فوّاز حسين: مفتاح الجنط.. قصة حقيقية


‏في خمسينيات القرن الماضي كان سائق سيارة تاكسي عمومي يدعى (أبو خالد) ينقل الركاب من القدس إلى الخليل وبالعكس

‏وذات يوم من أيام صيف حار انطلق أبو خالد بركابه من القدس باتجاه الخليل وعلى مفرق (بيت فجار) أشار له راكب فتوقف، وقال للركاب في الكرسي الخلفي

‏‏- دبروه عندكم، حرام الدنيا حر كثير..

‏فاعترض أحد الركاب وكان يرتدي طقماً وكرافة أنيقة، وقال للسائق:

‏- المقعد الخلفي فيه ثلاثة ركاب ومكتمل

‏ فزجره أبو خالد قائلاً:

‏- لا تفتح تمك بحرف واحد يا أفندي، بدو يطلع غصب عنك .. وإذا ضليت تحكي، بفج راسك (ولوّح بمفتاح الجنط)

‏صمت الرجل الأفندي مرغماً وصعد الراكب..

‏انطلق أبو خالد بسيارته إلى أن وصل إلى (بيت امر) فأشار له راكبٌ آخر، فتوقف، وقال للركاب في المقعد الخلفي:

‏- دبروه عندكم، حرام.. الدنيا حر كثير..

‏فعاد نفس الرجل الأنيق ليعترض، وكرر أبو خالد تهديده

‏‏‏- شو ما رح تسكت يا أفندي إلا فج راسك.. انكب سكوت ولا كلمة

‏صعد الرجل الخامس فجلس مع الركاب وزاد ضيقهم كوع هذا بصدر ذاك وعظامهم تكاد تتحطم، حتى وصلوا إلى الخليل.

‏وفي اليوم التالي ما إن صفّ أبو خالد سيارته في كراج القدس ‏حتى أحاطت به الشرطة وكلبشوه وساقوه إلى المحكمة لأسباب مجهولة

‏رغم صراخه وسؤاله المتكرر: ليش، شو مساوي..

‏فكان الرد مختصراً:

‏- هلأ القاضي بيقلك شو عامل!…

‏وعندما وقف أمام القاضي كانت المفاجأة.. إنه نفس الرجل الأفندي الأنيق الذي كان معه يوم أمس، وأهانه وهدده بمفتاح الجنط ..

‏قال له القاضي:

‏إيه يا أبو خالد بعدك بدك تفج راسي بمفتاح الجنط!؟

‏فضحك أبو خالد وقال:

‏والله يا سيدي مبارح كان مفتاح الجنط بإيدي واليوم صار بإيدك.

‏وأنت ومروتك يا راعي المروّه …

‏فضحك القاضي حتى كاد يسقط عن كرسيه، وقال:

‏- روح انقلع من وجهي ولا عاد تعيدها..

منقول فواز حسين حرفيش كانون ثاني 2022

‏الحكمة من القصة:

‏إذا صار مفتاح الجنط بإيدك طوّل بالك وهدّي شوي. اليوم المفتاح بإيدك، بكرا بيصير بإيد غيرك والحياة دوارة …

وعمر المفتاح ما دام لأحد.‏

تعليقات: