«حملة» على قرار لوزيرة العدل «يطال» المصارف

وزيرة العدل ماري كلود نجم
وزيرة العدل ماري كلود نجم


أصدرت وزيرة العدل ماري كلود نجم قراراً بتأليف لجنة برئاسة القاضي مهيب معماري وعضوية عدد من القضاة والمحامين والقانونيين مهمّتها إصدار نصّ قانوني يعالج مسألة اشتراط المصارف الإيفاء بالعملة الأجنبية، في حال تمّ الاتفاق على التعامل بالعملة الأجنبية، إضافة إلى إشكالية هل يحقّ للمدين أن يبرئ ذمّته بالعملة الوطنية؟ وهل يحق للدائن رفض الإيفاء بواسطة شيك محرر بالعملة الأجنبية إذا كانت المؤونة محتجزة لدى المصرف؟

كُلّفت اللجنة مهمة صياغة نصّ بشأن الاتفاقيات بين المودعين والمصارف حول الإيفاء بالعملة الأجنبية وإمكانية إيفاء الالتزام بالعملة الوطنية والإشكالات المترتّبة من جرّاء ذلك، بالاستناد إلى القرارات الصادرة عن المصرف المركزي والقرارات القضائية.

عدد من القانونيين استوقفه لجوء وزيرة العدل إلى تأليف لجنة خاصة واستبعادها هيئتين رسميتين تابعتين لوزارة العدل مكلّفتين بحسب القانون بإعداد مشاريع القوانين والقرارات التنظيمية وهما: هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ومجلس شورى الدولة. وبحسب قانونيين، فإنّ المادة الثامنة من قانون تنظيم وزارة العدل تنصّ على وجوب تولّي هيئة الاستشارات «إعداد وصياغة مشاريع القوانين والمراسيم والقرارات التنظيمية والتعاميم ومشاريع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي يُطلب منها وضعها». كما تنصّ المادة ٥٦ من نظام «مجلس شورى الدولة» على أن يُساهم المجلس في إعداد مشاريع القوانين، حيث يُعطي رأيه في المشاريع التي يُحيلها عليه الوزراء ويقترح التعديلات التي يراها ضرورية لصياغة النصوص التي يُطلب وضعها. انطلاقاً من هاتين المادتين، ومن مبدأ لا اجتهاد في وجود النص، يستغرب قانونيون تأليف لجنة خاصة بدلاً من الاستعانة بهيئتين رسميتين ينص القانون بوضوح على صلاحيتهما في هذا المجال. وأعدّ الأستاذ الجامعي والمحامي بالاستئناف عبده جميل غصوب تعليقاً قانونياً مؤلفاً من ست صفحات تضمن ملاحظات على «المستويين التشريعي والقانوني». فقد اعتبر أنّ مهمة الدراسة يجب أن تقتصر على «إمكانية إصدار نص قانوني» من دون أن تتعداه إلى «إعداد مشروع نص قانوني»، حيث سيُعتبر عمل اللجنة باطلاً لتجاوزه حد السلطة. واعتبر أنّ لا فائدة علمية أو عملية من تأليف هذه اللجنة، مشيراً إلى أنّ قرار الوزيرة يتضمّن تعدياً على صلاحيات هيئة الاستشارات والتشريع في الوزارة. كما اعتبر أنّ القرار يُمثّل خطأً منهجياً لكونه يتسبب في «التشريع البيروقراطي» وهو منبوذ في منهجية التشريع. كما اعتبر أنّه لو كانت خطوة الوزيرة هدفها الاستعلام، لكان الأجدر أن يبقى الأمر سرياً وليس بموجب قرار بات بمتناول الجميع.

في مقابل الآراء المنددة بخطوة وزيرة العدل، علّق المحامي ناضر كاسبار على قرار وزيرة العدل، معتبراً أنّها تملك صلاحية تعيين لجنة من قضاة ومحامين ورجال قانون لإبداء الرأي في شأن مسألة قانونية، مشيراً إلى أنّ هذا الدور استشاري خاص بالوزير. وذكر كاسبار أنّها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها وزير العدل بتعيين مثل هذه اللجنة لدراسة موضوع معين فيه تضارب بالآراء والأحكام، لمحاولة إيجاد وسيلة للعلاج واقتراح النصوص التي تُزيل الالتباس في الحلول. وسأل كاسبار أليس ذلك من صلب مهام وزير العدل، على اعتبار أنّ دور اللجنة المعينة بحثي محض ويتعلّق بإبداء الرأي وليس فرض حلّ معين.


مصادر نجم: المادة 33 من قانون تنظيم الوزارة تمنحها حق تأليف لجان لإنجاز دراسات ومشاريع قوانين

وفي السياق نفسه، استغربت أوساط وزيرة العدل ماري كلود نجم ما تسمّيه «الحملة التي تُشنّ ضدها» على خلفية تأليف هذه اللجنة، كاشفة عن قيامها بتأليف نحو عشرة لجان خاصة مشابهة لإعداد دراسات محددة من دون اعتراض أحد. وذكّرت المصادر بقرار الوزيرة تأليف لجنتين إضافيتين بعد تأليف هذه اللجنة، متحدثة عن طلبها إجراء مقارنة مع الدول التي مرّت بأحداث مالية مشابهة لما يمرُّ به لبنان. وتساءلت أوساط الوزيرة: «كيف يُمكن لمجرد دراسة قانونية أن تُلزم المحاكم، وهل بات البحث القانوني ممنوعاً في لبنان؟». وتحدثت المصادر عن استناد وزيرة العدل إلى المادة 33 من قانون تنظيم وزارة العدل التي تُعطي الحق للوزير في تأليف لجان مؤلفة من قضاة ومحامين وأهل قانون للقيام بدراسات قانونية أو وضع مشاريع قوانين.

تعليقات: