مـشـيـئـة غــيـر سـمـاويــة

علي عبد الحسن مهدي
علي عبد الحسن مهدي


هذه المشيئة غير السماوية تظهر لنا جلياً عبر مشاهدة الأطفال لمشردين الذين يتاجر بهم في كل مكان، وعبر السجون التي تعج بالأبرياء، وعبر الشعوب الجائعة والأمراض التي تهدد مصير البشرية جمعاء... ظلم لا حدود له، وجريمة في ازدياد، وحروب متنقلة من مكان إلى مكان... العدل غائب ومغيّب وميت، والله جل جلاله بعيد كثيراً عما يجري على كوكب الأرض من كوارث ومظالم كلها من تصرفات الجنس البشري؛ ليس من المقبول وليس من المنطق والمعقول أن ننسب الى الله كل ما يجري من جرائم وأحداث وكوارث ومظالم ومجاعة وأمراض تهدد معظم سكان الأرض، ثم نقول: إنها مشيئة الخالق. الأرض في خطر، والإنسان الذي يتصرف تصرفاً بشرياً جائراً بل مجنوناً يسير بسرعة نحو نهاية مأساوية... ويحق لنا أن نتساءل: هل أن ما يجري من أحداث متسارعة: جفاف وتصحر يهددان بالموت الحقيقي أجزاء واسعة من الأرض قد يستحيل العيش فيها، وفيضانات مهلكة وأعاصير مرعبة لا تقل خطراً عن خطر الجفاف والتصحر نظراً لما تحدثه، تدمير يطال كل شيء من مزروعات ومبان وبنية تحتية وفوقية، ومعامل تنفث سموماً وسخاماً وموتاً بطيئاً، وأيد وآلات تبيد الغابات الخضراء وكلها تهدد طبقة الأوزون في أعالي السماء، ومصانع تنتج أسلحة ذرية فتاكة، وجشع مادي نهايته حروب مدمرة تنشر الأمراض والموت الزؤام، هل أن هذا الذي يحدث هو فعلاً مشيئة إلهية وإرادة ربانية؟!! هل الله يريد أن يقضي على الأرض وعلى كل مسببات الحياة فيها، أم أنه بعيد كل البعد عن كل ما يجري وأن الإنسان هو المسؤول الحقيقي عما يحدث من أمور خطرة لا تبشر بالخير على هذا الكوكب وأن عليه أن يصحح كل ما أفسدته يداه وما تسبب به من جرائم بيئية وحياتية أدت الى هذا الخلل في نظام الأرض الحياتي الذي تجاوز خط العودة وأن كل شيء أصبح في خطر وأصبح الإنسان عاجزاً عن فعل أي شيء من شأنه أن يعيد لهذه الأرض نظامها الحياتي وتكوينها، وقد ينتهي به المطاف في رحلة مع الحياة قد لا تستمر طويلاً وينتهي فصل كوني إلى غير رجعة على هذا الكوكب الجميل الذي خلقنا الله عليه لنسعد فيه فإذا بنا نقضي عليه مختارين؟

تعليقات: