حسابات كثيرة ومتضاربة حول الانتخابات المبكرة


قرأ الرئيس حسان دياب الرسالة الفرنسية التي حملها الرئيس إيمانويل ماكرون جيداً، لكنه عندما طرح إجراء انتخابات نيابية مبكرة أراد شراء المزيد من الوقت لحكومته، التي سقطت بالضربة القاضية بعد إنفجار بيروت المدمر، ونتيجة الأزمات الاقتصادية والمالية، فتهاوت الحكومة كما تسقط احجار الدومينو واحداً تلو الآخر.

طرح الانتخابات النيابية المبكرة لم يلاقِ صدى لدى المعارضة او القوى الممثلة في الحكومة، ربما لأن أصداء انفجار بيروت لا زالت أقوى، وعملية لملمة الأشلاء والانقاذ لم تنتهِ بعد. وأيضا لأن مجمل القوى السياسية لا ترغب بها، خصوصاً ان المشهد السياسي والتحالفات صارا مختلفين عن الانتخابات الماضية.

رست بورصة الاستقالات النيابية على عشرة نواب، والاحتمالات مفتوحة على ارتفاع عدّاد المستقيلين من المجلس. وقد حرص هؤلاء على وضع خروجهم من الندوة النيابية في خانة الاعتراض على أداء السلطة ووقوفهم الى جانب الناس.

لا أحد يمكنه التنبؤ الى اين ستصل مسبحة الاستقالات الفردية، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى إنتخابات على مساحة الوطن، حيث يمكن ان تحصل لاحقاً انتخابات فرعية. فإجراء الانتخابات المبكرة يفترض ان يسبقه تقصير ولاية المجلس النيابي الحالي بقانون عن المجلس الحالي.

تردّد وحسابات الكتل النيابية المحسوبة على تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية كانت واضحة. المقرات والاتصالات بقيت مفتوحة وقائمة بين معراب والمختارة وبيت الوسط، لكن الحماسة للاستقالة من المجلس كما تقول مصادر سياسية تفاوتت بين هذه التكتلات، بين الحماسة الزائدة وبين حسابات انتخابية وما يتصل بالمرحلة المقبلة ايضاً.

تيار المستقبل استقالت نائبته ديما جمالي، لكنه من أكثر المترددين. الرئيس سعد الحريري له حسابات انتخابية وسياسية، هو من المأزومين لأنه مهدد بخسارة ثلث تكتله النيابي، ولذلك يبدو أكثر اعتدالاً من القوات والحزب الاشتراكي المتحمسين للذهاب الى الانتخابات النيابية المبكرة. فالحريري حريص على عدم التصادم مع الثنائي الشيعي وحفظ الخطوط الحمراء مع حزب الله وما تبقى منها مع العهد، كما ان استقالة ثلث المجلس النيابي تؤدي الى فقدانه ميثاقيته السنية والدرزية.

التيار الوطني الحر يُحصي الأضرار المسيحية في هيكليته الحزبية والسياسية. ففاتورة انفجار المرفأ الكبيرة هبطت فوق رأسه، واثّرت على ما حققه من انجازات في السلطة، وأثّرت على شعبيته المسيحية، وبالتالي فإن اي انتخابات ستقضي على ما تبقى من رصيده المسيحي، الذي سيؤول الى أخصامه المسيحيين الذين انتهجوا المعارضة.

معراب متحمسة جداً للانتخابات، فهي اليوم قادرة ان تقضم من صحن التيار العوني. ومع الكتائب يمكنهما قلب التوازنات في الساحة المسيحية لصالحهما، اما الحزب التقدمي الاشتراكي فهو سيكون قادراً على الاتيان بالنواب ذاتهم، خصوصا انه لم يخرج رابحاً في الانتخابات الماضية.

بخلاف القوى السياسية، يبدو حزب الله ومعه حركة أمل لا فارق لديهما حصلت انتخابات مبكرة او بقي الوضع على حاله، لأن جمهورهما الشيعي زاد تمسكاً بهما. في كل الأحول فالسؤال على أي اساس تجري الانتخابات النيابية ووفق اي قانون ومن يديرها؟

تعليقات: