فرحة أهالي الطلاب في الخارج بالدولار الطالبي يغمرها توجّس من عدم تنفيذه


خطوة إيجابية عكسها إقرار قانون الدولار ال#طلابي ولو أنّه لم يغطِّ كل نفقات التعليم، إلّا أّنّه أفضل من تحويل جزء من النفقات والأقساط على سعر صرف السوق السوداء والرضوخ للصرافين الذين يسرقون ويستغلّون أوضاع الناس الصعبة في أسوأ الظروف. في هذا المقال، نشرح بالتفصيل كيف يستفيد أهالي الطلاب في الخارج من هذا القانون، مفاعيله وآلية تنفيذه.

"بعت سيارتي لأدفع تكاليف تعليم ابنتي وسفرها، فهي ملزمة بالعودة إلى إيطاليا لأنّها في سنتها الثانية، ولتجدّد إقامتها وإلا ذهبت سنتها الماضية سدًى"، يقول موريس قسيس، عسكري متقاعد. أمّا ابنه، فهو الآن بانتظار تنفيذ قانون الدولار الطلابي ليستطيع العودة إلى أوكرانيا لاستكمال دراسته.

لدى موريس توجّس من عدم تطبيق هذا القانون من قبل المصارف، ويُحكى، برأيه، عن أنّ جمعية المصارف ستعترض على التحويل وأنّها ستتحجّج بأنّ لا مال لديها، "أقول لهم إنكم تسرقون وأكلتم البلد ومال الناس وحجزتم عليها، ما هذه المافيا؟ مصير الطلاب في الخارج الآن متعلّق بالمصارف وبمصرف لبنان، ونحن لا نشحذ، نحن نضع 15 مليون ليرة مقابل 10 آلاف دولار بسعر الصرف 1515، وهذا اسمه تسهيل أمور وهذه أموالنا"، يقول الأب.

هو راضٍ عن هذا القانون، لكن ابنته بحاجة إلى 700 أورو شهرياً كمصاريف فقط دون قسط الجامعة، "كيف لي أن أؤمّن ذلك على سعر 8000 ليرة للدولار؟" يسأل موريس. فمبلغ 10 آلاف دولار لا يكفي لتغطية نفقات أولاده، فقسط المنزل 450$ وقسط الجامعة 3000$، فكيف له أن يعيش بالمبلغ الباقي، وفق الأب، "هل عليه أن يأكل وجبة واحدة يومياً؟".

أمّا بلال، طالب في السنة الثالثة في روسيا، فيشتكي بالقول: "هاجرت من لبنان علّني ألقى حياة تعليمية أفضل، إلّا أنّ تداعيات أزمة الدولار لحقتني إلى هنا، ولا ندري إذا ما كان سيُطبَّق هذا القانون، نحن متخوفون لأنّ في لبنان يقولون ما لا يفعلون". فالجامعة هددتهم عدة مرات بالفصل إذا لم يدفع هو وزملاؤه الأقساط المترتبة من آخر فصل من السنة الماضية والفصل الحالي، وأعطتهم مهلة أقصاها أواخر الشهر الجاري، وإلّا الفصل.

"قيل إنّ الذهاب إلى هذا القانون هو لزوم ما لا يلزم لأنّ مَن يمتلك حساباً مصرفياً من حقّه التصرّف به، فحقّ الملكية مصداقيته الحقيقية هو حق التصرّف، لكنّ المصارف منعت المودعين من حق التصرف بحساباتهم وهذا اعتداء صارخ على الدستور اللبناني الذي يضمن الملكية وحق التصرف بها، فمن الباب القانوني، ما قامت به المصارف هو اعتداء على الدستور، لكن ما يلزم على مستوى القانون، هو الصرف على سعر 1515، لأنّ ذلك يتطلّب إصدار قانون، فهذا هو المبرر القانوني والتشريعي لوجود هذا القانون"، يفيد عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب إيهاب حمادة.

في إطار هذا القانون، استخدم النواب الذين صاغوه، وحمادة واحد منهم، صيغة الإلزام في العبارة الواردة في نص القانون. أي إن الصيغة القانونية المنصوص فيها القانون الذي صُدِّق في مجلس النواب هي صيغة إلزام المصارف بالتحويل لمَن يملك حسابات بالدولار أو بالليرة اللبنانية. ووفق النائب، حذفوا الحسابات الجارية وأدخلوا الحسابات الموطَّنة على قانون الدولار الطلابي، فالغالبية من اللبنانيين هم موظفون وحساباتهم موطَّنة في المصارف، وكانت هذه الأخيرة تتحجّج أنّ هذه الحسابات فارغة أو أنّه لم يتم التحويل منها سابقاً بينما هي التي كانت تعيق هذه العملية. لذا أدخلوا التوطين في نص القانون، فهو جزء من الحسابات المصرفية، وشملوا كل أنواع الحسابات لأولياء الأمور أو للطلاب سواء كانت بالعملة الأجنبية أو بالعملة اللبنانية، فالتحويل بالعملة الأجنبية يمكن أن يحوَّل، والتحويل بالعملة اللبنانية يصرف على سعر 1515 ليرة.

سقف التحويل هو 10 آلاف دولار، وهذا المبلغ هو نوع من الدعم والمساعدة، لكنّه فعلياً لا يكفي الطالب ولا يغطي جميع النفقات والمعيشة والتسجيل خاصة في دول أوروبا الغربية وأميركا، وفق حمادة.

ويشرح أنّ القانون شمل أيضاً الأشخاص الذين لا يملكون حسابات مصرفية، "لكن الآلية في هذا الإطار لم ينص عليها القانون. فإمّا أن يفتح المصرف لهم حساباً للطلاب بعد تأكيد المستندات المطلوبة، أو سندرس آلية يمكن العمل بها مع الحاكم لتكون محط تنفيذ، أمّا القانون فينصّ على حق هؤلاء بالتحويل وعلى المصرف أن يضع الآلية والطريقة بالنسبة إليهم، ونحن سنتابع التنفيذ خاصةً لهؤلاء الطلاب الذين يُقدّر عددهم بنحو 700 عائلة".

وهذا القانون مخصَّص للطلاب القدامى، بحسب حمادة الذي قدّم اقتراح القانون، ولا يشمل الطلاب الجدد، فإذا ما شملنا هؤلاء الأخيرين، جميع اللبنانيين سيهاجرون للدراسة في الخارج لأنّ الكلفة تصبح أقلّ عليهم من الدراسة في لبنان وبذلك ندفعهم إلى الهجرة، لكنّنا نعالج مشكلة قائمة وهي الطلاب الذين سافروا بوقتٍ كان سعر صرف الدولار 1515 ولا نريد أن نفتح مشكلة أخرى، ونراعي بموازاة ذلك الوضع المالي في لبنان أشد المراعاة. وتوجّه للمصارف بالقول إنّ "عليها أن تشعر بالمساعدة تجاه هؤلاء الطلاب الذين إذا لم نساعدهم الآن سيُدمَّر مستقبلهم".

ويسري القانون لسنة دراسية واحدة 2020-2021، "لكن حسب الظروف، ونأمل في العام المقبل أن تكون أفضل، لكن إذا ما بقيت كذلك، قد نمدّد هذا القانون أو نقدّم اقتراحاً لسنة أخرى"، يقول النائب. "وانسجاماً مع الواقع المالي، والحديث عن رفع الدعم والسلة الغذائية وغيرها، حاولنا حل المشكلة بشكلٍ آني على أمل أن يكون العام المقبل أفضل، لذلك لم نفرد القانون على مساحة من السنوات، فهذا أيضاً سيكلّف أكثر بكثير من الناحية المالية.

وعن آلية التنفيذ، كنا اقترحنا، تشكيل لجنة في مجلس الوزراء بموجب مرسومٍ يكون لوزارة التربية ووزارة الخارجية أعضاء حكميون فيها لتشكيل اللوائح والتدقيق في المستندات، لكن بعد استقالة الحكومة كان القطار قد فات على هذا الموضوع، فالطلاب قد التحقوا بالجامعات، لذا عدّلنا الآلية وأدخلنا إلى القانون آلية سهلة لتيسير عملية التحويل، من خلال التثبّت من حق الطالب عبر تقديم مجموعة من المستندات والعلاقة مع المصرف، عبر إبراز ثلاثة مستندات، وهي إفادة تسجيل جامعية حالية، إفادة مدفوعات جامعية سابقة، وإيصال سكن أو عقد إيجار"، يشرح حمادة.

ويؤكّد على أنّ العمل بهذا القانون يسري بعد توقيع رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية، وخلال 15 يوماً يكون موضع التنفيذ. بعدها يجب أن تكون هناك آلية متابعة لكيفية التنفيذ والمشاكل التي تنشأ، لإيصال الناس إلى برّ الأمان.

وفي ما يتعلّق بمراقبة تنفيذ هذا القانون، شدّد حمادة على أنّ "قد توصلنا إلى اتفاقٍ مع حاكم مصرف لبنان بأنّ المصرف الذي يتخلّف عن تنفيذ هذا القانون، يُقدَّم فيه دعوى قضائية تذهب إلى الحد الأقصى، لأنّ هناك سنداً قانونياً، ولم نعد نستند إلى تعميم، فهذا قانون صادر عن مجلس النواب وبالتالي نتعامل مع تشريع، وملّكنا المواطن اللبناني مستنداً قانونياً وهو نص تشريعي يستند إليه في المحاكم اللبنانية ويقاضي مَن لا يلتزم به".

"نعتبر إقرار هذا القانون هو انتصار للبنان وللطلاب وللعلم، وهذا الانتصار هو جهد الجمعية، جهدٌ دام تسعة أشهر، الجمعية نصت الاقتراح بما يناسب وضع الطلاب، فهذه المشكلة وطنية بامتياز وعابرة للطوائف وللمناطق، وضعنا جهداً كبيراً لكي نصل إلى مستند قانوني نعتمد عليه، وأبعدنا هذا الملف من التجاذبات السياسية والتجار، اعتمدنا على أنفسنا بتكليف من الأهالي"، وفق العضو في جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج، سامي حمية. ويعتبر أنّهم "راضون عن هذا القرار ولم نحمِّل عبء بنودٍ إضافية كي لا يطير القانون كلّه، إذ كنّا قد طلبنا شمل الطلاب الجدد بالقانون وتحويل 15 ألفاً بدلاً من 10 آلاف، وهذا المبلغ ندفع ثمنه على سعر 1515 وليس تبرعاً لنا".

وقد راعت الجمعية مالية الدولة والظروف الصعبة التي تمر فيها، وتشاركت العبء معها، إذا كانت قد وضعت مبلغ 15 ألف دولار وخفضته إلى 10 آلاف علماً أنّ كلفة الطالب في الخارج تراوح بين 12 و20 ألف دولار. لكن المهم الآن، وفق حمية، هو تنفيذ القانون، بعد توقيع رئيس الجمهورية عليه، و"نحن نعوّل على همة وإنسانية فخامته لأنّ الموضوع يعني كل اللبنانيين وبناء الوطن"، فالجامعات في الخارج تضغط على الطلاب وتحدّد لهم مهلاً أقصاها منتصف الشهر الجاري، تحت طائلة الفصل.

ووقّعت الجمعية على عريضة من الأهالي وستتقدّم بشكوى بحق الصرافين، لأنّهم سرقوا أموال الطلاب وكانوا يعطون الأهالي 400 دولار ويجبرونهم على توقيع أوراق استلام فارغة للمبلغ، إذ كان الصرافون يأتون بـ3500 دولار من مصرف لبنان باسم الطالب ويعطون 400 دولار للطالب ويسرقون 3100 دولار ليتاجرون بها في السوق السوداء، وفق حمية.

تعليقات: