المازوت يهدّد الصيف وحزب الله لن يكرر التجربة

تقديم المازوت قد يمثّل دعاية انتخابية للحزب (مصطفى جمال الدين)
تقديم المازوت قد يمثّل دعاية انتخابية للحزب (مصطفى جمال الدين)


يفرض المازوت نفسه لاعباً قوياً ومتحكّماً بأسعار السلع والخدمات، مستنداً إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً وتقلّب أسعار الدولار محلياً. ومذ نأى المازوت بنفسه عن صراع الطوابير والدعم الذي غرق به البنزين، صار تأمين الدولار لشراء المازوت عنواناً لرفع الأسعار. ومع اقتراب فصل الصيف وموسم الجفاف، يهدد المازوت القطاع الزراعي ومولّدات الكهرباء الخاصة. وهذه المرّة، لا بواخر إيرانية بل بعض المساعدات المتفرّقة يقدّمها حزب الله للبلديات وليس للأفراد.


تراجع المساحات المزروعة

راكم ارتفاع أسعار النفط عالمياً أزمة المحروقات في لبنان، وخصوصاً المازوت. فقد وصل سعر البرميل الخام إلى نحو 140 دولاراً، وانخفض إلى محيط الـ100 دولار، ليرتفع حالياً إلى نحو 113 دولاراً. هذا التقلّب مع ما يرافقه من تحرّك للأسعار داخلياً، يضع المزارعين أمام رهان تأمين المازوت بأسعار مرتفعة، مقابل عدم الحصول على مردود مناسب من بيع الانتاج.

ويتخوّف المزارعون هذا العام من هدر أموالهم في تأمين المازوت، لذلك يتّجه بعضهم إلى "خفض المساحات المزروعة"، وفق ما يقوله رئيس تجمع المزارعين والفلاحين إبراهيم الترشيشي، الذي يشير في حديث لـ"المدن"، إلى أن هذا القرار يعود إلى "كلفة المازوت الذي تشكّل قيمته حالياً 40 بالمئة من كلفة الانتاج، بعد ان كانت تشكّل نحو 5 بالمئة".

ولن يراهن المزارعون على التصدير، لأن "مشكلة الضريبة المفروضة على البضائع اللبنانية في سوريا، لم تُحَل بعد، فضلاً عن إقفال طريق الخليج. أما التصدير البحري، فكلفته مرتفعة، إلى جانب عدم الدقة في مواعيد وصول الشحنات".

وإذا كان انخفاض معدّل التصدير سيوفّر كمية منتجات أكبر للسوق المحلي، فإن انخفاض سعرها بسبب ازدياد العرض، لن يشجّع المزارعين على توسيع دائرة انتاجهم. وهم في الأصل لم يبادروا إلى زراعة مساحات كبيرة بسبب كلفة الانتاج المرتفعة، وتراجع القدرة الشرائية لأموالهم.

بعض المزارعين، وفق ترشيشي، اتّجه نحو الطاقة الشمسية لتوفير كلفة المازوت. لكن هذه الحل ليس جذرياً، لأن كلفته ليست متاحة أمام الجميع. لتبقى النتيجة، تخلّي الكثير من المزارعين عن الزراعة، أو تقليص حجم مشاركتهم فيها.

وهذا التراجع تلحظه محطات المحروقات، إذ يقول صاحب إحدى المحطات لـ"المدن"، أن عدداً كبيراً من زبائنه المزارعين، قلّصوا حجم الطلب على المازوت، وقرروا التوقّف عن ريّ البساتين بسبب الكلفة المرتفعة. وبالتوازي، يشير إلى أن ارتفاع معدّل السرقات، دفع المزارعين إلى طلب كميات محدّدة تكفي لتشغيل المولّد وضخ المياه، بعد أن كان المزارعون يخزّنون كميات إضافية توفيراً للوقت والجهد.


مولّدات الكهرباء

لم ينتظر أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصة فصل الصيف للبدء بالتقنين، بل بادروا إليه منذ نحو شهرين. مؤكّدين أن فصل الصيف سيشهد تقنيناً إضافياً وارتفاعاً في الفواتير. وهذا القرار يحمل انعكاسات سلبية على أصحاب المولّدات أيضاً، إذ "سيضطر البعض إلى إطفاء مولّداته نهائياً، لأن المردود تراجع كثيراً بفضل اتجاه بعض المشتركين نحو الطاقة الشمسية، ومَن لا قدرة لديه على تحمّل كلفتها، رشَّدَ استهلاك الطاقة من المولّدات رغم التقنين، فانخفضت فاتورته وانخفضت إيراداتنا"، على حد تعبير أحد أصحاب المولّدات في الجنوب.

وفي حديث لـ"المدن"، يلفت النظر إلى أن "انخفاض عدد المشتركين في قرية ما إلى النصف، سيدفع أصحاب المولّدات للتوقف عن العمل، لأن كلفة التشغيل ستصبح أعلى من المردود".


لا سفن إيرانية

شوائب كثيرة اعترت تجربة حزب الله في الإتيان بسفن المازوت الإيراني. ومع ذلك، أسعَفَت بعض المزارعين وأصحاب المولّدات. لكن هذا الصيف، لا سفن ولا مازوت في الأفق. فالحزب لن يكرّر التجربة هذه المرة.

ومع أن تقديم المازوت قد يمثّل دعاية انتخابية، يفضّل الحزب عدم خوض هذه التجربة، مكتفياً بـ"تأمين المازوت للبلديات للمساعدة في تشغيل مضخات المياه في البلدات"، على ما تؤكّده مصادر في الحزب، جازمة في حديث لـ"المدن"، أن "لا مساعدات للأفراد". أما من يريد المساعدة، فعليه "مراجعة مسؤولي الحزب في منطقته، وهُم يقرّرون". على أن حصول البعض على مساعدات يتم تأمينها من لبنان، يبقى في الإطار الفردي بناءً على معطيات كل منطقة، لكن لا قرار مركزياً بتأمين المازوت من الخارج.

تعليقات: