محمّد علي الجوزو... الساموراي الأخير

 الساموراي الأخير
الساموراي الأخير


يبدو أنّ الموالاة والمعارضة السابقتين مصرّتان على المضيّ بعيداً في مسرحيّة الوحدة الوطنيّة. فبعد الصورة التذكاريّة للحكومة، دخل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وسنافِره وبعضٌ من الوزراء الآخرين في ورشة تفكير عميقة لإصدار البيان الوزاري. فالبيان المذكور ينبغي أن يعكس نصُّه روح الوحدة الوطنية التي سادت خلال تأليف الحكومة، وأن يؤسّس لخطّة العمل في الأشهر المقبلة.

لقد سبق لنا أن شاهدنا الفيلم نفسه قبل ثلاثة أعوام. يومها، استغلّ فريق من اللبنانيّين أوضاعاً إقليميّة ودوليّة ليحقّق انتصاراً على فريق آخر. وفي نشوة النصر، تصنّع الفريقان المودّة، وألّفا حكومة وحدة وطنيّة. وبالمناسبة، وضعا لها أيضاً بياناً وزارياً شاملاً. وعند أوّل مفترق طرق، وجد البيان نفسه يتيماً... مجرّد حبر على ورق.

الواقع أنّ عمليّة استيلاد البيان الوزاري لا تكاد تتجاوز حفظ ماء الوجه. وسيجهد الوزراء لإيجاد عبارات لا معنى لها سوى أنّها تخفي تراجع فريق عن شعارات ردّدها طيلة ثلاث سنوات. وهو تراجع يسير وفقاً لخطّ بياني انحداريّ ينبغي أن لا يُسعد أحداً.

كان يمكن لهذا التراجع أن يكون أقلّ كلفةً لو لم يصرّ البعض على التعامي عن رؤية الواقع، والتطوّع للعب أدوار لا تناسب أحجامه. كان يمكن لهذا التراجع أن يكون أقلّ فضائحيّةً لو لم يبلغ الرهان على تطوّرات دوليّة حدّاً باتت معه اللعبة الداخليّة غير ذات معنى. كان يمكن لهذا التراجع أن يكون أقلّ حدّةً لو لم يُنظَر إلى حرب تمّوز على أنّها حدث عابر، وأنّ المنتصر فيها لن يتمكّن من استثمار انتصاره داخلياً. العبارة الأخيرة لا تثير إلا الضحك، وخصوصاً حين يكون المنتصر قد تعرّض طيلة أيّام الحرب لمحاولات دفعه إلى الاستسلام، على أقلّ تقدير.

في 14 آب 2006، كان على الأكثريّة النيابيّة أن تملك الشجاعة الكافية للدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة. كان ذلك ليقيها شرّ الفضيحة، وليحفظ للبلاد بعض توازنها بدلاً من هذا الانهيار السريع لثورة الأرز وأحلامها الحلوة والمرّة. لم يبقَ في الساحة إلا الساموراي الأخير محمّد علي الجوزو.

تعليقات: