إصابات ذوي الاحتياجات الخاصة: كم نحن وحيدون!


خسر أحمد بزي شقيقته متأثرة بإصابتها بفيروس «كورونا». مرضت الشابة 3 أيامٍ قبل أن تفارق الحياة. نزل خبر الإصابة كالصاعقة على العائلة، خصوصاً أن شقيقته كانت من «ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان التعامل مع حالتها صعباً بعض الشيء بالنسبة إلينا، لكونها لا تستطيع التعبير عمّا يؤلمها وما تحتاج إليه».

بعد موتها، أصيبت بالفيروس شقيقته الأصغر التي تبلغ من العمر 25 عاماً، وهي أيضاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ كانت تعاني من تأخر ذهني وانفصام. كانت تلك التجربة الأصعب، إذ «كانت كالطفل الصغير كثيرة الصراخ والانفعال، وكان من شبه المستحيل، مثلاً، قياس نسبة الأوكسيجين لديها أو إعطاؤها الدواء». 26 يوماً مع الـ«كورونا» كانت من التجارب التي «جعلتنا ندرك كم كنا وحيدين ومتروكين». يسترجع أحمد الأيام التي عاشها مع مرض أخته؛ فمن صعوبة التعامل معها إلى الصعوبة التي تجلت في فقدان من «يساعدوننا في الأمر»، شاكياً من «قلة اهتمام الجهات المعنية بذوي الاحتياجات الخاصة». يتذكر أنه «برم» بأخته 4 ساعاتٍ بحثاً عن سريرٍ في مستشفى، إلا أن أحداً لم يستقبله، وفي آخر المطاف «استقبلنا أحد المستشفيات تعاطفاً»! في إحدى «الجولات»، وفيما كان يحاول إنزالها من سيارة الإسعاف، وقعت من بين يديه لأن السيارة لم تكن مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة.

لم يشفع شيء للشقيقتين في محنتهما، لا بطاقة وزارة الشؤون الاجتماعية «التي كانت مجرد حبر على ورق»، ولا الوزارات ولا الجمعيات. ما يعرفه اليوم أحمد بعد تجربتين قاسيتين انتهت إحداهما بالموت «أن أحداً لا يسأل عن ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء كانوا على قيد الحياة أم ماتوا».


لا خطط لدى وزارتي الشؤون والصحة للتعامل مع إصابات ذوي الاحتياجات

هؤلاء «درجة عاشرة في المجتمع»، تقول زينب فياض، والدة علي الرضا الذي قضى هو الآخر بفيروس «كورونا» قبل أربعين يوماً. خلال الفترة التي حجر فيها في البيت مع أمه، كان علي مقلاً في كلامه، لذلك لم تعرف كيف تتصرف معه، علماً بأنه قبل الإصابة «كان محتاطاً كثيراً، فقد فهم أن الكمامة تحميه من الإصابة وكان ملتزماً بها ولا يقترب من أحد».

ثمانية أيامٍ بقي علي في المنزل، وعندما كانت تشتد حرارته كانت تسعفه زينب في المنزل «إذ لا أعرف إن كان هناك مستشفى قد يستقبل مثل حالته». كانت تسأل نفسها مراراً: «إذا أخذته رح يشوفوه؟»، إذ كانت تدرك أنه «مش حدا إلو أولوية».

لم تأت اقتناعات أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة من عبث، فثمة واقع يقول ذلك، إذ لا وجود لأي جهة تتابع أوضاع هؤلاء في ظل جائحة كورونا؛ لا وزارة الشؤون الاجتماعية ولا وزارة الصحة العامة. ويلفت رئيس الاتحاد اللبناني لجمعيات الأشخاص المعوقين، موسى شرف الدين، إلى أن «أحداً لم يلتفت إلى وضع ذوي الاحتياجات الخاصة، وليس هناك من إحصاء دقيق يقول مثلاً كم عدد الحالات المصابة بينهم، وكم يبلغ عدد الوفيات. في الجمعية علمنا بوفاة ثلاثة أشخاص، لأن العائلات في الغالب لا تخبر بالإصابة. وأكثر ما يمكننا فعله هو القيام بورشات تدريبية حول سبل الوقاية من الإصابة». أما المتابعة «فيجب أن تكون من جانب وزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أن الأخيرة لم تلتفت ولم توقّع العقود مع الجمعيات منذ العام الماضي».

أما وزارة الصحة، فتشير مصادرها إلى أنه لا خطط مخصّصة لهؤلاء، وجلّ ما فعلته هذه الأخيرة هي إضافة «خانة» على المنصة الإلكترونية الخاصة باللقاحات «تسأل الأشخاص إذا ما كانت لديهم إعاقات»، لترتيب الأولويات في ما يخص تلقّي اللقاحات، فيما المطلوب هنا ليس خانة، بل خطة. بتعبير أوضح «خطّة دولة تبين فيها أسس حماية هذه الفئة وطرق الوقاية والعلاج والدخول إلى المستشفيات في حال أصيبوا»، يضيف شرف الدين. جلّ ما فعلته الدولة «إقرار 400 ألف ليرة لهؤلاء أسوة بالعائلات الفقيرة، ولم نتقاضها سوى مرتين فقط متل الشحادة»، يختم أحمد بزي.

تعليقات: