تطويب الحكومة بثلاثيـن قديسـاً؟

هل المطلوب بعد الدوحة: سلاح المقاومة ورأس حزب الله؟
هل المطلوب بعد الدوحة: سلاح المقاومة ورأس حزب الله؟


قد يكون في صفوف الموالاة اليوم من يهمس بخبث وسخرية: «لقد خدعنا المعارضة مرة أخرى، فأخذنا من اتفاق الدوحة ما نريد، وها نحن نماطل في ما يريده الآخرون. أدخلنا رئيسا الى قصر بعبدا، وأخرجنا المعتصمين من وسط بيروت، وها هو فؤاد السنيورة في السرايا «باق باق باق» ينظر الى ساحة رياض الصلح فارغة من «الأوباش». فلا حكومة بثلث معطل، بل حكومة تصريف أعمال الى ما شاء الله. ولا قانون انتخاب جديدا، وربما لن تكون هناك انتخابات. لقد وقع الشركاء في فخ الحلف الرباعي، وها هم يقعون مجددا في فخ الدوحة».

اذا كان هذا هو التفكير المفترض للموالاة، فبالتأكيد ان المعارضة بدأت تبني على أساس الخديعة، استراتيجيتها وتكتيكها للمرحلة المقبلة، ولسوف يسمع اللبنانيون الكثير من الكلام الذي أطلقه العماد ميشال عون الاسبوع الماضي، والأكثر من الكلام الذي قاله حزب الله على لسان مسؤول العلاقات الدولية نواف الموسوي الذي بات يعتبره البعض «لسان الحزب القاطع وسيفه المسلول». وقد يكون لسان المعارضة بشكل عام: «ليس لنا في البلد أكثر مما لهم، وعندما يسقط الهيكل فعلى رؤوس الجميع»!

الواضح ان المشهد السياسي القائم، وما سيتبعه من مماحكات تترجم عادة على الأرض، يعبر تعبيرا صادقا عن أزمة الثقة المتمادية بين جناحي البلد، موالاة ومعارضة. لكن هذه الأزمة لن تقتصر على مجرد انعدام الثقة، بل ستكون لها استتباعاتها الدرامية التي يبدو المسرح مهيأ لها في أكثر من منطقة، ليس آخرها الانفجار المفاجئ في طرابلس. وهذا يعني ان الصيف الساخن الذي وعد به مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش بدأ يدق الأبواب من جديد، ويعني ايضا ان كل الآمال الخادعة التي رافقت وأعقبت إعلان اتفاق الدوحة، لم تكن اكثر من سراب في صحراء قاحلة.

بهذا الثمن الذي يمكن ان يدفعه لبنان غدا او بعد غد، يمكن التسليم بأن المسألة ليست في حقيبة سيادية أو خدماتية، بل هي أكبر من ذلك بكثير، وأن المخاوف التي اطلقها البعض بعد اتفاق الدوحة بدأت تشق طريقها، ويفترض بنا نحن السذج الذين راهنوا على أجواء التفاؤل، ان يقدموا اعتذارا الى المتشائمين الذين كانوا أكثر نضجا وفراسة.

صحيح ان الذين راهنوا على اتفاق الدوحة انطلقوا من ثابتة انه تسوية مؤقتة تقود الى هدنة طويلة يرتاح خلالها لبنان بعضا من الوقت، على أمل ان تنتج الانتخابات المقبلة سلطة جديدة بعيدا عن الديموقراطية التوافقية والثلث الضامن او المعطل، لكن يبدو ان الرياح الخارجية لا تجري وفق ما تشتهيه السفن اللبنانية، وأن المطلوب من لبنان قبل الدوحة، هو نفسه ما هو مطلوب بعد الدوحة، ويمكن اختصاره بكلمتين: سلاح المقاومة ورأس حزب الله، ولا تراجع او تهادن مع هذا المطلب الذي يأخذ في هذه المرحلة تعبيرات متعددة، ليست مزارع شبعا الا واحدة منها.

أمام هذا المشهد السوداوي، لم يعد موضوع الحكومة أولوية في نظر المعنيين. فبعض التعابير التي سادت قبل الدوحة عادت مجددا الى الظهور، وبات تأليف الحكومة يحتاج الى عملية «تطويب»، تماما كما تم تطويب «أبونا يعقوب الكبوشي». لكن المشكلة هي في ايجاد ثلاثين قديسا دفعة واحدة في بلد الأرز!

تعليقات: