في الثالث عشر من شهر حزيران في كل عام، ترتسم يا ولدي أمامنا بقامتك وبسمتك منذ الصباح حتى أعلن النبأ المشؤم عن شهيد سقط على محور المعلم في الضاخية.
لم نكن ندري من هو ونحن الصائمون في شهر رمضان..
انقبضت النفوس واضطرت الارواح ونحن لم ندري من هو الشهيد.. حتى الدموع سالت من الماقي حرة دون ارادة
وكان الملائكة في تلك اللحظات في هذا اليوم كانت تطير حيرى لا تعرف كيف توصل النبأ!
فقط صوت الراديو كان هو الناعي ولا اسم يذكر فقط (جاءنا ما يلي: سقط شهيد على محور المعلم) هذا ما نقله صوت الجبل الذي كان سلوتنا في تلك الأيام ومصدر الانباء التي كانت تحصل على ساحات المواجهات بين قوات الحركة الوطنية والقوات الانعزالية المتآمرة مع قوات الغزو اليهودي الصهيوني عام 1983.
هذا النبا المبتور والذي لم يفصح عن اسم الشهيد وكأنه ترك للملائكة والمشاعر الابوية إن تشعر وتحس وتضطرب ويغزوها القلق والالم حتى يأتي من ينقل الخبر المشؤوم من الرفقاء ويفصح باسم الشهيد الذي كان يحضر نفسه للسفر إلى ايطاليا لمتابعة دراسته في الطبّ.
أصبح الاحساس واقعاً وسقط الخبر كالصاعقة ولم تعد والدته تدري ما العمل وبلا شعور وتقدير للمخاطر والعواقب وبلا تفكير بالبيت وببقية الابناء.. فلم نشعر ووالدته إلا ونحن في السيارة متجهين إلى بيروت عبر شعاب وطرقات وعرة لا نعرف من أين تبدا وأين تنتهي. يرشدنا بعض من نلتقيهم على اقصر وأمن الطرق التي تؤدي إلى بيروت وهناك لست أدري ما حصل عندما علمت بالحقيقة المؤلمة إلا وانا في أحد المستشفيات أو المستوصفات الميدانية.
حالة واوضاع أسأل الله تعالى إن لا يصاب بها أحد وتجربة أن لا يمرّ بها انسان لانها تفقد الإنسان التفكير والارادة فيهيم على وجهه لا يعرف للدنيا والواقع حدود مرحلة عذاب والم في النفس والذاكرة تتكرر سنويا كلما أقبل علينا الثالث عشر من حزيران الحزين أو الرابع عشر من رمضان تقبض فيه النفوس وتغزو العيون سيولا من الدموع الحارقة تكوي الوجنات وتجفف ينابيع الدموع في الماقي.
حبيبي علي شهيد الحق والخير والجمال نم قرير العين في جنائن الرحمان إلى جوار الشهداء الابرار. لن ننساك وستبقى حيا في قلوبنا وعقولنا في كل حركات واعمالك وحنانك في كل زاوية وكل غرفة وكل شيء في البيت.
موضوع ذات صلة: علي فايز أبو عباس فتى الخيام الذي غمرته الشهادة قبيل وصوله إلى القمّة
تعليقات: