جائحة الكورونا.. وقاية واتعاظ

إغلاق المقاهي بسبب الكورونا.. رُبَّ ضارةٍ نافعة!
إغلاق المقاهي بسبب الكورونا.. رُبَّ ضارةٍ نافعة!


لي قريبة كانتُ دائماً عندما التقي بها تبدو مُتجهمة الوجه عابسة كئيبة وكأنها تحمل هموم الدنيا على كتفها، وكنت عندما أسألها عن السبب كانت تردّ بأنّ أوضاعها جيدة ولا ينقُصها شيء، ولكن كنتُ أعرف في قرارة نفسي بأنّ حالها ليست كما تدّعي، فقد كانت إمرأة كتومة فاضلة تخفي في داخلها همومها وأوجاعها وجروحها كما مُعظم نساء شرقنا حفاظاً على كرامتها وكرامة العائلة ولعدم البوح بأسرار العائلة ومكنوناتها، ومنذ مدّة وبعد إنتشار وباء الكورونا جمعتني بها إحدى المناسبات العائليّة، ومما أثار دهشتي وحيرتي فقد كانت البسمة والضحكة لا تُفارقان وجهها، تتنقل ببهجة وفرح من مكان الى آخر وهي في مُنتهى السعادة.

فعزمت على إكتشاف السر الذي أدى الى تبدُّلها من أدنى درجات التشاؤم إلى أقصى درجات التفاؤل، وبعد جهدٍ جهيد توصلت الى معرفة السبب وهو أنّ زوجها الصهر العزيز كان مُدمناً على لعب القمار والميسر، يُعاشر أبناء السوء، مُفلساً وقد تراكمت عليه الديون، غائباً عن المنزل بشكل مستمر، لا يبالي بمتطلبات وحاجات أسرته، مُحبط كثير الغضب يصل به الأمر الى ضرب أولاده وزوجته.

لكن وبعد أنتشار وباء الكورونا تغيَّر صاحبنا فأصبح يلتزم منزله، يُنادم ويُسامر أفرادعائلته ويحتضنهم ويعتني بهم، وإمتنع عن التواجد ضمن التّجمعات وتخلى عن لعب القمار وعن إرتياد الملاهي والمرابع الليليّة ومواخير السيئات خوفاً من العدوى. فرُبَّ ضارةٍ نافعة، فها هي الكورونا تُغيّر الكثير الكثير من أمثاله ومن عادات وأنماط الحياة التي كانت سائدت قبل أنتشارها الى الأحسن والأفضل ومن أهم هذه الحسنات ولو قليلة وتكاد لا تُذكر مُقارنةً مع الأضرار التي خلفتها في العالم أجمع.

ـ إعادة تقوية الروابط العائليّة بعد أن شهدت هذه الروابط ظاهرة مُخيفة من التّمزّق والشرذمة والتفكّك نتيجةً لما يُسمّى بالتّطور والحداثة.

ـ تخفيف التلوّث في العالم لاسيما تلك المتأتية من ثاني أوكسيد الكربون والناتج عن عوادم السيّارات والمساعدة في إلتئام طبقة الأوزون.

ـ تراجع الخيانات الزوجيّة وشيوع العلاقات الجنسيّة الغير مشروعة والدّعارة وحفلات الصخبِ والمجون، والتي أضحت كالعبادة في هذا الزمن.

ـ تعزيز النظافة والوقاية الصحيّة .

ـ وأخيراً وليس آخراً عودة الإنسان الى الأيمان بالله الخالق ، ففيروس لا يُرى بالعين المُجرّدة ولا تدري من أين يأتيك قد هزّ العالم كلّه وأحدث خوفاً ورعباً وجنوناً، وفعل أكثر من أن تستطيع كل آلة الحرب المُدمّرة والشاملة التي صنعها الأنسان فعله.

الكاتب طعّان حبشي
الكاتب طعّان حبشي


تعليقات: