من يشتري السلاح للبنانيين الفقراء... تهيئة للفتنة؟


في أقلّ من أسبوعٍ سلسلة خروق نوعيّة سُجّلت على المستوى الأمنيّ أهمّها وربما أخطرها، كانت جريمة كفتون في الكورة التي لم تكتمل معالمها بالكامل لدى الأجهزة الأمنيّة ولو بات عنصر الإرهاب على خطّها من أكثر الفرضيّات واقعيّةً، كما تؤكد مصادر مُشرفة على سير التحقيقات.

أما اشتباكات خلدة التي دارت في الساعات الماضية فشكّلت دليلاً آخر على هشاشة الواقع الأمنيّ، بعدما تحوّل إشكالٌ حاول البعض الإيحاء بأنّه فرديّ للوهلة الأولى، إلى حرب شوارع بما للكلمة من معنى، وتطلّب وساطات من أعلى المستويات لإنهائها، وربما بشكلٍ مؤقّت، ليس إلا وكأنه لم يكف اللبنانيين في ذروة الفوضى العارمة التي يشهدونها بشكل يومي وسط الانهيارات المتراكمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاخلاقية.

وتقول هذه المصادر: ما بين جريمة كفتون الغامضة حتى الساعة واشتباكات خلدة الملتبسة، تتنوّع النماذج عن تفلّتٍ أمني لم يعد مُجرّد حبرٍ على ورق يندرج في خانة التكهنّات تارةً أو يصبّ في إطار «التهويل» طوراً، وفي الحالتين يخدم غاية التوظيف السياسي غير الخافي على أحد، لتسأل أوساط سياسية عن معنى هذا التوظيف الملطخ بدماء اللبنانيين، وعن الأفرقاء الذين يُتاجرون «بمادة» الدم بالعملة الاجنبية، وبالتالي، ايّ نتيجة يُمكن أن يتلقاها هؤلاء السياسيين في خضم أزمة جوع وفقر باتت على ألسنة الخارج قبل الداخل، ومن اين تأتي الاسلحة الغالية الثمن؟

ويكفي أن يعلم هؤلاء السياسيين، ان هناك نماذج خطرة للغاية وهي أخطر من اللعب بدماء الناس مُتمثلة بما كشفته الأجهزة الأمنية قبل يومين عن توقيف عنصرٍ ينتمي إلى تنظيم «داعش» كان يُخطّط لعمليّةٍ تستهدف الجيش وقوى الأمن في منطقة الجمّيزة مُستغلاً استنفار ما بعد انفجار المرفأ وتنقّل الدوريات الأمنية الدوريّ هناك، بعدما انتحل صفة المتطوّع للاستعلام تمهيداً للقيام بفعلته ، لكن هذه الاوساط، تعتبر أن أهل السياسة في لبنان يعيشون حتماً خارج الزمان والمكان، وكأن لا علم لديهم بماّسي الناس التائهة الى حدّ الجنون لتطرح السؤال التالي : ماذا لو لم تكتشف الاجهزة الامنية هذا «الداعشي» وقام بتنفيذ فعلته، خصوصاً أن الكثير من المعنيّين بالأمن لا يَبدون مُطمئنّين بالمُطلَق، وهم يؤكدون وجود مُؤشّراتٍ بالجملة لاستيقاظ خلايا نائمة من مجموعاتٍ محسوبة على «داعش» وغيرها، ولو أنّهم يُبدون ارتياحاً نسبيّاً لمسار الأمن الوقائيّ الذي تعتمده الأجهزة.

وتعتبر هذه الاوساط إنّه ليس خافياً على أحد، أنّ المجموعات الإرهابية تنتعش في زمن الفوضى التي لا يعلم أهل السياسة في لبنان أننا نعيش منذ فترة طويلة فيها وهي عارمة ، وخير دليلٍ على ذلك، أنّها نشطت في لبنان في أيام الفراغ السياسي على كثرتها أكثر من أيّ وقتٍ آخر، تماماً كما تنشط اليوم في البيئة الحاضنة للفوضى من سوريا الى العراق وغيرها من البلدان، والمطلوب الاّن من القوى السياسية على الفور العمل على احتواء الفوضى برمّتها، قبل كلّ شيء بالمبادرة إلى تحمّل مسؤولياتها وسدّ الفراغ الذي لم يعد التعايش معه خياراً وارداً لأحد، والاولوية على هذا الصعيد يكمن في العمل على تشكيل حكومة فاعلة سريعاً تستطيع اتخاذ القرارات والضرب بيد من حديد، بدل الاتّكال على وجود حكومة تصريف أعمال لا حول لها ولا قوة ولا تقدّم ولا تؤخر.

وتؤكد هذه الاوساط وتتلاقى مع المصادر الامنية قولها أن الجمر فوق الرماد وهو يشتعل يوماً بعد اّخر، ولا تستبعد أن تتجمّع في سماء لبنان غيوم كثيفة على الصعيد الامني خصوصاً وأن الارض مُهيأة مع النفوس المعبأة والاحتقان الطائفي والمذهبي لتنفجر على بقعة واسعة من لبنان، وما شراء السلاح بكثرة خلال الاشهر الماضية وغلاء اسعاره، سوى دليل أن هناك من يشتري للناس هذه الاسلحة بفعل واقع حال اللبناني الفقير والمعوز، مع العلم، ان سعر رشاش «الكلاشينكوف» ارتفع من ثلاثة ملايين ليرة لبنانية الى حوالى تسعة ملايين !... من أين يأتي المواطن الذي لا يملك أموالاً كي يقتات مع عائلته بمثل هذه الارقام من الملايين؟ وهل الطبقة السياسية نفسها هي من تشتري هذا السلاح تمهيداً لجعل الناس وقوداً لترفها السياسي !!

تعليقات: