مغترب عائد تعرّض للتنمر بسبب كورونا.. المرض ليس عاراً


ساهم وباء كورونا بتجنيد شرائح المجتمع كافة ليصبحوا مراقبين صحيين. وربما تعدّى عمل البعض ليكون جليساً نفسياً لبعض المصابين، وإن عبر شاشة الهاتف فقط. وقد أثبتت #البلديات في المناطق أنّها على مستوى من المسؤولية. فتشاركت مع الطاقم الطبي ووزارة الصحة نشر الوعي واتخاذ التدابير حرصاً على سلامة أهلها ومنعاً لانتشار وباء #كورونا.

وشددت من خلال فريق العمل البلدي على الالتزام بالحجر المنزلي والابتعاد عن أماكن التجمعات والتقيّد بإرشادات وزارة الصحة حول التدابير الوقائية. وبادرت بلدية منطقة شارون "بتشكيل خلية أزمة متعاونة ضمت إمكانيات مادية ومعنوية إضافة إلى طاقم البلدية الذي كان جاهزاً لأي تفصيل أو مساعدة، خاصة خلال هذه الأزمة وما تبعها من تداعيات، خاصة النفسية"، وفقاً لرئيس البلدية مهنا البنا، والذي أكّد لـ"النهار" أنّ "إلى جانب واجبات البلدية بحماية مجتمعها، تعاونّا مع الجمعيات الأهلية والأحزاب محاولين إنقاذ البلدة من خطر الإصابات". ولا شك أنّ حالة الهلع التي نتجت عن الوباء، نتج عنها نشر شائعات عن أسماء إصابتهم محتملة، ليتبيّن فيما بعد أنّ نتائج فحوصاتهم سلبية". وقد أشار البنّا إلى أنّ "التداعيات النفسية لهذه الشائعات أخطر بكثير من التداعيات الاقتصادية التي يمر بها الفرد والتي تُحلّ مادياً. وقد واجهنا هذا الوضع في بلدتنا مع أحد الأشخاص الذي اقترب من حافة الانتحار بسبب تلفيقات المجتمع. علماً أنّ الإصابة بالفيروس ليست تهمة، إنما حالة صحية يمكن معالجتها". وقد تعرض الشخص الذي أطلقت عليه "تهمة الإصابة بفيروس كورونا"، إلى حملة من التنمّر الظالم "أوصلت قلة من الأفراد إلى نظم أبيات شعر تتداول اسمه وتتهكم عليه". وأضاف رئيس البلدية أنّ "هذه القلة من الأشخاص بإمكانها التخريب أكثر من الأعداء، لأنها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لغايات شخصية أو غريزية مؤذية للمصابين أو للمحتمل إصابتهم". وبسبب هذا الأسلوب من التعاطي مع المصاب "لم يتقدم أحد من أبناء البلدة بطلب إجراء فحص الـpcr الذي وفرته البلدية مجاناً، وقد أجري فقط لثلاثة أشخاص من أهل المصاب".

وأثبتت حالة واحدة مصابة بالفيروس في بلدة شارون، وهو ن.ب.، والذي أجريت له الفحوصات فور وصوله من البرازيل. وفي اتصال هاتفي مع "النهار" أكّد أنّه "تجنب الاقتراب من عائلته وهو محجور في منزل آخر، علماً أنه لم تظهر عليه أي عوارض مرضية". وروى تفاصيل رحلته إلى لبنان قائلاً إنّ "تكاليف العودة على طيران الميدل إيست إلى لبنان كانت أكثر من 3650 دولاراً أميركياً. أمّا التدابير الوقائية، فقد كانت متوفرة من قبل الطاقم والمسافرين. وكنت حريصاً طيلة فترة وجودي في البرازيل، وأثناء عودتي إلى بلدي، على عدم التخالط مع الآخرين تجنباً لالتقاط العدوى. وفور وصولنا إلى مطار بيروت تكفلت شركة الطيران بنقلنا إلى الفندق بعد إجراء الفحوص اللازمة من قبل وزارة الصحة. وفي اليوم التالي خرجت من الفندق وفقاً لنتيجة فحصي السلبية". وبقي ن. ملتزماً بإرشادات الوزارة بعد وصوله إلى منزله "تفاديت الاقتراب من عائلتي رغم تأكيد سلامتي. لكن حوالي الساعة العاشرة ليلاً تلقيت اتصالاً من وزارة الصحة يطلب مني الانعزال وإعادة إجراء الفحص، لأنني قد أكون حاملاً للفيروس". ووجه الرجل اللوم أولاً "إلى الدولة اللبنانية التي عمدت أحزابها أيام الانتخابات على تسهيل تنقل المسافرين واستقدام بعضهم على نفقتها الخاصة. ليتركوهم في هذه الأزمة لمصيرهم. وثانياً لبعض الأطراف المسؤولة في وزارة الصحة التي أذنت لي بالعودة إلى منزلي لتعود وتحذرني من احتمال إصابتي. وثالثاً لشركة الطيران التي تعاملت معنا بأسلوب مجحف ولم يتوفر لي مقعد على الطائرة إلا عند تأمين المبلغ بالدولار".

وذكرت مصادر في #الميدل_إيست لـ"النهار" أنّ "موضوع التسعيرة بالدولار هو قرار اتخذ وأعلن سابقاً بالتفاوض مع شركات الطيران الأخرى ونحن نقوم بالدفع للشركات الخارجية بالدولار. والشركة مسؤولة عن الليلة الأولى من إقامة المسافر في الفندق فقط وباتفاق مع الوزارة. والميدل إيست ملتزمة بكل إجراءات الوقاية حفاظاً قدر الإمكان على سلامة الركاب".

أمّا من الناحية النفسية فيقول ب. "أنا كتير مضايق لكن مش من مرضي"، إنما من كتابات بعض الأشخاص له على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة فايسبوك "أحدهم شمت باحتمال إصابتي وتمنّى لأمثالي التابعين لأحد الأحزاب مواجهة المصير نفسه، علماً أنني غير متعصب ووضعت أحد المباني الخاصة بتصرف البلدية لكل من يحتاج دون تمييز". وقد تواصلت وزارة الصحة نع ن.ب. لتؤكد له شفهياً أنّ نتائج الـPCR الخاصة به وبعائلته سلبية أي أنّه غير مصاب، مضيفاً أنّ "إحدى الطبيبات في منطقة عاليه طلبت إعادة الفحص للمرة الثالثة لأنها لا تثق بنتيجة الفحص الذي يجرى في المطار، فمن المسؤول عن هذا الأخذ والرد من قبل الأشخاص المخولين الفحص والتواصل مع الأفراد المحتملة إصابتهم وكذلك تعريضهم لإرهاب نفسي؟

ويدخل هذا النوع من التصرف البشري مع المريض في إطار التنمّر. فتوضح المحللة النفسية في علم النفس العيادي ريما بجاني في حديث إلى "النهار" سبب تأثر بعض الأشخاص بالتنمّر، قائلة أن "طريقة تعاطي البعض مع احتمال الإصابة أو حتى مع الفيروس تشبه إلى حد ما تجنبهم ذكر إسم مرض السرطان فيقولون (هيداك المرض) وكأنّهم بتلفظهم للاسم سيصابون به. ويجب على كل متحسس من التنمّر، تحصين نفسه وتجاهل المصدر المسبب للأذى الذي يستخدم حرية التعبير بطريقة خطأ ولا يقدرون عواقب ما يتفوهون به ويساعدهم بهذا عدم وجود حواجز الردع التي تكسرها وسائل التواصل وتسهل عملية التجريح بالآخر". وتتغذى قوة المتنمّر من الطرف المقابل "وخاصة إذا كان يتمتع بشخصية نرجسية ولديه مشاكل بعلاقاته مع الآخرين، فيرمي غضبه عن طريق العالم الافتراضي أي الفايسبوك وغيره". وللعائلة دور أساسي بمساعدة المريض، فتشير بجاني إلى "عدم المبالغة بالقلق وتغليب المنطق والعقل على العواطف لأن نسبة العلاج والشفاء كبيرة. وعدم التعامل معه وكأنه شخص عاجز ".

وبعض المسيئين للمصابين بفيروس كورونا أو للذين من المحتمل أن يكونوا قد أصيبوا، فهم أيضاً بحاجة إلى معالجة نفسية. وترجح الطبيبة النفسية كريستال عون نسبة تنمّر البعض "إلى نقص ثقافتهم حول المرض وخوفهم منه فيدافعون عن أنفسهم من خلال نبذ المصاب، والابتعاد عنه والسخرية منه. وبعضهم لديه حب الاستفزاز ومضايقة الآخر بسبب وجود مشاكل في شخصيتهم وأمراض نفسية، وهم بحاجة إلى مساعدة وتوعية اجتماعية بشكل دائم، لأنهم غير سليمين من الناحية النفسية والعقلية".

كورونا ليست مرضاً اختيارياً بل لاإرادي. ووصمة العار التي يلحقها البعض بالمريض تؤذيه نفسياً وجسدياً بسبب الضغط والقلق النفسي الذي يتعرض لهما واللذان يؤثران على مناعته. أصغوا لصوت ضمائركم ولا تطيلوا رحلة علاج المريض وتشعّبوا مرضه. فوباء التنمر أخطر من كل الفيروسات.

رئيس بلدية شارون مهنا البنا
رئيس بلدية شارون مهنا البنا


بلدة شارون
بلدة شارون


ريما بجاني
ريما بجاني


كريستال عون
كريستال عون


تعليقات: