العشرات يرمون أنفسهم عبر البحر إلى قبرص

976 شخصًا هربوا عبر البحر خلال ستة أشهر (مديرية التوجيه)
976 شخصًا هربوا عبر البحر خلال ستة أشهر (مديرية التوجيه)


منذ أسابيع، عاد موسم الهجرة غير الشرعية من لبنان إلى الواجهة، مع مفارقة أن المهربين والهاربين سواسية، صاروا أكثر حرصاً على سرية تدابيرهم، وتوفير الحد الأدنى مما يعتبروه هروبًا آمنًا.

ويوم أمس السبت، أعلن الجيش اللبناني، إحباط محاولة تهريب لـ13 مهاجراً، بينهم لبناني واحد، والبقية من الجنسية السورية، قبالة سواحل مدينة طرابلس، على بعد خمسة كيلومترات من جزيرة الأرانب.

وحسب بيان الجيش، فقد ضبطت دورية تابعة للقوات البحرية مركباً يُستخدم في عمليات التهريب غير الشرعي، وكان يتجه من سوريا إلى قبرص، وقد فُقد الاتصال بهم منذ نحو 4 أيام، بعد أن ضل المركب طريقه. ولاحقاً، جرى توقيف المهاجرين، وبوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص.

عشرات المراكب

وواقع الحال، يندرج إجراء الجيش في سياق الضبط المتواصل، بعد ترصد المراكب الهاربة من السواحل اللبنانية، وتحديداً قبالة شواطئ طرابلس وعكار.

لكن في المقابل، ثمة عشرات المراكب، التي نجحت بمحاولات الهروب بحرًا، وفق ما تشير معلومات "المدن"، خصوصاً في غضون هذين الشهرين، بعد موسم الحر وقبل موسم الشتاء.

ويبدو أن الرغبة بالهرب من لبنان، خصوصاً لأولئك الذين لا يملكون مقومات الهجرة الشرعية للعمل بالخارج، تتجاوز وتفوق مخاوف تعريض حياتهم للخطر في عرض البحر.

وللتذكير، فقد ابتلع البحر في أيلول 2020 نحو 13 شخصًا من اللبنانيين والسوريين، بعد أن وقعوا ضحية أحد المتاجرين بقوارب الموت، ولم تشكل الحادثة المأساوية رادعا للمصممين على الهرب، إذ يواصل المئات الاستدانة وبيع مقتنياتهم، لتوفير كلفة الهروب أو للتشارك بكلفة شراء القوارب ومستلزماتها.

ورغم الخطر الكبير لعمليات التهريب، لم تبادر الأجهزة الأمنية المختصة لملاحقة كبار المهربين وإلقاء القبض على الرؤوس المدبرة للإتجار بمعاناة الناس، بل تقتصر الإجراءات على تتبع (صدفة ربما) للقوارب التي يترصدوها في البحر، أو بعد ضياعها.

ويتشارك بالهروب غير الشرعي لبنانيون وسوريون وأحيانا لاجئون فلسطينيون.

تدابير المهربين

ويبدو أن نسبة اللاجئين السوريين تتصدر المرتبة الأولى من بين الساعين للهروب من لبنان بطريقة غير شرعية. وقبل أشهر، أفادت مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة UNHCR، أن أكثر من 976 شخصًا هربوا عبر البحر، أو حاولوا الشروع بذلك، بين كانون الثاني 2020 وأيار 2021.

وتشهد عكار في الآونة الأخيرة حركة نشطة لعمليات التهريب، وقد لاذ العشرات بالفرار، قبالة منطقة العريض.

وتفيد معلومات "المدن" أن المهربين هذه المرة يحرصون جداً على ضبط تحركاتهم، حتى أن بعضهم لا يتواصل مباشرة مع طالبي الهروب، بل عبر وسطاء وأسماء وهمية وتبديل أرقام هواتفهم، تحسبًا لأي كمين يقود لإلقاء القبض عليهم.

ويبدو أن المهربين تعلموا من التجارب السابقة، إذ يقومون بتجهيز قواربهم بطريقة أفضل من السابق، وفق المعطيات، ويؤمنون فائضاً من البنزين والمازوت، كما يحرصون أن ينقل القارب الواحد بين 25 و30 هارباً كحد أقصى، نحو قبرص.

أما الكلفة، فتبلغ معدل 2500 دولار نقداً عن كل فرد. وهو ما يطرح التساؤلات عن مصادر الأموال لعشرات الهاربين مع أسرهم.

ويبرر معظم الهاربين خطوتهم التي تعرضهم لخطر الموت غرقاً، أنهم فقدوا سبل البقاء في لبنان، في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والعجز عن توفير الخدمات الأساسية، من دواء ومحروقات وكهرباء وغذاء.

ويتوقع كثيرون، إذا توسعت عمليات التهريب، أن تؤدي إلى عودة التفاعل الرسمي مع السلطات القبرصية، خصوصاً أنها عملت العام الفئات على إعادة مجموعات كبيرة من الهاربين إلى لبنان.

تعليقات: