أزمة أعراس اللبنانيين... بين الاستثناءات والتشدّد بالإجراءات اصرارٌ على حفلات وتأجيلٌ وإلغاء

مشهد من العرس الجماعي (النهار)
مشهد من العرس الجماعي (النهار)


غير مبالٍ بقرار وزير الداخلية منع الاعراس خلال أيام الاقفال بسبب التعبئة العامة لمواجهة فيروس كورونا الذي كشّر عن أنيابه في الأيام الأخيرة مصيباً عدداً كبيراً من اللبنانيين... بثّ جهاد في الأمس فيديو مباشراً من عرس أقيم داخل صالة للأفراح في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أظهر المعزومين الذين كانوا بالعشرات يرقصون على وقع الأغاني. المشاهد عادية لو كنا في زمن قبل كورونا، حيث لا خطر يهدّد حياة الناس، ولا فيروس سريع الانتشار.

العرس كان في بعلبك، بحسب ما قال جهاد لـ"النهار"، شارحاً: "أمضينا ساعات من الفرح بغض النظر عن كورونا الذي لا نصدق وجوده، لا أحد من الموجودين كان يضع كمامة أو اتخذ المسافة الآمنة التي تطلب من المواطنين". وعن تجرؤ العروسين على مخالفة قرار وزير الداخلية، أجاب ساخراً: "منذ متى يطبق القانون في بعلبك؟! كما انه لا حالات كورونا في منطقتنا"، لافتاً الى أن "الناس ملّوا من الأحزان، وأصبحوا يفتشون عن لحظات الفرح، وهم يؤمنون انه لا يصيبهم إلا ما كتب الله لهم، لذلك يحاولون إكمال حياتهم واضعين المخاوف خلف ظهرهم".

قرار صارم واستثناءات

عداد الإصابات بكورونا يسجل أرقاماً قياسية، ما دفع الحكومة للتشدّد بإجراءات التعبئة العامة، واتخاذ قرار الإقفال لأيام محددة، ومنع الأعراس والأفراح في تلك الأيام، ومع هذا منح وزير الصحة حمد حسن استثناءات لسبع حفلات زفاف كانت مقررة سابقاً يومي السبت والأحد، ما تسبب بإشكال بينه وبين وزير الداخلية محمد فهمي الذي أصر على تأجيل الحفلات إلى يومي الثلثاء والأربعاء المقبلين.

إحدى حفلات الزفاف التي حصلت على استثناء، عرس ملكة جمال لبنان السابقة فاليري أبو شقرا، في الباحة الخارجية في بكركي، قبل ان يستكمل في حديقة فيلا، ما دفع القوى الأمنية الى وقف الاحتفال. وزير الصحة اعتبر أنّه "علينا أن نتكيف ونعيش الأفراح والأحزان لكن بضوابط وإجراءات معينة، والعروسان قاما بالإجراءات الملزمة مع عدد متواضع من الحاضرين، وأعطيت استثناءات لإقامة 6 حفلات أخرى"، وأضاف: "في حال تسجيل خروق للإجراءات في الاستثناءات التي أعطيناها لحفلات زفاف فيتم التنسيق مع وزارة الداخلية لإعادة النظر بالاستثناء".

في المقابل، أعلن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات أنه "يُحظر على الراغبين بإقامة حفلات الزفاف الاستمرار بها في الأيام الخاضعة للإقفال التام والتي يمنع فيها منعًا باتًا إقامة أي نوع من الحفلات والسهرات بما فيها الزفاف. وبالتالي فإن أي إذن من أي جهة أو سلطة أتى ممنوعًا إطلاقًا، على أن يصار إلى تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين للقرار الصادر عن وزارة الداخلية والبلديات حول التدابير والإجراءات المتخذة للحد من انتشار وباء كورونا".

بين التأجيل والاقتصاد في المصاريف

بعيداً من الاستثناءات ينتظر العروسان بسام عبيد وجيهان جوهر (من طرابلس) انتهاء التعبئة العامة من اجل تحديد يوم لزفافهما والذي تأجل منذ شهرين بسبب فيروس كورونا، وبحسب ما قالته جيهان لـ"النهار"، فإنّه "بعدما حدّدنا حفل الزفاف ثالث أيام عيد الاضحى، تفاجأنا بقرار وزير الداخلية، طلبنا من مالك صالة الافراح ان يسمح لنا بإقامته غداً أو بعد غد، إلا انه رفض كون الصالة محجوزة، فتأجلت فرحتي للمرة الثانية من دون ان استطيع تثبيت تاريخ جديد كون لا يمكن التكهن بقرارات الحكومة". وأضافت: "ما يحصل أمر محزن ولا يمكنني الغاء الحفل والانتقال الى بيتي الزوجي من دون ان احتفل بفرحة عمري، ولأن لا شيء واضحاً، بدأت أخسر من وزني من كثرة التفكير، فأنا حزينة على ما أمرّ فيه"، على عكس جيهان اختصرت كيندا حفل زفافها يوم السبت الماضي في المنزل حيث اقتصر الحضور على المقربين من دون موسيقى تصدح في الأجواء وقالت: "عدا عن خوفي من كورونا وقرارات التعبئة العامة وامكانية دهم القوى الأمنية لنا، كان همي الأول أن اقتصد في المصاريف، فالأوضاع المادية لا تسمح لي ولزوجي أن نقيم احتفالاً كبيراً وقد حاولنا قدر المستطاع ألا يظهر للعلن أنّ حفلا يقام داخل جدران البيت كي لا نتواجه مع عناصر الأمن"، لافتة الى انه "لم ألغِ فرحتي كما فعلت صديقتي، إلا أني اختصرت منها فالأهم بالنسبة لي التفاهم مع شريك حياتي".

عرس جماعي عمّا قريب

إن كان يمنع إقامة حفلات الزفاف بسبب فيروس كورونا أيام الإقفال، فإن ذلك لا يعني إلغاء الأفراح، بل كما قالت خبيرة التجميل رانيا عثمان، "تم تأجيل معظم الحفلات الى يومي الثلثاء والاربعاء، الضغط اصبح على هذين اليومين، فانا لدي حجوزات كثيرة لتصفيف الشعر والمكياج، ما يؤكد ان القرارات التي تتخذها الحكومة خاطئة، فأي منطق هذا ان يحصر الناس في ايام محددة لتسيير حياتهم، وهل الكورونا خطرة في أيام محددة فقط"؟ وأضافت: "مصالحنا تأثرت بشكل كبير، نحن ننتظر موسم الصيف للعمل، فلا يكفي كل الازمات التي يمر بها لبنان حتى جاء قرار الإغلاق كضربة قاضية علينا، مع العلم ان الخروقات كبيرة سواء في المسابح أو الملاهي وحتى المقاهي".

عثمان واحدة من منظمي حفل العرس الجماعي في طرابلس، وهي الآن بصدد تحضير عرس جماعي في الضنية، وبحسب ما قالته "العرس في طرابلس كان ناجحاً جداً، ولم يحدث اي تقارب بين المدعوين الا عندما غنت شيراز"، وعن الحفل الجديد شرحت "تم تسجيل اسماء 15 ثنائياً سنفرح بهم عند الانتهاء من التعبئة العامة".

فيروس كورونا يفرض ليس فقط منع التجمعات أياً كانت لايام محددة، بل يفرض إلغاءها الى حين السيطرة على الوباء والانتصار عليه.

تعليقات: