبهة الشمالية، هو رسالة تهديد استباقية ضمن أهداف ردعية، غايتها الأولى ردع إيران وحلفائها، على أمل منعهم من الرد على الاعتداءات و/أو إغلاق حسابات اعتداءات ماضية.

- واحد من أهم المتغيّرات في الإقليم، والذي يضغط على المؤسسة العسكرية في إسرائيل ويوجب «صرخة» كوخافي، هو التغيير المبنيّ على الفشل في تحقيق الأهداف في سوريا، ومنها باتجاه الإقليم عبر الحليف الأميركي، الذي فضّل، أو بعبارة أدقّ اضطر، للانسحاب من المواجهة، بل والانكفاء عن أيّ عمل من شأنه أن يقود نحو تدهور الأوضاع. وخطورة هذا المعطى ليست في تبعاته السلبية المادية المباشرة، بل في فهم إيران وحلفائها أن أفعالهم ضد إسرائيل أو الرد على اعتداءاتها لن يستدعي بالضرورة تدخلاً أميركياً، وأن ما جرى لـ«أرامكو» السعودية يمكن، بل ومرجّح كما تقدّر تل أبيب، تكراره ضد أهداف حيوية إسرائيلية.

صرخة كوخافي، وإن قيل إنها تهويلية وتهدف إلى تلقّي موارد مالية، فإنها كذلك تعبير عن واقع سلبي آل إليه الاقتدار الإسرائيلي، نتيجة جملة اعتبارات وعوامل تستدعي بالفعل تغيير المقاربة والاستعداد لمواجهة باتت أكثر صعوبة مما مضى، وبما يزيد عن قدرة إسرائيل الذاتية.

تعليقات: