ترسيم الحدود مع العدو سيؤدي الى الإعتراف والتطبيع أم لا ؟

الناشط السياسي والمؤمن بتحرير الوطن العربي ووحدته حسين السيد عباس ابو الحسن
الناشط السياسي والمؤمن بتحرير الوطن العربي ووحدته حسين السيد عباس ابو الحسن


لن أوجه رسالتي هذه الى الراضين بواقع العدو الإسرائيلي والمطبعين معه والملمعين اللاعقين اللاهثين وراء موقع أو منصب أو كسب مال حرام من هنا وهناك ، وإنما أوجه رسالتي الى جميع الوطنيين العرب ليس في لبنان فقط وإنما في كامل مساحة الوطن العربي الممتد من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي ومن جبال طوروس وزاجروس الى البحر العربي ونهاية الصحراء الكبرى والى القاطنين في الأراضي المغتصب او المقتطعة او المسلوبة ....

فلسطين عربية وستبقى عربية وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير وأن العدو الإسرائيلي هو مغتصب لها ومحتل ويبقى العدو الأوحد للأمة العربية مهما صعبت الأحوال وكبرت التحديات .. فلا إعتراف ولا مفاوضات ولا تطبيع ولا قبول بوجود المغتصب الإسرائيلي مهما بلغت التضحيات ومهما طال الزمن .

لقد عمد النظام الساداتي في مصر الى الإعتراف بالعدو وإقامة معاهدة الصلح معه .. غير أن الشعب العربي المصري لم ولن يقبل بهذا الإذلال ورفض ولم يزل رافضا معاهدة الصلح والتطبيع والدليل على ذلك أنه لايستطيح السواح الإسرائيليون أن يتجولوا في شوارع القاهرة او غيرها من المدن والمواقع دون مواكبة الشرطة وحراستها وهو نفس واقع الشعب العربي الأردني الرافض لواقع العدو وكذلك شعبي موريتانيا والسودان وكل الشعب العربي في جميع الأقطار العربية المصطنعة .

إن الأمة العربية البالغ تعداد سكانها ما يزيد عن الأربعمائة مليون والقائمة على مساحة تزيد عن ستة عشر مليون كلم ٢ لن تستكين ولن تخنع مهما طغى الحكام وخنعت الأنظمة . لا أقول هذا جزافا وإنما إيمانا مني بأن عبد الناصر سيبعث من جديد وهنالك الملايين من أمثال عبد الناصر وأن فجر التحرير سيبزغ قريبا بإذن الله .. أليس الصبح بقريب ؟

إن الزمن الذي نعيشه هو من أسوأ الأزمنة وأن طغيان أمريكا وحلفائها بلغ الحد الأقصى ... ومع الأسف الشديد فهناك من يتبارى من المتزلفين وأصحاب الأبواق الرخيصة لتلميع فكرة التطبيع مع العدو الإسرائيلي والإعتراف به وإنهاء العداء معه الى أن بلغ بهم الأمر الى إعتبار ترسيم الحدود مع العدو هو إنجاز تاريخي سيدخل مروجوه الى التاريخ من بابه العريض وسيخلدون على صفحاته .

وأقول : إن مجرد ترسيم الحدود وما جرى مما يسمى بالخط الأزرق ما هو الا إعتراف بحدود الكيان الصهيوني دون أن يؤدي حاليا الى التطبيع مع أن السيناريو الأميركي يهدف أخيرا الى الصلح والتطبيع مع العدو .. ترسيم الحدود يعني إعتراف واضح بأن هذه الحدود هي الفاصلة بين لبنان وفلسطين المحتلة أي أنها إعتراف واضح بكيان العدو وبأن وجوده شرعي !!!

لا أدين أحدا من الموجهين لهذا المشروع والمروجين له ، ولكن أود أن أنبه أن هذا الترسيم ولو كان عبر مفاوضات غير مباشرة وتحت إشراف وعلم الأمم المتحدة فهو تحديد لجغرافية كيان العدو وهو أيضا تضييع لجغرافية القرى السبع اللبنانية المحتلة والقرى اللبنانية الثلاث والعشرين في سهل الحولة والتي توازي مساحتها مساحة قضاء مرجعيون بأكمله .

ربما نعذر أصحاب المشروع بأنهم مغلوبون على أمرهم أو ربما سينتعش لبنان اقتصاديا وسيعمد البنك الدولي الى إعفاء لبنان من ديونه وووووو . ومع هذا فإني لا أوجه اللوم لأحد ولكن فقط للتذكير بأن الدعوة لترسيم الحدود هو تتمة لمشروع سايكس -بيكو في تقسيم الوطن العربي الى أقطاره الحالية وهو تحقيق لوعد بولفور المشؤوم للإعتراف بحدود كيان العدو مع أن العديد من النافذين صرحوا بأن هذا الترسيم لن يؤدي الى الإعتراف او التطبيع ، غير أن الترسيم الفعلي إن تم " لا سمح الله " فسيكون قد وقع المحظور ولو لم يتم التطبيع والأعتراف وإنهاء حالة العداء الآن فإنه سيتم لاحقا خاصة وأن القوى اللبنانية التي هي في موقع الرفض للمقاومة والتي تدعو الى الحياد أو تدعي بالفم الملآن أن ليس بيننا وبين العدو أي آشكال وأن له الحق بالعيش بأمان وسلام ستسعى هذه القوى لاحقا لترجمة الترسيم الى حالة القبول بواقع العدو والتطبيع معه وعندها لن ينفع الندم !!

أقول بصراحة تامة : لو أن الداعي لترسيم الحدود مع العدو الاسرائيلي كان أحدا (غير جنوبي شيعي ) لقامت الدنيا وما قعدت مع إطلاق سيل جارف من الاتهامات بالعمالة والخيانة ...... أما وقد صدرت هذه الدعوة من الجهة المقاومة تاريخيا للعدو والمناهضة له والمصرحة دائما بأن " إسرائيل شر مطلق وشيطان صغير تابع للشيطان الأكبر " أي الماسونية العالمية ، فإن الفئات الداعية للحياد مع العدو تكون قد سجلت إنتصارا كبيرا في أنها ألزمت غيرها بالدعوة للترسيم ولم تلبس هي هذا الثوب المشبوه ... !! وهذا ماسمعناه وقرأناه من تصريحات للعديد من الجهات المغايرة والمشكوك بولائها الوطني العربي .

آنا وباسم كل الشرفاء الوطنيين ما زلنا نهيب بقادة المقاومة بالتراجع عن الدعوة لترسيم الحدود مع العدو .. مع الرجاء بعدم تفسير الأمور على غير حقيقتها .. كما نرجو من الملمعين بالكف عن التلميع .. فالدهان يصبغ الظاهر وعندما يتعرض للماء تنكشف الصورة الحقيقية ، فالثلج وإن كان مغطيا لمساحة كبيرة من الأرض فسيذوب .. وعندها ستنكشف مظاهر التضليل والخداع والنفاق ....!!!

* حسين السيد عباس ابو الحسن (ناشط سياسي مؤمن بتحرير الوطن العربي ووحدته)

تعليقات: