الحطب الملاذ الآمن لأهالي القرى العكارية في ظل الأوضاع المعيشية

بعض تجار الحطب يجدون بالغابات المحترقة مصدراً لرزقهم
بعض تجار الحطب يجدون بالغابات المحترقة مصدراً لرزقهم


مع انتصاف شهر تشرين الثاني تكون الأرياف اللبنانية والجبلية منها على وجه الخصوص قد دخلت فعلاً في مواسم الشتاء والثلوج والبرد، والعكاريون كما في باقي المناطق اللبنانية باتوا الآن في ظل هذا الواقع المعيشي والصحي الصعب جداً وغير المسبوق، في سباق بين قدراتهم المتواضعة وتحضيراتهم السنوية لهذا الموسم.

إن تأمين مستلزمات التدفئة من أولى الاولويات وإلا فإن موسم الشتاء سيكون صعباً جداً على الاهالي في كافة القرى والبلدات العكارية وبخاصة الجبلية على ارتفاع 700متر وما فوق عن سطح البحر. في ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والتقنين القاسي المفروض وارتفاع فاتورة مولدات الاشتراك وسط شح مادة المازوت غير المتوفر بالشكل المطلوب لأسباب متعددة أبرزها التهريب والاحتكار، وهكذا الامر بالنسبة للغاز المنزلي.

وتبعاً لهذا المعطى بات الحطب الملاذ الاكثر أماناً بالنسبة للأهالي، فمن تيسر له جمع الحطب من البساتين والغابات القرببة كان به، وإلا فإنه سيضطر لشراء الحطب المقطوع من تجار الحطب الذين امتدت أياديهم ومناشيرهم الجائرة لتحتطب ما تيسر من غابات المنطقة التي كانت تعرضت أيضاً لأبشع أنواع التعدي بفعل الحرائق،لبيعه في مختلف المناطق وبأسعار عالية ،حيث لا حسيب ولا رقيب، بالاضافة الى ارتفاع اسعار الفحم ومشتقاته.

ويأمل الناشطون البيئيون بأن تتم مراقبة هذه الاعمال من قبل الجهات الرسمية والامنية المعنية، وإلا فإن كوارث إضافية ستحل على غابات عكار التي من المرجح أنها ستدفع الثمن باهظاً في ظل هذه الاوضاع الصعبة على كل الصعد، وبأن تتم عمليات التشحيل تحت أعين المسؤولين المعنيين.

ويقول عامر الاسعد وهو أب لعائلة مؤلفة من 7 أشخاص، بأن غالبية الاهالي ووجهوا أيضاً بارتفاع اسعار مواقد التدفئة سواء المصنعة محلياً او تلك المستوردة، فالاسعار تكوي الجيوب وليس بمقدور اي كان شراء المدافئ سواء على الحطب او على المازوت.

من جهته خالد البعريني الذي يملك مؤسسة لاستيراد وبيع المدافئ والمواقد ومستلزماتها يقول: "لم تتغير الاسعار عن السنة الماضية ، الا ان تراجع القيمة الشرائية لليرة اللبنانية امام الدولار هو العامل الابرز، و هو الذي يقف حاجزاً امام عدم قدرة الاهالي على شراء مواقد التدفئة وكافة مستلزماتها وهي بمجملها بالدولار. فالمدفأة التي كان سعرها العام الماضي 100 دولار اي 150 الف ليرة لبنانية، أصبحت اليوم بحدود الـ750 الف ليرة لبنانية اي ما يوازي الحد الادنى للاجور.

وأشار الى ان الاهالي بمعظمهم يتجهون لشراء مواقد الحطب خوفاً من انقطاع المازوت، ويطلبون المدافئ الاقل سعراً، فأوضاع الاهالي صعب مع تراجع الانتاج والرواتب بالكاد تكفي تأمين لقمة العيش، وأصحاب المصانع يستوردون كل المواد الاولية بالدولار الاميركي.

آملاً من الدولة اللبنانية دعم المواد الاولية لتمكين المصانع من تخفيض اسعار المواقد ولتسهيل الامر على الاهالي كي يؤمّنوا وسائل التدفئة لمنازلهم.

ويقول احمد زكريا بأن ابناء المنطقة بمجملهم فقراء وحتى متوسطو الحال باتوا اليوم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم المعيشية ويرزحون تحت ثقل اعباء وكلفة تأمين مؤونة الشتاء الغذائية وكذلك وسائل التدفئة.

وعن دور البلديات وما اذا كان بإمكانها الوقوف الى جانب الاهالي في هذه الاوقات الصعبة، يقول رئيس احد الاتحادات البلدية بإن واقع البلديات صعب للغاية والصناديق أغلبها فارغة والاموال المستحقة لها مع الدولة لم يتم دفعها حتى الآن، ووباء كورونا استنزف اموال البلديات بالاضافة الى مصاريف رفع النفايات وما الى ذلك من رواتب الموظفين والعمال.

ويقول فؤاد منصور إن موسم الشتاء سيكون قاسياً بكل المعايير، فمع وباء كورونا وموسم الرشح وارتفاع اسعار الادوية والمواد الغذائية، لا بد سيحل شتاء غير مسبوق في حياة ومعيشة اللبنانيين عامة وأبناء الريف بشكل خاص مع اعباء التدفئة.

ويشير الى ان المأساة عامة ليس على الللنانيين وحسب بل أيضاً على آلاف النازحين السوريين نزلاء الخيم والعشوائيات السكنية التي تفتقد مقومات العيش .

ودعا منصور مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين وكل المنظمات الشريكة وكل الهيئات الرسمية والخاصة المعنية الى اتخاذ التدابير السريعة تحوطاً واستباقاً لموسم الشتاء، وأن يتم تقديم المساعدات الفورية للنازحين السوريين وللمجتمعات المحلية المضيفة وتزويدهم بالمدافئ والمحروقات وبالمواد الغذائية وبالادوية والمعقمات على السواء، ذلك ان الواقع مرير وقابل الايام سيكون أقسى وأشد على قسم كبير من العائلات اللبنانية التي باتت تحت خط الفقر.

اما اصحاب محطات الوقود فيجمعون على ان تأمين المحروقات ليس بيدهم بل بيد الدولة وأصحاب شركات الاستيراد الكبرى، وفي حال تأمنت المحروقات لديهم سيؤمنوها للناس وإلا فلا حول ولا قوة.

فهل المسؤولون المعنيون قد احتاطوا لهذا الامر؟









تعليقات: