مصارف تفرض معاييرها الظالمة بلا رقيب


اذا كانت مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة والاقتصاد تحاول مكافحة الاحتكار والتلاعب بالاسعار ومراقبة الاسواق التجارية لحماية حقوق المستهلك، فإنّ الرقابة على ممارسات القطاع المصرفي غائبة تماما اليوم والشروط والقيود التي تفرضها المصارف على عملائها لا تخضع لأي حسيب او رقيب.

بعدما فقدت المصارف دورها الرئيس في تفعيل الاقتصاد عبر النشاطات التجارية المصرفية التي كانت تقوم بها من خلال منح القروض والتحويلات المالية والاستثمار في مختلف الادوات المصرفية، بما كان يؤمّن لها الأرباح ويموّل كلفتها التشغيلية ويضمن استمرارية عملها، باتت أعمالها اليوم تقتصر فقط على إتمام السحوبات النقدية.

إنطلاقاً من هذا الواقع المستجد، دأبت بعض المصارف على فرض شروط جديدة على عملائها وكأنها الآمر الناهي في هذا القطاع من دون إتاحة أي بديل او وسيلة امام العميل للرفض او الاعتراض، رغم ان الامر يتعلّق بودائعه التي يملك حريّة التصرف بها، ومع العلم انّ العميل لا يملك اليوم خيار الاستغناء عن مصرفه المعتمد بسبب تعذّر نقل امواله المحتجزة الى مصرف آخر ورفض المصارف كافة فتح حسابات مصرفية جديدة.

هذه الشروط المصرفية الجديدة والمبتكرة لمواكبة أزمة انحسار الايرادات، تهدف الى خلق مجالات جديدة لتمويل الكلفة التشغيلية للمصارف، وهي موجّهة بشكل رئيس نحو العمولات التي تستحدثها بعض المصارف بين حين وآخر على مختلف العمليات المصرفية البسيطة التي ما زالت تقوم بها، ومنها:

- فرض عمولة بنسبة 7 بالألف على السحوبات النقدية من حساب دولار fresh fund charges

- فرض عمولة بنسبة 5 بالألف على التحويلات المالية الى الخارج بالاضافة الى مبلغ اضافي محدد يبلغ 30 دولاراً fresh في الحد الادنى.

- فرض عمولة بنسبة 5 بالالف على عمليات ايداع الـfresh dollar في الحسابات المصرفية.

- عمولة بقيمة 50 دولارا لإصدار شيك مصرفي.

- عمولة بقيمة 30 دولارا على التحويلات المالية المحلية.

- فرض رسوم بقيمة 5 دولارات شهريا على حسابات الـfresh dollar (maintenance fees)

- 200 دولار fresh على كلّ بطاقة ائتمانية الكترونية debit card تابعة للحسابات الجديدة بالدولار fresh dollar account

امّا العمولة الاحدث، فهي قيام أحد المصارف المتوسطة الحجم (IBL bank)، وكجزء من تحديث الشروط المصرفية على حد تعبير التعميم الصادر عنه، بإخضاع خدمة توطين الرواتب الى عمولة ثابتة بنسبة 5 في المئة من مجموع الرواتب المحوّلة الى حسابات موظفي كل مؤسسة او شركة، على ان يتم خصم هذه العمولة من حساب الشركة لدى المصرف المعنيّ في تاريخ كل أمر دفع أو حوالة واردة من قبل الشركة ويكون موضوعها توطين راتب.

في هذا الاطار، اوضح مصدر مصرفي لـ»الجمهورية» ان هذه العمولة التي بدأ المصرف المعنيّ بتقاضيها بدءاً من اول الشهر الحالي لا يتحمّلها الموظفون الذين يتم تحويل رواتبهم، وبالتالي لن تُحسم نسبة 5 في المئة من رواتبهم بل من الشركة التي تقوم بتحويل الرواتب عبر المصرف المعنيّ، وهي عبارة عن مصاريف الخدمة التي يقدمها المصرف لهذه الشركة شهرياً لتحويل الرواتب.

واشار الى انّ الزيادة التي طرأت على مختلف العمولات التي تتقاضاها المصارف على اجمالي العمليات المصرفية التي تقدمها للعملاء، أوجبت زيادة مصاريف او كلفة تحويل الرواتب أيضا.

واعتبر انّ ممارسات المصارف او الشروط الجديدة التي تفرضها يعود سببها لانتفاء المنافسة في ما بينها، موضحاً انه عندما كانت المصارف تعمل بشكل طبيعي، كان عامل المنافسة يمنعها من تقاضي عمولات أكبر او فرض شروط مصرفية معيّنة، «ولكن اليوم في ظلّ توقف عمل المصارف وانتفاء المنافسة لم تعد المصارف تأبه لاستقطاب عملاء جدد وبات كلّ مصرف يضع الشروط الخاصة به ويتجاسر على رفع العمولات بالنسبة التي يراها مناسبة لتغطية أكلافه التشغيلية، واضعاً بهذه الطريقة عملاءه تحت الامر الواقع».

وفي ظلّ الفلتان الحاصل في ممارسات القطاع المصرفي، تبدو الجهات المولجة مراقبة وتنظيم عمل المصارف وحماية حقوق العملاء غائبة ومعطّلة، وكأن أحداً لا يريد ضبط الامور، ويتركون لادارات المصارف حرية التصرّف من دون الأخذ في الاعتبار المعايير والشروط التي كانت المصارف مُلزمة بالتقيّد بها في السابق.

وفي وقت لاحق، أصدر مصرف IBL bank بيانا توضيحيا جاء فيه:

«ان المراسلة التي تم تسريبها لا تعني على الاطلاق ان المصرف سيسجل اي عمولة اضافية على حسابات الافراد الذين لديهم توطين لرواتبهم.

انّ علاقة IBL bank بعملائها مع الشركات، ومنها الشركة المذكورة بالمراسلة المسرّبة، مبنية على تقييم شامل للعلاقة المصرفية، بما في ذلك الخدمات المطلوبة من المصرف والتي على اساسها تحدد العمولات المحتسبة على هذه الخدمات والتي تتحمّلها فقط الشركات المعنية.

انّ IBL bank يؤكد انّ هذه الشروط تعني حسابات الشركة فقط ولا تطال حسابات موظفي هذه الشركة على الاطلاق.

المودعون

وجّهت رابطة المودعين كتابا الى إدارة أحد المصارف في لبنان، اشارت فيه الى انّ احدى الشركات وصلتها رسالة من المصرف تتعلق بموضوع توطين المعاشات للموظفين وإعلامها بفرض عمولة بنسبة 5% من مجموع الرواتب المحوّلة على حسابات موظفيها.

وطالبت الرابطة المصرف «بتبرير هذه العمولة على مثل هذه الحسابات، خصوصاً أن أيّ من هذه العمولات او الزيادات غير القانونية غير ملحوظة في عقود فتح الحسابات والتي يستنسب مصرفكم فرضها، وأصبحت من قبيل الخوّة»، مؤكدة انه «لا يحق للمصرف تعديل عقد مع عميل بشكل أحادي ومن دون موافقة الطرفين».

ودعت الى وقف هذه العمولة فوراً، «وإلا ستلجأ الرابطة إلى إنذاركم بشكل قانوني، واتخاذ الإجراءات كافة بحقكم ومنها تقديم شكوى إلى لجنة الرقابة على المصارف وإخبار الى المراجع القضائية المختصة بحقكم».


* رنى سعرتي (اجازة في الاعمال الدولية والديبلوماسية واعلامية ومذيعة في مجال الصحافة الاقتصادية في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب)


تعليقات: