حكاية صورة: زيتونة “وادي الحجير”

زيتونة وادي الحجير
زيتونة وادي الحجير


‏نُكِب وادي الحجير، بين القنطرة وعلمان والغندورية، والذي شكّل فاتحة التحرير في عام 2000 نحو القنطرة وعلمان ودير سريان ثم الطيبة، بلعنة “التجار”، الذين أباحوا اقتلاع زيتوناته “العتاق” البالغ عمرها نحو ثلاثمائة عام أو أكثر، لتجرّد من مكانها؛ وزمانها الشاهد على أحداث جنوبية بالغة الأهمية والدلالات، أشهرها على الإطلاق “مؤتمر وادي الحجير” الذي جرى تحت فيافيها بتاريخ الرابع والعشرين من شهر نيسان سنة 1920.

استباحت الجرافات الوادي، وراحت “تحتال” على الشجرات التي لم يهزمها عدوان أو احتلال، لتقوم باقتلاعها من جذورها، كي تبقى صالحة للبيع والزرع ثانية؛ تحت عنوان استصلاح الأراضي. لقد فقد وادي الحجير حيزاً من طبيعته المميزة، وقلبه النابض بالتاريخ والروعة والجمال، من دون أن يهتز جفن لبلدية ما أو جهة مسؤولة في الدولة وأجهزتها المختصة ووزارتي الزراعة والبيئة”.

إحدى الزيتونات كانت تنتشر على مساحة لا يقل قطرها عن عشرة أمتار، بعدما فرّخت حول جذعها الأصيل، على مدى عمرها الطويل، نحو تسعة جذوع أخرى شكلت معها لوحة “الاجتماع والوحدة”؛ تردّد، أن عرض شرائها كان الأغلى بين نديماتها. بيد أن سوء الاقتلاع والنقل، الذي استمر يومين، حتى تمكن منها، حرمها من نصف أولادها، لتظهر في المكان الذي انتقلت إليه، ويراه البعض أجدر من الأصيل وتاريخه، كالأسيرة الثكلى؛ ولقد كانت هي مع أخريات في الجوار؛ ومجرى مياه وادي الحجير، شاهدات على المؤتمر العاملي الذي شكل في العشرينات من القرن المنصرم حدثاً مميزاً في حياة جبل عامل السياسية والتاريخية والمقاومة؛ الذي دعا إليه كامل بك الاسعد وشارك فيه العشرات من العلماء ورجال الدين ابرزهم الشيخ احمد رضا والشيخ سليمان ضاهر والسيد عبد الحسين شرف الدين؛ وأبطال المقاومة كأدهم خنجر وصادق الحمزة ومحمود احمد بزّي وغيرهم؛ وقرر المؤتمرون، في حينه، بالاجماع، انضمامهم إلى الوحدة السورية الفيصلية؛ والمناداة بالأمير فيصل ملكاً على سورية المستقلة؛ ورفض الدخول تحت الانتداب الفرنسي.

وردت الصورة وخبر ذاكرتها في كتاب “ذاكرة الجنوب، عين وأثر” تصوير وتأليف كامل جابر (2005). وكذلك في الصفحتين 106 و107 من كتاب “لبنان الجنوبي، عين تحاكي الجمال” تأليف وتصوير كامل جابر (2008). وفي كتاب مهرجانات بعلبك الدولية (2014)، وفي العديد من المنشورات والمطبوعات.

في العام 2018، تصدّرت صورة زيتونة “وادي الحجير” مع سبع من لوحاتي قاعة الوصول في مطار رفيق الحريري الدولي، بمبادرة من وزارة السياحة اللبنانية…

تعليقات: