فؤاد خشيش: وهم العقوبات .. قراءة في القدرات الاقتصادية الروسية


شائت الجغرافيا ان تكون أغلب ثروات العالم من المواد والمعادن الصناعية والنادرة وموارد الطاقة موجودة في روسيا، ولسوء حظ الغرب فإن هذه الدولة تمتلك أكبر ترسانة نووية بالعالم ودولة متطورة صناعيا واسياد التكنولوجيا الفضائية وتتربع على عرش الكثير من العلوم مثل الكيمياء والذكاء الإصطناعي والفيزياء وبيولوجيا الفيروسات وغيرها.

تعد روسيا الأولى عالمياً من حيث المساحة الجغرافية بنحو 17 مليون كم2، وعدد سكان غير متكافئ مع المساحة بلغ نحو 144 مليون نسمة، بناتج محلي إجمالي بلغ نحو 1.7 تريليون دولار في عام 2021 و1.5 تريليون وفقاً لتقديرات البنك الدولي لكنها ليست من الدول العشر الأكبر عالمياً، وباحتياطي من النقد الأجنبي والذهب يبلغ نحو 630 مليار دولار.

بينما يبلغ إجمالي الدين الخارجي الروسي الحكومي والخاص نحو 796 مليار دولار من بينها 489.2 مليار دولار ديوناً حكومية.

ارتفع معدل نمو الاقتصاد الروسي في 2021 إلى 4.6% وفق تقديرات محلية و4.3% وفق تقديرات البنك الدولي وذلك بعد انكماش 2% في 2020 بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا عالميا.

قوة اقتصادية

تستند روسيا في قوتها على 3 أضلاع للقوة وهي قطاع النفط والغاز والصناعات العسكرية والإنتاج الزراعي والحيواني، فضلاً عن مصادر أخرى للقوة تأتي خلف هذه الأضلاع مثل السياحة والصناعات التقليدية والقطاع المالي وغيرها.

ورغم ما يعرف عن آلة الحرب الروسية إلا أن قطاع النفط والغاز يمثل حالياً عماد الاقتصاد الروسي وأداة الضغط المزدوجة أو السلاح ذا الحدين الذي تستخدمه للضغط على جيرانها الأوروبيين بينما تستخدمه الولايات المتحدة ضدها بالتلويح بالعقوبات على هذا القطاع ومن ثم ضرب الاقتصاد الروسي بقوة.

يمثل قطاعا النفط والغاز 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 42٪ من عائدات الميزانية، حيث بلغت صادرات النفط في عام 2021 نحو 110 مليارات دولار والغاز الطبيعي 55.5 مليار دولار (بإجمالي 165.5 مليار دولار للقطاع) من إجمالي صادرات روسيا البالغة نحو 388.4 مليار دولار.

تحتل روسيا المرتبة الأولى عالمياً في احتياطات الغاز الطبيعي بنحو 47.2 تريليون متر مكعب، وتنتج نحو 638 مليار متر مكعب من الغاز (بينما تقدره روسيا بنحو 762 مليار متر مكعب) تمثل نحو 16.6% من الإنتاج العالمي، في تصدير الغاز الطبيعي وتصدر نحو 200 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً ونحو 29 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال.

بلغ متوسط إنتاج روسيا من النفط نحو 10.5 مليون برميل يوميا في 2021 ارتفع في بداية العام الحالي إلى 11 مليون برميل مع زيادات تحالف أوبك+ المقررة، بينما بلغت صادراتها نحو 4.7 مليون برميل يوميا، لتحتل المرتبة الثانية في كمية صادرات النفط عالمياً بعد السعودية.

أما القطاع الزراعي ورغم أنه يمثل 5% من إجمالي الناتج المحلي الروسي، إلا أن روسيا تحتل مكانة هامة في العديد من المنتجات في هذا القطاع بصادرات زراعية وغذائية بلغت نحو 30 مليار دولار، حيث تنتج روسيا من الحبوب إجمالاً نحو 123 مليون طن سنوياً من إجمالي 770 مليون طن عالمياً، بينما تقوم بتصدير نحو 18% من إجمالي الصادرات العالمية من القمح بلغت قيمتها نحو 8.8 مليارات دولار، كما تحتل المركز الرابع عالمياً في إنتاج الدواجن بنحو 3.7 مليون طن سنوياً كما تحتل مراكز متقدمة حالياً في صادرات لحوم البقر والخنازير.

وفي المجال العسكري، تحتل روسيا المرتبة الثانية عالمياً بصادرات سلاح بلغت نحو 14 مليار دولار، كمارفعت نفقاتها على التسليح النووي إلى 8 مليارات دولار لتحتل المركز الثالث عالمياً بعد الولايات المتحدة والصين.

أما في القطاعات الأخرى ومنها التعدين، فإن روسيا تحتل مكانة تقليدية في إنتاج وتصدير الحديد والصلب، حيث تنتج 95 مليون طن سنوياً من الحديد تحتل بها المرتبة الخامسة عالمياً.

كما تنتج نحو 5% من الفحم عالمياً بإنتاج نحو 430 مليون طن، كما تحتل المرتبة الثانية عالمياً في احتياطي الفحم.

قدرات اقتصادية

-أكبر مصدر للتكنولوجيا الفضائية في العالم.

-أكبر مصدر للروبوتات والتكنولوجيا الروبوتية.

-أكبر مصدر للالومنيوم بالعالم وتعتمد اميركا على 70%فى صناعة الطيران الخاصة بها على الألومنيوم الروسي.

-أكبر مصدر للحبوب بالعالم.

-أكبر مصدر للنفط والغاز بالعالم.

-أكبر مستخرج ومشترى للذهب بالعالم.

-أكبر مصدر للألماس فى العالم.

-أكبر مصدر للأخشاب فى العالم.

-أكبر مصدر للتكنولوجيا النووية والوقود النووي بالعالم وتستورد اميركا نصف وقود مفاعلاتها النووية من روسيا.

-ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم.

أكبر مصدر للاسمدة في العالم.

-أكبر مصدر للفحم في العالم.

-أكبر مصدر للبلاتين بالعالم وهو من أهم العناصر فى الصناعات الطبية والتكنولوجية.

-أكبر مصدر للنحاس بالعالم.

-ثانى أكبر مصدر لتروبينات الغاز فى العالم.

الآن على الاتحاد الأوروبي وأميركا ان يعيشوا دون هذه الصادرات بعد قرار بوتين حضر تصديرها حتى نهاية 2022.

وعلى الأوربيين ان يعتادوا على الظلام والبرد دون الغاز الروسي وعليهم مواصلة صناعاتهم بالكراتين، فلا المونيوم ولا حديد ولا تيتانيوم ولا بلاتينيوم ولا نحاس بعد اليوم.

توقع المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المتحدة، أن تتسبب الحرب الروسية الأوكرانية بتكبد الاقتصاد العالمي نحو تريليون دولار.

وأكد المعهد، في تقرير ، أن الحرب ستساهم في زيادة التضخم العالمي بنسبة 3% خلال السنة الحالية من خلال إطلاق أزمة أخرى في سلاسل التوريد.

وقال المعهد: "ستؤدي مشكلات العرض إلى تباطؤ النمو وصعود الأسعار، وهو ما سيقلل مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو نقطة مئوية واحدة مع حلول سنة 2023".

وأوضح أن روسيا وأوكرانيا مصدران رئيسيان للسلع الأساسية والطاقة، وتترك العلاقات معهما قارة أوروبا عرضة للخطر بطريقة تفوق أي منطقة أخرى.

وأشار إلى أن الحرب ستدفع الحكومات الأوروبية أيضاً إلى اقتراض مزيد من الأموال لسداد تكاليف تدفق المهاجرين وتعزيز جيوشها، وحض البنوك المركزية على زيادة أسعار الفائدة الأساسية "ببطء فقط، فيما تقيّم (البنوك) تأثير الحرب في الثقة والنشاط ومن خلال الطاقة، على مستوى الدخول الحقيقية".

وحول تأثير الحرب على روسيا، توقع المعهد أن تتفادى موسكو الركود الاقتصادي نظراً إلى أن الخسارة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات "سيعوضها بطريقة جزئية صعود أسعار الصادرات من الغاز والنفط".

ورأى أن الناتج المحلي الإجمالي سيهبط بنسبة تبلغ 2.6% بالمقارنة بالتوقعات السابقة في نهاية 2023، إذ أسفر انهيار سعر صرف الروبل عن صعود معدل التضخم بنسبة وصلت إلى 20%.

ولفت إلى أن الخسارة التي ستلحق بالناتج المحلي الإجمالي في روسيا ستكون أسوأ بشكل طفيف من منطقة اليورو والمملكة المتحدة.

وأردف بالقول: "في حال جرى تصعيد العقوبات إلى حد وقف شحنات الغاز الطبيعي والنفط الروسي، فإنّ الخسارة التي ستصيب روسيا ستكون "قاسية"، بيد أنها سترفع أيضاً فرص حدوث ركود تضخمي أقوى بطريقة ملموسة في الاتحاد الأوروبي".

* الدكتور فؤاد علي خشيش (باحث في العلاقات الدولية والشان الروسي، خريج أكاديمية العلوم الروسية)

تعليقات: