أعوام على تحرير الجنوب

ورش متوقفة في عيترون
ورش متوقفة في عيترون


القرى الحدودية تواصل ورشة الإعمار والحالة الاقتصادية من سيئ ألى اسوأ

يضيء التحرير شمعته الثامنة وسط اجواء غير طبيعية في الجنوب في ظل انشغال الجنوبيين وخصوصاً في قضاءي بنت جبيل ومرجعيون في اعادة اعمار ما هدمه عدوان تموز عام 2006.

ماذا يقول الجنوبيون في الذكرى الثامنة لتحرير ارضهم؟

من اقصى الجنوب وتحديداً من بلدة محيبيب الحدودية المطلة على فلسطين بدأت جولة "النهار". في هذه البلدة الصغيرة يواصل من اصر على البقاء فيها حياتهم الطبيعية. بعض المنازل اعيد ترميمها. اما المنازل المهدمة فلا تزال ورشة اعادة الإعمار على قدم وساق.

ويقيم فيها زهاء 500 شخص جلهم من عائلة جابر. ويفخر هؤلاء ان من بلدتهم نفذ احد المقاومين ابرهيم جابر عام 1968 عملية فدائية ضد الجيش الاسرائيلي، وهذه البلدة يسارية الهوى، مع نفوذ واضح لـ"حزب الله".

ويرى محمد جابر (37 عاماً) ان التحرير انجاز مهم للبنان لكن الحكومات المتعاقبة لم تول الجنوب الاهتمام الكافي وتركته فريسة لقوى الأمر الواقع.

من محيبيب الى قرية بليدا المحاذية، تبدو الحركة اكثر صخباً، فالمقيمون هنا يتعدون المئات فيما معظم اهالي بليدا مهاجرون الى المانيا او اتخذوا من الضاحية الجنوبية مستقراً لهم.

غرباً في اتجاه عيترون البلدة المشهود لها في تاريخ المقاومة وكانت حتى الأمس القريب معقلا للحزب الشيوعي اللبناني، الذي لا يزال يتقاسم النفوذ في البلدة مع "حزب الله" وحركة "امل".

ويقول رئيس البلدية سليم مراد: "انتصرنا على العدو الاسرائيلي مرتين، الاولى في 25 ايار عام 2000 والثانية في 14 آب 2006. لكن الحكومة عاقبتنا بحجب المساعدات عنا".

لا يتحدث أهالي البلدة كثيراً عن الذكرى الثامنة للتحرير بقدر ما يطالبون المسؤولين بدفع التعويضات لإعادة اعمار منازلهم، علماً ان عدد المنازل المهدمة يفوق الـ250 لا يزال القسم الأكبر منها على حاله ينتظر الافراج عن الأموال خصوصاً انها متوافرة على ذمة الأهالي وان المملكة العربية السعودية تبرعت باعادة اعمار عيترون، لكن الهيئة العليا للاغاثة لا تبادر الى دفع التعويضات لأصحاب الحقوق وحاولنا الاستفسار من رئيس الهيئة اللواء يحيى رعد لكن الأخير اعتذر.

بنت جبيل وعيناتا

مدينة بنت جبيل الصامدة بوجه عدوان تموز 2006 تختصر حكاية البلدات الحدودية. ورشة إعادة الإعمار متواصلة خصوصاً ان المكتب القطري لإعادة اعمار لبنان يواصل دفع التعويضات بانتظام وبوتيرة عالية، علماً ان أكثر من 1400 منزل هدم كلياً في المدينة وتضرر زهاء الألفي منزل. ويذكر ان اعمال الترميم انجزت في شكل شبه كامل. ولا يمكن المرور في بنت جبيل بدون ذكر سوقها التاريخية التي دمرت في شكل كبير واعاد القطريون اعمارها. إضافة الى بناء سوق موقتة تضم نحو 200 محل.

ومن بنت جبيل نزولا الى عيناتا بلدة العلماء والشعراء. فالبلدة دفعت 43 شهيداً في عدوان تموز بينهم 14 مقاوماً، انضموا الى قافلة شهداء عيناتا التي بدأت منذ الاستعمار التركي ولاحقاً الفرنسي، والبلدة كانت معقلا لليسار و"الحرس الشعبي" وأبرز شهدائه علي ايوب الذي سقط عام 1972. وايضاً هي مسقط رأس المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله ويمثلها النائب حسين فضل الله في مجلس النواب. البلدة دمر فيها نحو 480 منزلا وتبنت دولة قطر اعادة اعمارها، وحال عيناتا لا يختلف عن جارتها لأن التعويضات تدفع بانتظام.

وقرب مبنى البلدية يستريح السيد عبد الأمير فضل الله، متكئاً على عصاه يراقب سكون البساتين، المحيطة بجبانة البلدة. أما ساحة عيناتا فتزينها صور جميل النمر وزيد حيدر وبلال وعلي... وغيرهم من "شهداء الوعد الصادق"، اضافة الى عشرات المقاومين من مختلف الاحزاب.

في طريق العودة الى بيروت نمر في بيت ياحون وبرعشيت وصفد البطيخ والجميجمة. وحال هذه القرى والبلدات تشبه مثيلاتها في المنطقة الحدودية.

انه الجنوب الذي يدفع ولا يزال ضريبة الصراع العربي – الاسرائيلي. الجنوب بترابه المجبول بالدم ورائحته كرائحة الارض بعد الشتوة الاولى يستقبل ذكرى التحرير الذي ترنح امام الإجماع المفقود، علماً ان لبنان في تاريخه الحديث لم يجمع على امر ما.

تعليقات: