قبل الانتخابات: اللجان المختصة تمسك أمن الضاحية والدولة تنسحب

اتضح لاحقاً أن دخول الأجهزة الأمنية كان إلى حد ما شكلياً (عباس سلمان)
اتضح لاحقاً أن دخول الأجهزة الأمنية كان إلى حد ما شكلياً (عباس سلمان)


أتى دخول أجهزة الدولة للضاحية الجنوبية، في الأسابيع الماضية، نتيجة اجتماع قيادتي حزب الله وحركة أمل، للموافقة على تدخل الدولة لفرض الأمن وإقامة حواجز يومية ودوريات في شوارع المنطقة، للحد من الفوضى، وذلك بعد ارتفاع عدد السرقات وعمليات النشل في شوارع الضاحية الجنوبية. ولكن اتضح لاحقاً أن دخول الأجهزة الأمنية كان إلى حد ما شكلياً. إذ ما هي إلا عدة أيام حتى تفككت الحواجز وامّحت آثارها وتوقفت الدوريات.

وفي التفاصيل، تحولت شوارع الضاحية الجنوبية خلال شهر رمضان إلى مسلسل رعب ومدينة الأشباح، بعدما تعرض أهالي المنطقة إلى عمليات نشل وسرقات وشهدوا اشتباكات مسلّحة وعمليات سطو من مجموعات خاصة ومعروفة، بشكل يومي، ما أدى إلى نشوب حالات من الذعر والخوف لدى السكان، الذين ناشدوا حزب الله والجهات المختصة للتدخل الفوري، بعد أن منعهم الخوف والرعب من الخروج ليلاً من بيوتهم. وبدوره أعطى حزب الله إذن الدخول للقوى الأمنية الرسمية و"يسّر أمورها" لوضع الحواجز في الشوارع خلال من المساء وحتى ساعات الفجر.


"أنقذوا الضاحية"

في منتصف نيسان الماضي، تحولت المنطقة إلى ساحة حرب كتلك الموجودة في الألعاب القتالية الإلكترونية، إذ تعرض المواطنون لأكثر من 15 عملية نشل وسرقة خلال أسبوع واحد. وأطلقوا على وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ موحد "أنقذوا الضاحية"، وذلك بعد أن تعرض شبان إلى ضرب بالسكاكين وبالآلات الحادة لسرقة هواتفهم ودراجاتهم النارية بساعات الليل.

انتشر الهاشتاغ على صفحات التواصل الاجتماعي بسرعة، وروى الأهالي والعابرون بعضاً مما حصل معهم بشكل يومي على الطرقات، وفي وضح النهار. إذ شهدوا على عدة حوادث، تخلل بعضها استخدام سكاكين أو سلاح حربي لسلب محفظة أو هاتف أو سرقة دراجة نارية، هذا عدا عن كسر زجاج السيارات وسرقة ما في داخلها، بالإضافة إلى سرقة إطارات السيارات الاحتياطية من داخل السيارات أو سرقة بطارياتها. ولكثرة هذه الحوادث أصبح البعض يركن سيارته عند مدخل بنايته لتبقى تحت نظره. ولم تقتصر عمليات النشل على الشباب، بل تعرضت الفتيات والأمهات لعمليات نشل في وضح النهار وبالقرب من بيوتهن، ما أدى إلى مناشدة حزب الله والأجهزة الأمنية، طالبين حمايتهن من اللصوص المنتشرين في الشوارع.


40 شخصاً في قبضة أجهزة الدولة

نظمت أجهزة الدولة عدداً من الحواجز التي انتشرت في مناطق محددة في الضاحية، كاتوستراد هادي نصرلله، صفير، الكفاءات، حيث وضعت الحواجز وطلبت هويات سائقي الدراجات النارية، منذ ساعات الإفطار وحتى منتصف الليل. أما بالقرب من فرن الأمراء فقد توزع عناصر من شبان حزب الله لمراقبة المنطقة وذلك ربما لأسباب أمنية خاصة. وبالرغم من تعميم السكان على صفحات التواصل الاجتماعي خريطة للمناطق الأكثر تعرضاً للنشل، وذلك لتجنبها ليلاً، وهي المريجة، حي السلم، طريق المطار، صفير، الكفاءات، الحدث، اوتوستراد هادي نصرلله، المشرفية وغيرها.. إلا أن الحواجز لم توزع في هذه المناطق كلها، بل توزعت في الشوارع الرئيسية، واختفت من الشوارع التي تعتبر "مربعات أمنية" تضم مراكز لحزب الله ويمنع الدخول إليها، فيتولى الأخير مسؤولية الأمن فيها.

أما الحصيلة التي قامت بها الأجهزة الأمنية في يومين، فكانت توقيف 40 شخصاً، كان حزب الله يمتلك معلومات عنهم، ما أدى إلى شعور أهالي المنطقة ببعض من الطمأنينة التي فقدوها، إلا أن النشل لم ينته في بعض المناطق التي لم تدخلها أجهزة الدولة، لذا، عمد أهالي المنطقة إلى تشكيل لجان شعبية مختصة، هدفها حماية المنطقة وأهلها والسهر على أبواب المباني للحد من السرقات.


اللجان المختصة

وخلال عدة أيام، وبعد انسحاب عناصر الدولة، قامت هذه اللجان بالقبض على أكثر من 20 شخصاً اعتمدوا السرقة والنشل وترويج المخدرات في المنطقة، ومن بينهم شاب يُطلق عليه تسمية "نشّال الحدث"، وذلك بعد ظهور تفاصيل وجهه في أكثر من مقطع مصور أثناء قيامه بسرقة الدراجات النارية وهواتف المارة في منطقة الحدث ليلاً، إضافة إلى أكبر اللصوص الذي اعترف بسرقة أكثر من 230 دراجة نارية خلال الأسابيع الفائتة. وتعددت أنواع سرقة اللصوص، فوصلت إلى المكيفات وأسلاك الكهرباء والدراجات النارية والسيارات. كما ألقت اللجان المختصة القبض على كبار مروجي المخدرات، وعثرت بحوزتهم على كميات كبيرة من المخدرات ثم سلمتهم إلى أمن الدولة والمخابرات.


تزفيت انتخابي؟

وبعد تهدئة الوضع في المنطقة، ينصب اهتمام حزب الله اليوم على تزفيت الطرقات وترقيع البعض منها، وذلك بعد تقديمه للبلديات هبة بحوالى نصف مليون دولار. وقد بدأ الاتحاد البلدي التابع لحزب الله بعملية التزفيت في شوارع الضاحية، حيث بدأ العمل من منطقة حي السلم التي تُعدّ من أكثر المناطق المهمشة. وقد نشر بعض السكان صوراً لترميم وترقيع بعض الحفر بالقرب من منازلهم، معتبرين أن هذا العمل هو تزفيت انتخابي، وذلك بسبب اقتراب موعد الانتخابات النيابية بعد أسبوعٍ، فيما دافع البعض الآخر عن هذه المبادرة، وعللوا بأن حزب الله يقوم بأعمال الصيانة في كل عام وبعد انتهاء فصل الشتاء، وذلك لترميم الطرق المتضررة بسبب فصل الأمطار، ولا علاقة لهذه الأعمال بالانتخابات، "فحزب الله لا يحتاج لدعايات انتخابية".

تعليقات: