عاصم عراجي الذي صنعته والدته


تعب عاصم عراجي من النيابة. لم يقل ذلك ليبرّر سبب عدم ترشّحه إلى الانتخابات النيابية الأخيرة، بل لأنه لم يعد هناك ما يحفّزه على العودة. يدرك النائب لـ17 عاماً بلا انقطاع أنه لو ترشّح مرة رابعة وخامسة وسادسة سينجح «مليون بالمية»، ليقينه بأنه لم يأت يوماً نتيجة تحالفات أو تسويات، وإنما بـ«محبّة الناس والوالدة». هذا الرصيد الذي لا يملكه الكثيرون ممّن هم اليوم في المجلس النيابي، وما زال هو يملكه حتى اللحظة مع عودته إلى عيادته في مدينة شتورة البقاعية، متفرّغاً لرعاية قلوب مرضاه.

اليوم، بعد كلّ تلك السنوات، يخرج عراجي من المجلس النيابي متحدّياً أي أحد «قد يقول إنني مددت يدي إلى المال العام في النيابة أو قبلها خلال عملي كطبيب مناوب في المستشفيات». وبابتسامة الواثق، يقول «طلعنا أفيش غير سبع ملايين وشوي ولكن كتّر خير الله». هذا الاستكثار من الخير يدين فيه لوالدته التي أوصلته إلى هذا الكم من الرضا والقناعة.


طبّ القلب

في سن مبكرة جداً، بدأ عاصم عراجي رحلة اليتم، إذ توفي والده وهو في عمر السنتين، ولم يعرف سوى والدته أماً وأباً، ولذلك كانت «كلّ شيء» بالنسبة إليه. مع اكتمال وعيه، عرف عراجي بأن والده مات بسبب مرض القلب. هذا ما أخبرته به أمه ورسّخت معه الحلم، إذ كانت تقول له دائماً «بدّك تصير حكيم قلب».

كبر عراجي ثم مات شقيقه بالقلب، فبات الحلم هاجساً. وبعدما أنهى سنته الدراسية الأخيرة التي أكملها في مدرسة المقاصد في صيدا عام 1976، شدّ الرحال إلى مصر حيث انتسب إلى كلية الطب في جامعة عين شمس. وبعدما أنهى سنوات الدراسة في مصر، بدأ بتحضير أوراقه لإكمال دراسة الاختصاص في طبّ القلب في بريطانيا، إلا أن ما حدث مع شقيقه في قبرص حيث كان يقضي إجازة مع زملائه دفعته إلى تغيير مسار «الرحلة». فقد اضطر عراجي أن يترك مصر متوجهاً إلى قبرص لرعاية شقيقه الذي أصيب بنوبة في القلب، ولما لم يستطع تطبيبه هناك، نقله إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. كان ذلك عام 1982، عندما تعرّف عراجي إلى طبيب القلب الذي عالج شقيقه والذي قال له يومها بأن هناك امتحاناً للدخول في اختصاص القلب. تقدّم إلى الامتحان واجتازه بنجاح، ثم بدأ بعدها مشوار العمل في الجامعة الأميركية وفي بلدته البقاعية برّ الياس، حيث افتتح عيادة للقلب في مدينة شتورة وما زال فيها حتى اللحظة.


دعاء الأمّ

يدين عراجي لوالدته بهذا الحلم... وبالنيابة أيضاً، حيث يعتبر بأن «الفضل الأول والأساس للنجاح في ثلاث دورات انتخابية من أصعب الدورات يعود إليها». الدورة الأولى في عام 2005، عندما ترشّح على لائحة النائب الراحل الياس سكاف في وجه «الحلف الرباعي» ونجح وحده «بفضل دعاء أمي ومحبّة الناس». يومها، ترشّح عراجي قبل 20 يوماً من الانتخابات ولم يكن لديه لا ماكينة انتخابية ولا صور ولا لوحات إعلانية تعرّف عنه، مع ذلك كان على يقين من النجاح، مسنوداً بـ«محبة 85 ألف مريض عاينتهم خلال فترة عملي.... وأمي». «يذكر بأنه في تلك الدورة، سمعت أمه صوت الرصاص في القرية، فخافت وصارت تصرخ «مين اللي نجح»، فجاء الجواب «نجح الدكتور عاصم»، إلا أنها لم تصدّق ذلك حتى عاد ليلاً ليقول لها ذلك بنفسه. وفي عام 2009، كانت والدته قد فقدت قدرتها على المشي، فطلبت من أولاد عراجي أن يأخذوها لتنتخبه، وعندما وصلت إلى قلم الاقتراع بكرسيّها، تقدمت نحو رئيس القلم وهمست في أذنه «درلي بالك ع الدكتور عاصم». بعد شهر من الانتخابات، توفيت «الحجّة»، كما يناديها، وكان طوال فترة مرضها يطبّبها، وامتنع لخمس سنوات عن حضور المؤتمرات الطبية في الخارج ليبقى ملازماً لها. كانت لديه الشجاعة الكافية لمتابعتها، إلا في المرة الأخيرة حيث توفيت بين يديه، ليفقد بعدها التوازن في حياته. في عام 2018، خاض عراجي الانتخابات وحيداً بلا أمّه، ولكنه يعرف بأنه «سينجح بدعائها ومحبّة الناس»، وهو ما حدث.

يذكر عن أمّه قولها له دائماً «ما رح قلك الله يرزقك، لأن حرام... الناس بتمرض، رح قلّك الله يعلي مراتبك». ويعرف أن هذا الدعاء كان «حصنه» طوال السنوات. ويذكر أيضاً أنها في كلّ يوم كان يعود فيه إلى البيت، حيث كانت تسكن معه، كانت تسأله: كم مريضاً عالجت مجاناً؟ حتى صار هذا الأمر وسواساً لديه، إذ جعلت والدته فعل الخير «سوسة» في رأسه، حتى أن زملاءه من الأطباء يحفظون ذلك عنه. ويروي أن أحد زملائه يعرّف عنه دائماً بأنه الطبيب الذي «عندما رأيته أول يوم قال لي عالج هذا المريض مجاناً». ولذلك، كان طوال فترة عمله في الجامعة الأميركية، «مرجعاً للمرضى الفقراء». هذا ما يحفظه زملاؤه عنه، وتحديداً من هم من «أبناء منطقته». ويُذكر بأن رئيس قسم طب القلب في الجامعة الأميركية، وأستاذه، الدكتور جورج علم بادره ذات يوم من أيام حصار بيروت بالقول «عاصم، أنا فكري إعملّك غرفة سمّيها مركز الخدمات الطبية لأهل البقاع». يقولها عراجي بفرح «لم أكن طبيب قلب فقط، كنت طبيباً في كلّ شيء، إذ لم يكن يأتي أحد من البقاع إلا وكانت وجهته الطبقة الخامسة في المستشفى حيث كنت أعمل».


عراجي النائب والأب

خرج عاصم عراجي من النيابة بعد 17 عاماً بمعاش تقاعدي يقدّر بسبعة ملايين ونصف المليون. يقول، وهو مشبع بالرضا، «كتّر خير الله»، لأن استثماره طوال تلك السنوات كان صائباً «علّمت الولاد والحمدلله هم من الممتازين». يعدّدهم «أحدهم طبيب في أكبر المستشفيات في مدينة نيويورك والثاني مهندس وناجح في عمله والثالثة محامية». لم يراكم طوال عمله النيابي ثروة، ولا هو دخل «إلى المجلس لأجل ذلك». يروي بأنه قبل النيابة كان يملك «شوية أرض»، ثم باعها. كان يملك ثلاثين دونماً من الأرض، ثم شيئاً فشيئاً صارت عشرة، «فقد بعت 20 دونماً منها لكي أستمرّ وبعنا كلّ مدخراتنا والتي كان آخرها ذهب زوجتي في عام 2018 ثم طلبنا قرضاً والحمدلله أننا سدّدنا قيمته قبل أن نصل إلى هنا»، يقول ممازحاً. يضحك عاصم عراجي لما يعتقده الناس عن حياة النواب «يظنّ الناس أن النائب غني، أنا كنت غنياً قبل النيابة لأن أهلي كانوا أغنياء، إلا أنني لم أجنِ في المجلس سوى السمعة الطبية وبعت خلال ثلاث دورات من العمل النيابي جلّ ما أملك».



عاصم عراجي: لم أنجح في إقرار البطاقة الصحية

كانت أوّل صدمة عاشها عاصم عراجي في بداية رحلته النيابية «تكليفه» في موقع مقرّر في لجنة الأشغال العامة والنقل. تساءل النائب الآتي من مهنة الطب، كيف يمكن لطبيب في القلب أن يكون في لجنة أشغال، وفهم منذ تلك اللحظة كيف تُدار شؤون الناس في السلطة. لم يقبل بالتكليف وترشّح إلى لجنة الصحة، وبقي فيها 17 عاماً وكان في السنوات الأربع الأخيرة رئيساً لها. وخلال تلك السنوات، سعى عراجي إلى وضع قوانين إنقاذية للقطاع الطبي، نجح في إقرار بعضها وفشل في أخرى. اليوم، يخرج عراجي من النيابة ومن لجنة الصحة، راوياً ما فعل وما لم يفعله


تعرّف عليك الناس أكثر خلال رئاستك لجنة الصحة النيابية، ربما لأنك أتيت إليها في مرحلة صعبة، فهل أنت راضٍ عمّا قمت به في اللجنة؟

- كان هدفي الأساس من الدخول إلى المجلس النيابي هو الصحة. كان الأمر هاجساً بالنسبة إليّ. لكن، للأسف عندما دخلت إلى المجلس، فوجئت بأنه تمّ تكليفي في لجنة الأشغال العامة كمقرّر فيها واستغربت، إذ ما الذي يمكن أن أفعله في لجنة الأشغال وأنا طبيب. يومها، أجريت بعض الاتصالات وترشّحت للجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية ونلت أعلى الأصوات ودخلت إلى اللجنة كمقرّر، فيما تولى النائب عاطف مجدلاني الرئاسة. صحيح أن رئيس اللجنة هو الذي يتحدّث باسمها، إلا أنني كمقرّر كان لديّ الكثير لأفعله وشاركت في لجان ونقاشات كثيرة في ما يخصّ قوانين وموضوعات تهمّ القطاع الصحي. بقيت مقرّراً في لجنة الصحة حتى عام 2018، عندما ترشحت وانتُخبت رئيساً للجنة. كانت فترة غنية وفيها الكثير من الجهد، إذ حلّت أزمة كورونا وأزمة انهيار القطاع الصحي. وكانت فترة صعبة، إذ كنت أرى الانهيار وكنت أقول دائماً أن الاستشفاء سيكون للأغنياء فقط وهذا ما يحدث اليوم. أنا أتحدى أيّ موظف، مهما كانت رتبته أن يكون قادراً على دخول المستشفى.

أعتقد أنني قمت بما يجب، وإن كان هناك أمور لم أستطع فعلها وتحزّ في نفسي، ولكن أعرف أنها تحتاج إلى إرادة سياسية قوية وليس إلى رئيس لجنة صحة نيابية.


نبدأ من الأمور التي استطعنا إنجازها، ما هي؟

- عندما تسلّمت رئاسة لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية، اطّلعت على واقع كلّ المهن الطبية، فوجدت أن الكثير منها غير منظّم، ولذلك وضعت نصب عيني وضع قوانين تحكمها وتنظّمها ضمن نقابات، وأذكر هنا على سبيل المثال مهنة المعالجين النفسانيين، فهؤلاء كانوا يعملون من دون وجود قانون ينظم عملهم أو حتى نقابة تجمعهم وتحميهم.

أما الأمر الآخر الذي كان ملحّاً بالنسبة إليّ هو العمل على تحديث قانون الدواء، فعندما وصلت إلى لجنة الصحة العامة وجدت أن قانون الدواء قديم جداً. صحيح أنه كان جيّداً في الوقت الذي صيغ فيه إلا أنه اليوم لم يعد مناسباً، وقد وضعنا قانوناً عصرياً يلبي كلّ المتطلبات من ناحية جودة الدواء وسعره، والإجراءات التي يمكن اتّخاذها في الأزمات. ومن المفروض أن يبدأ تطبيقه خصوصاً أنه بات منتهياً منذ ستة أشهرٍ تقريباً.

ومن القوانين أيضاً تحديث قانون الصيدلة. بالنسبة إليّ، كان أمراً أساسياً خصوصاً أن هناك الكثير من الصيادلة الذين يتخرّجون كل عام، ويبقى جزء كبير منهم بلا عمل بسبب الفائض في العدد. وقد طال التحديث إضافة مهنة «الصيدلي السريري» الذي يُفترض أن يتواجد في كل طبقة من طبقات المستشفى ليُشرف على الدواء. فالطبيب يشخّص وليس مطلوباً منه أن يعرف كل شيء عن الدواء، طالما هناك ما يسمى بالصيدلي السريري. وهناك أيضاً قانون المعاش التقاعدي للممرّضين والأطباء والعاملين الصحيين الذين توفوا خلال جائحة كورونا، وقانون لقاح كورونا وقانون ضمان الطبيب بعد الـ64 عاماً، وكذلك للموظفين العاديين الذين أمضوا 20 عاماً مضمونين في أعمالهم وقانون نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وغيرها من القوانين.


على الدولة تقوية المستشفيات الحكومية لتأمين الاستشفاء


ما الذي لم تستطع فعله كرئيس للجنة الصحة النيابية؟

- الشيء الوحيد الذي يحزّ في قلبي هو أنني خرجت من المجلس النيابي ولم أشهد صدور البطاقة الصحية، مع العلم أنني عملت عليها في لجنة الصحة العامة وأنهيت تفاصيلها مذ كنت مقرّراً في اللجنة مع رئيس اللجنة النائب عاطف مجدلاني.

في تلك الفترة، وضعنا أسس ترتيبها في لجنة الإدارة والعدل وخرجت من هناك إلى لجنة المال والموازنة، وقد احتجنا إلى 8 جلسات أنهينا بعدها العمل بالبطاقة. المؤسف أن تأخر صدورها يعود إلى التباين في الآراء حول من سيتولاها، وهي أزمة تشبه كلّ أزمات هذا البلد. ومنذ عام، حاولنا في لجنة المال والموازنة تخطي هذه العقبة، وارتأينا أن تحلّها الهيئة العامة للمجلس. وقد طرحت مجموعة من الاقتراحات، منها أن تلحق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما جرى بالنسبة للهيئة الناظمة للدواء التي ألحقت بوزارة الصحة، إلا أن ذلك لم يحدث، وهي اليوم عالقة عند هذه النقطة.

أما الأمر الآخر الذي لم أستطع أن أقوم به فهو العمل على توحيد الصناديق الضامنة، وقد وصلت إلى استنتاج أن ذلك يحتاج إلى قرار سياسي كبير. أنا لا أفهم اليوم لماذا يوجد في لبنان تعدّد صناديق، فيما في دول العالم أجمع هناك صندوق واحد. ليس هناك من دولة في العالم تملك 11 مؤسسة ضامنة كلبنان، حتى دول الجوار العربية. كانت أمنيتي أن أحلّ هذا الموضوع إلا أنني لم أستطع.


لا دولة في العالم تملك 11 مؤسسة ضامنة مثل لبنان


ما هي العوائق التي تحول دون توفر الدواء؟ وهل من حلول ممكنة؟

- يحتاج القطاع الصحي ككلّ إلى إعادة هيكلة، ولكن الأولى اليوم هو إيجاد حلول مؤقتة سريعة كي لا يموت الناس ببساطة. في ما يخصّ قطاع الدواء، المطلوب اليوم وبشكلٍ عاجل تأمين مساعدات دولية طارئة لمرضى السرطان والمناعة بدرجة أولى، سواء أكان عن طريق تسليفنا هذه المساعدات أو إعطائنا إياها كهبة. المهم أن تتأمن هذه الأدوية. أما الطريق الأخرى، السريعة أيضاً، فهي تكمن في التواصل مع دول الجوار العربية التي تملك صناعات دوائية جيدة مثل مصر والأردن لتأمين جزء من الأدوية المفقودة على الأقلّ. يضاف إلى ذلك القيام بعملية ضبط صارمة لمنع تهريب الأدوية، وخصوصاً على الحدود. أنا ابن منطقة حدودية وأعرف كمية الأدوية التي هرّبت خلال الأزمة.

أما الحلول الدائمة، فتكمن في مكانٍ واحد: تطبيق قانون الهيئة الوطنية للدواء فهو ينظّم عملية شراء الأدوية واستيرادها ويضبط التهريب أيضاً. لكن اليوم، لا أحد يطبّق ولا أحد يسأل. هناك مرضى يموتون بسبب فقدان الدواء، فيما يأخذ من في السلطة المسألة بكثير من اللامبالاة. فما همّ المرضى اليوم إن وصلت إلى القمر وهم بلا دواء؟ أنا أكيد أن بعض السياسيين يعيشون في عالمٍ آخر غير ذلك الذي يعيش فيه الناس.


المطلوب اليوم تأمين مساعدات دولية طارئة لمرضى السرطان


كيف يمكن حلّ أزمة الدواء مع المستوردين؟

- طوال 40 إلى 45 عاماً من عملي في مهنة الطب، كنت أرى كم يكسب المستوردون من الدواء. كسب هؤلاء مليارات، ومعهم أصحاب المستودعات وبعض الصيدليات الكبرى. وخلال الأزمة الأخيرة، راكموا أرباحاً خيالية، وتبيّن أنه في الوقت الذي تنقطع فيه أدوية أمراض أساسية، كانوا يخبئونها. أعتقد أنه يجب أن تكون هناك عقوبات صارمة لكلّ المستفيدين من الأزمة على حساب صحة الناس. فإذا لم تطبّق الدولة عقاباً على هؤلاء، كأن تفرض عليهم غرامة أو تضعهم في السجن بحسب الجرم المرتكب، لن يحلّ شيئاً. هل من المعقول أن يتناول مريض بداء السكريّ دواء واحداً من أصل ثلاثة يومياً؟ وهل يعقل أن يتناول مريض الضغط حبة دواءٍ اليوم وينقطع عنها 3 أيامٍ ثم نتذكره عندما «ينفلج»؟

المطلوب هو العدالة، وعدالة الأرض تكون عبر الالتزام بالقانون أو أن تعمد الدولة إلى تطبيق القانون على المخالفين.

يجب أن تكون هناك عقوبات صارمة لكلّ المستفيدين من الأزمة على حساب صحة الناس


ماذا عن وضع القطاع الاستشفائي؟ وهل يمكن القيام بأية تسوية تحدّ من انهياره؟

- نحن اليوم في مرحلة خطيرة جداً. عملياً، نحن في وضعٍ مأساوي بكل ما للكلمة من معنى. والقطاع الاستشفائي اليوم في أسوأ مراحله، وأنا كنت ممن حذّروا قبل عامين ونصف العام من وصول القطاع إلى الانهيار. اليوم، تحتاج المستشفيات إلى إعادة هيكلة، على شاكلة هيكلة المصارف. لم يعد مقبولاً سوء التوزيع والتنظيم في القطاع. ولعلّ من أبسط الأمثلة مثلاً أن يكون هناك منطقة مثل منطقة البقاع الأوسط التي يصل عدد سكانها تقريباً إلى 400 ألف نسمة، ما يقرب من 11 غرفة رنين مغناطيسي فيما مدينة كبروكسيل عدد سكانها يتخطى المليون فيها في أحسن الأحوال 4 إلى 5 غرف. الوضع هنا أن كلّ من يملك «قرشين» يفتتح مركزاً صحياً.

كما يتطلب القطاع اليوم من الدولة أن تعمل على تقوية القطاع العام، وتحديداً المستشفيات الحكومية لكي يتسنى للناس التطبّب بعدما أصبحت المستشفيات الخاصة للأغنياء فقط، مع ضمان أن لا يتدخل السياسيون في تعيين مجالس إداراتها لأن هذا أحد أسباب فشل هذه المستشفيات اليوم.

عراجي: تحتاج المستشفيات إلى إعادة هيكلة
عراجي: تحتاج المستشفيات إلى إعادة هيكلة


تعليقات: