تعديل الإيجارات غير السكنية في لجنة الإدارة والعدل


قبل أربع سنوات وتحديدًا في 28 شباط 2017 أقرّ مجلس النواب مجموعة من التّعديلات على قانون الإيجارات الجديد، أبرزها ترميم المواد المبطلة بفعل قرار المجلس الدّستوري بردّ مراجعة الطعن بالقانون وإبطال مادّتين وفقرة من مادّة ثالثة تتعلّق بلجان الإيجارات. واضافة إلى هذه المواد، أقرّ المجلس خفض بدل المثل إلى نسبة 4% من قيمة المأجور، وتوسيع دائرة المستفيدين من صندوق دعم المستأجرين أو ما يُعرف بالحساب.

رحلة القانون لم تكن سهلة، خصوصًا مع التأخير بإصدار مراسيم إنشاء الحساب، وإنشاء اللجان، وبعدها صدور قرار وزير العدل ألبرت سرحان بتعيين مساعدين قضائيّين للجان. ومع ذلك، صدرت المراسيم ولو متأخّرة، وتقدّم المستأجرون القدامى بحوالى 10 آلاف طلب للإستفادة من الحساب، ولكن حتى الآن لا تزال هذه الطّلبات في أدراج قصور العدل من دون البتّ بها. أسباب التّأخير مجهولة، أبرزها كما يفيد أكثر من مصدر حقوقي، الظروف التي تمرّ بها البلاد منذ الاحتجاجات الشعبيّة المعيشيّة مرورًا بجائحة كورونا والإقفال القسري للبلاد.

عمليًا، من الواضح المضيّ بتطبيق هذا القانون ضمن المهل المحدّدة في مواده، باعتباره التّعديل الأخير للإيجارات السكنيّة، في خطّة واضحة لإنهاء هذه المعضلة، على أن تبقى معضلة أخرى تتعلّق بالإيجارات غير السكنيّة والتي تبلغ أعدادها حوالى الـ 25 ألف قسم، والتي تدرس تفاصيل الحلول الخاصّة بها لجنة منبثقة من لجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب جورج عقيص. وفي هذا الإطار، انتهى تمديد القانون القديم لهذه الإيجارات نهاية العام المنصرم، فدخلت مرحلة الفراغ، مع العلم أنّ زيادات تلحق بالبدلات وفق مؤشّر التضخم السنوي أو غلاء المعيشة على ألا تتخطّى هذه الزيادات الـ 5% من معدّل التضخّم الذي يصدر عن دائرة الإحصاء المركزي، ويبلغ عن العام 2019 ما نسبته #2.9%، فيما بلغت نسبة التضخّم السنوي عن العام 2020 ما نسبته84.9 %، أي أنّ النسبة ستكون ما قيمته 5 %.

تعليقًا على هذا الموضوع، قال رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله في اتّصال اجرته معه "النهار" إنّ الهوّة "أصبحت كبيرة جدًا بين الزيادات على البدلات والتي لا تتخطّى الـ 5% والمعدّل السنوي للتضخّم الذي بلغ مستويات غير مسبوقة مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية، حتّى أصبحت الإيجارات الجديدة موازية للقديمة، فكيف بالقديمة في الإيجارات السكنية التي سلكت طريقها نحو التحرير ولا يزال أمامنا 5 سنوات، وغير السكنية التي نطالب مجلس النواب بتحريرها على نحوٍ فوري لأنّ أملاكنا بحكم المصادرة والمحجوزة". وأكّد رزق الله أنّ "معاناة المواطن الذي تحجز أمواله في المصارف تشبه إلى حدّ التّطابق معاناة المالك القديم الذي حجزت أمواله غير المنقولة في عقارات استثمر فيها جنى عمره لتأتي الدولة فتضع يدها على جنى العمر لفترة بلغت أربعين سنة". وشدد على "رفض النقابة لأيّ منحى لتمديد الإيجارات غير السكنية والمطالبة بتحريرها فورًا لأنّه لا يجوز جني الأموال من قِبل المستأجرين على حساب المالكين".

أما لجان المستأجرين فكانت أوضحت من خلال رئيس لجنة الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات أديب زخور أنّ "قانون الايجارات المطعون فيه في العام 2014 نصّ على إنشاء اللجان خلال شهرين ولم تنشأ هذه اللجان لا في 2014 ولا في قانون الإيجارات 2/2017 ولم تنشأ اللجان نظريًا الا في المرسوم تاريخ 17 أيار 2019، بخاصّة أنّ مهلة إنشاء اللجان خلال شهرين من صدور القانون هي مهلة إسقاط ولا يمكن إنشاؤها بعد هذه المهلة، ولارتباطها بالمادة 8 من قانون الايجارات 2/2017 التي نصّت على تقديم الطلبات الى اللجان خلال شهرين من تحديد بدل المثل إما قضاءً أو رضاءً تحت طائلة سقوط الحقّ، وقد مرّت هذه المهلة من سنوات عدة، ولارتباط مهلة إنشاء اللجان بالتعويضات المخصّص دفعها للمستأجرين والتي سقطت وتناقصت كل يوم وساعة عند التأخر بانشاء اللجان من 2014 و2017، ما يعني انه يجب على القضاء أن يتحقّق أولاً من تعديل المهل وضمان إعطاء الحقوق وإنشاء اللجان خلال شهرين قبل المباشرة بتنفيذ عملها لان هذا التأخير أدّى إلى سقوط حقوق المستأجرين واقتطاع تعويضاتهم، سواء لممارسة حقهم بالترك الطوعي سندا للمادة 27 وعند الاسترداد للضرورة العائلية سندا للمادة 22".

اما آخر مستجدات الازمة فيمكن تلخيصها بالكارثة الأصعب التي تمر على لبنان عبر تدهور الليرة اللبنانية الى ادنى مستوياتها، في حين ان معظم الايجارات قد ابرمت بالعملة الوطنية، ولا سيما القديمة، لتتحول الى ايجارات شبه مجانية، فيما هناك عقود بالدولار، ولا سيما الجديدة، والتي يتعذر على المستأجر تسديدها بالدولار. وهذه الإشكالية تمتدّ إلى العام الحالي مع انكفاء الدولة عن إصدار أي قرار تحدّد فيه قيمة سعر صرف الدولار في الإيجارات مقابل الليرة اللبنانية.

تعليقات: