سعد الله بلحص قتيل الحزن


صور ـ

ومات أبو الشهداء سعد الله بلحص (68 عاماً) بعد حزن قاتل حاصره اثني عشر عاماً، عاش خلالها ألم فراق أفراد عائلته الذين استشهدوا في مجزرة قانا الأولى، فيما نجا هو منها وحيداً. 13 فرداً رحلوا دفعة واحدة، زوجته و9 من أبنائه و3 من أحفاده، وقبلهم زوجة ابنه الشهيد غالب الحامل في عدوان عام 1993 خلال غارة على منزلهم، فلم يبقَ للعجوز سوى انتظار المصير نفسه متنقّلاً بين غرف العناية الفائقة، بعدما استنزفته الأمراض.

بالنسبة إليه، فقد حقق أمنيته الملحّة بأن يلحق بعائلته إلى حيث ارتحلت، قبل شهرٍ واحد من حلول الذكرى الثانية لمجزرة قانا الثانية. ولكن كيف ستكون حال محمود، ابن الـ17 عاماً؟ فالمراهق الذي نجا طفلاً من المجزرة، يعيش اليوم أزمة خاصّة، وقد ترعرع بين يدي أب تقاعد من الحياة وامتهن الأسود والعزلة، وأخ أكبر ثُكل هو الآخر بخسارة أسرتيه الصغيرة والكبيرة.

رحل الوالد تاركاً محمود وحيداً في مواجهة حدثين، ذكرى المجزرة الثانية وذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة الوالد. هذا المراهق ابن صدّيقين، الذي رسمت له المجازر سير حياته، لن يكون وحيداً في حزنه اليوم، فثمّة حزينون آخرون يغالبون ذكرى مجزرة قانا في ميلادها الثاني، التي أخذت معها الكثير من الأحبّاء، ولكن هؤلاء استطاعوا إكمال حياتهم، كما والد محمود، فتزوّجوا وأنجبوا أطفالاً آخرين. أحمد هاشم الذي استُشهدت زوجته وفتيانه الثلاثة فيما نجت ابنته، تزوج من جديد وينتظر صبياً بدلاً ممّن استشهدوا. ومثله محمد هاشم الذي فقد ابنتيه في المجزرة، أنجب صبياً سمّاه محمود باسم شقيقه الذي استُشهد قائداً مقاوماً في العدوان. أما إلهام التي فقدت والدها وأخاها وأبناء أخيها، فقد تزوجت محاولة استحداث مشهد آخر بعيداً عن أسرة الشهداء فقط.

رغم ذلك، يبقى للموت مكان في قانا وغيرها من المناطق التي شهدت مجازر، ويقوى هذا الشعور في الذكرى، مثل اليوم، حيث يتكرّر المشهد، بكاء وذكريات أمام قبور الشهداء الـ136 المجتمعين في بلدة واحدة هي قانا. ولكن لن يكون المشهد كاملاً هذه المرّة، فثمّة 13 قبراً سيفتقدون زائرهم سعد الله بلحص.

تعليقات: