مجزرة المرفأ: دولة سراب وأحزاب أشباح


لا داعي لذكر مصادر معلوماتي حتى أثبت ما سوف آتي على ذكره في سياق هذه المقالة، لأنها كلها حقائق مصورة على أرض الواقع الأليم الذي حصل جراء التفجير الهائل في مرفأ بيروت، عصر يوم الرابع من شهر آب 2020.

حصل التفجير وغاب الحضور الإغاثي الفوري من جانب مؤسسات الدولة الصحية والأمنية بشكل رهيب ومطلق، مع استثناء شبيبة الصليب الأحمر اللبناني الذين هرعوا إلى كل الأماكن المتضررة فوراً، ودون تأخير. حماهم الله دائماً.

شاهدنا في الأيام القريبة السابقة مدى الحضور الفوري السريع والصارخ الذي كان يحصل من جانب قوى الأمن الداخلي، وخاصة قوة مكافحة الشغب، كلما تواجد بعض المنتفضين سلمياً على الفاسدين، بالقرب من السراي - وفي جوار مجلس النواب. كما حصلت مظاهر أخرى مشابهة، للسلطة الفاسدة، خلال انعقاد جلسات مجلس النواب الأخيرة.

انهار زجاج المنازل، والمحلات التجارية، وتشلّعت أبوابها، وسقط عشرات الضحايا، وجرح مئات الأبرياء القاطنين في بيوتهم، أطفالاً، ونساءً، وشباناً، وشيوخاً، وعجزة، ولم يحضر إلى مناطق المدور، ومار مخايل، والجميزة، والكرنتيا، المنكوبة، ليلة المأساة الرهيبة، أي عنصر من الأجهزة الأمنية المتعددة والعديدة، لتسهيل مرور عمليات الإغاثة الصحية التي كانت تقوم بها فرق الصليب الأحمر اللبناني، والحؤول دون حصول عمليات النهب والسرقة لمنازل المناطق المتضررة من قبل الزعران الذين تحميهم سلطة السراب.

مواضيع ذات صلة

بيروت ...

نعم، كان بإمكان القوى الأمنية إقامة حواجز على كل الطرق المؤدية إلى أماكن القهر، وتراقب الداخل والخارج منها، والحفاظ على أثاث المنازل، والآليات المحطمة في الشوارع.

ينطبق على غياب الدولة السراب قول الشاعر: "يا يوم قتل بزرجمهر، وقد أتوا، فيه يلبون النداء عجالاً"! إن دولة السراب لا تحرس سوى أولياء أمرها: من أمراء الحرب، ومافيات ولصوص علي بابا، وحيتان المال، وسكان مغاور القصور. أما الشعب فإنه بالنسبة إلى هؤلاء الدجالين ليس سوى وقود لجشعهم المسعور على التسلط، ومطية لشهواتهم الخبيثة في نهب المال العام.

الأسوأ من كل ذلك، هو الغياب الكامل لدى لكل منتسبي الأحزاب، وخاصة تلك التي تدعي أنها المسيحية، والمسيحية منها براء، وقيام زعرانها، بالتعاون والتضامن مع زعران سلطة السراب، في عمليات النهب والسرقة. لقد تسابقت تلك الأحزاب لاحقاً إلى تقديم طلبات "علم وخبر" إلى أوكار وزارة الداخلية، للموافقة على تراخيص تأسيس جمعيات "خيرية" حتى تختلس المساعدات التي تقدمها الدول التي شاءت المشاركة، مشكورة، في الحملة الإغاثية.

نعم وأيضاً، لقد غابت الأحزاب وأشباحها عن مسرح الجريمة العظمى، ليلة القدر الجهنمي الهائل، وتتساوى في تقصيرها وعدم مبالاتها مع غياب الأجهزة الأمنية الإغاثية والرقابية في دولة السراب.

سقطت الدولة السراب، وأحزاب الأشباح، في الحفرة التي أحدثها تفجير العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، وهم الآن جميعاً، يحاولون التخلص من الغرق في تلاطم أمواج فسادهم وإفسادهم وجرائمهم على صخرة الوطن المسلوب، للعودة إلى منابر دهائهم واستغلالهم؛ ويا ليتهم كانوا داخل العنبر رقم 12 قبل حصول التفجير حتى يتطايرون أشلاء وهباء، ويصبحون أثراً بعد عين.

* سعد نسيب عطاالله


تعليقات: