صدقي المقت.. حياته تجسيد للبيئة الوطنية السورية والقومية العربية التي نشأ فيها


- نكرم من خلاله جملة قيم ومعانٍ حملها في مسيرته النضالية.

- اعتقل لانه لعب دوراً في كشف العلاقة بين الموساد وبين المسلحين الذين ارادوا تدمير سورية.

...

حين اتصل بي الصديق والاخ الحبيب الاستاذ سركيس ابو زيد باسم اللجنة الدولية للتضامن مع صدقي المقت طالباً أن اتحدث في هذه الأمسية، امسية الوفاء لمناضل كبير، أحسست بالفخر ان أتحدث عن من تفتخر به امته وشعبه.

فصدقي المقت هو في الحقيقة رمز لجملة قيم ومُثل ومعانٍ في حياتنا، هو رمز لعائلة اختارت طريق المقاومة للمحتل، اختارت طريق العروبة لهوية الجولان العربي السوري، عائلة الاب فيها مقاوم والأم كذلك، والأخوة والأخت ايضا، وهو كذلك رمز للتمسك بالأرض ، فهو حين رفض عرض الافراج عنه مقابل ان يغادر الجولان فضل ان يبقى في السجن على ان يغادر الارض، وهذا التشبث بالارض هو ميزة أتمنى لو أن الكثير من قادتنا ومسؤولينا يدركون معنى الارض ومعنى التمسك بكل شبر من الارض وهذا ما فعلته سورية حين رفضت كل محاولات التسوية على حساب اشبار من أرض الجولان.

وصدقي المقت هو أيضاً رمز لمعاناة الأسرى، كما هو رمز لصمود الأسرى والمعتقلين، فنحن حين نحييه نحي من خلاله كل الأسرى ممن من زال صامداً في السجن ومنهم من اصبح محرراً كالأخ الحبيب أنور ياسين ،الموجود بيننا اليوم، والعديد غيره.

نحي من خلال صدقي المقت أيضاً روح شهيدنا الكبير عميد الاسرى العرب الشهيد سمير القنطار، وصدقي هو عميد الأسرى السوريين، الذي لا تفوتنا مناسبة ذات طابع قومي او وطني الا وان نتذكر ريادته في ميدان النضال والكفاح، ولا أنسى حين وقف بيننا الشهيد سمير يوم الملتقى الدولي من اجل الجولان عام 2009 ، وقف على الشريط الحدودي يخاطب أهل مجدل شمس، اهل حبيبنا صدقي بلغة المناضل وبلغة المقاوم.

وحين نكرم صدقي المقت، نكرم فيه أيضاً هذا الوفاء لوطنه سورية ولأمته العربية، فصدقي في كل كلامه يتمسك بعروبة الجولان، وبعروبة سورية، مدركا ان كل ما تدفعه سورية من ثمن اليوم، وما يدفعه العديد من مناضلينا وحركاتنا ومجتمعاتنا من أثمان غالية انما من اجل التخلي عن الهوية العربية بذريعة غدر بعض الحكام وتواطؤهم، لأن التخلي عن الهوية العربية يعني التخلي عن فلسطين، يعني التخلي عن مشروع النهضة، ومشروع التحرر، ومشروع الوحدة ، ومشروع الاستقلال.

حين نكرم هذا الأخ الحبيب انما نكرم من خلاله أيضاً تلك اليقظة الوطنية السورية التي عبّر عنها في اعتقاله الأخير بعد ان اعتقل سابقاً بسبب ارتباطه بخلية فجرّت مستودعاً ضخماً للجيش الصهيوني، وهو الفدائي الذي ولد في حزيران عام 1967 عام احتلال الجولان ليؤكد بمقاومته أن الاحتلال لا يغير أبداً من تصميم الشعوب على مقاومة الاحتلال ، وان المقاومة إرث يتوارثه جيل بعد جيل، فجيل فلسطيني يولد اليوم وكأنه ولد يوم النكبة ليؤكد ان هذه القضية لا تموت ما دام وراءها شعوب كأبناء أمتنا العربية.

ولقد حاولت ان اتصل بالمناضل صدقي عبر صديق مناضل آخر من الجولان العربي السوري هو الاخ صادق القضماني فجاءتني منه رسالة تذكّر ببعض الحوادث الهامة.

فحين اعتقل في العام 1985، فوجئ جنود الاحتلال حين دخلوا لغرفة نومه لأعتقاله فوجئوا بوجود صورة لجمال عبد الناصر، هذه قصة كافية لتشرح هوية هذا الرجل والبيئة العربية التي ينتمي اليها لأنه لم ينس اهتمام جمال عبد الناصر بالجولان حين زار سورية بعد الوحدة المصرية السورية عام 1968، كما ذكر انه في جلسات المحاكمة للاعتقال الأول الذي استمر عقدين ونيّف سنة كيف انه ورفاقه في الخلية الذين اتهموا في تفجير المستودع كيف رفضوا ان يقفوا لمن سموا قضاة في المحكمة وبقوا جالسين ورفضوا الاعتراف بشرعية هذه المحاكمة لا بل في يوم صدور الحكم الحكم عليهم بالسجون المؤبدة او الطويلة الأمد انشدوا جميعاً النشيد الوطني السوري تمسكاً بوطنيتهم السورية وبعروبتهم. وكذلك روى لي كيف اعتقل لانه لعب دوراً في كشف العلاقة بين الموساد الصهيوني وبين المسلحين الذين ارادوا تدمير سورية، وتفجير سورية، وكيف أن جنديا في المحاكمة أعترف انه كان هناك برنامج باسم المساعدات الانسانية وغيرها، ولكن كان هناك برنامج سري لدعم المسلحين بالسلاح من أجل الأنقضاض على سورية لأن العدو يدرك أن سورية وعبر كل الاجيال وعبر كل العقود بعد النكبة كانت عقبة كأداء في وجه من يريد تصفية قضية فلسطين ومن يريد الهيمنة على المنطقة لا بد أن يدمر سورية، مجتمعاً وجيشاً ودولة، كما نرى اليوم في العدوان الثلاثي المستمر على سورية، العدوان التركي – الامريكي – الاسرائيلي الذي يحاول في ربع الساعة الاخير أن يحقق ما عجز عن تحقيقه خلال تسع سنوات.

هذه الحكايات البسيطة تروي حكاية هذا المناضل الكبير الذي نحييه اليوم، ونحيي اللجنة الدولية للتضامن معه لاحياء هذه المناسبة، وقد كنا عادة في اللجنة الوطنية للدفاع عن الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال نقيم منذ 17 عاماً في الخميس الاول من كل شهر اعتصاما للتضامن مع الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال فقررنا ان يكون هذا اللقاء هو اعتصام "خميس الاسرى " لهذا الشهر على أمل ان نرى أسرانا محررين بفعل المقاومة بأسرع وقت ممكن ، وأن نرى أرضنا المحتلة كلها وقد خرج منها المحتل.


(نص الكلمة التي القاها الاستاذ معن بشور منسق عام الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة، منسق عام تجمع اللجان والروابط الشعبية في لبنان، أمين عام المؤتمر القومي العربي سابقاً في لقاء التحية بعميد الاسرى السوريين السابق المناضل الكبير صدقي سليمان المقت الذي دعت اليه اللجنة الدولية للتضامن مع الاسير صدقي المقت في "دار الندوة" مساء الاربعاء في 4/3/2020 وتحدث فيها الى بشور كل من الاعلامية ثريا عاصي، الاسير المحرر انور ياسين، عضو مجلس الشعب السوري نبيل صالح، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مروان عبد العال، عضو رابطة الحقوقيين الديمقراطيين حسن جوني، المحامية بشرى الخليل، ومنسق اللجنة الدولية الدكتور حسن حمادة، وبمشاركة المناضل المقت عبر رسالة صوتية).


تعليقات: