بنت جبيل تصنع سياحتها


تختلف قرى وبلدات بنت جبيل فيما بينها، من حيث الأماكن المخصصة للاستجمام والترفيه، وان كانت المناظر الطبيعية والأماكن الأثرية متوافرة، فالقلاع الأثرية القديمة جداً، كقلاع «دوبية» في بلدة شقرا و «تبنين» وديركيفا..، تعلو التلال الشامخة وتبدو كأماكن معزولة عن السياح. بعض القرى والبلدات هناك تنعدم فيها المطاعم وأماكن اللهو، فيعمد الأهالي الى زيارة الأودية التي تتواجد فيها بعض الأشجار الحرجية القديمة للتفيء بظلالها، كوادي السلوقي، ووادي الحجير الذي أصبحت تجف فيه مياه نبعه باكراً. فمدينة بنت جبيل لا يوجد فيها الاّ مطعم متواضع شيّد مؤخراً على الطريقة القديمة ليصبح المطعم الوحيد القادر على استضافة السياح والزائرين لبلدات عيترون وعيناتا وبنت جبيل ومارون الراّس ويارون وبليدا وغيرها.

«بيت الشمس»

ويقصد زوّار آخرون المطاعم المتوافرة في تبنين والسلطانية التي أصبحت تعج ، ليلاً، بالزوار، الذين أيضاً « بدأوا يحسون بالملل نتيجة عدم وجود الأماكن البديلة» كما يقول محمد سمحات من بلدة عيناتا، واللّافت الآن وجود أوتيل «بيت الشمس» في بنت جبيل، وهو الوحيد في المنطقة كلها، ومجهز لاستقبال السياح خاصة المغتربين الذين لا منازل لهم، وهو عبارة عن شقق مفروشة ومجهزة لاستقبال المسافرين مع تأمين ما يلزم لهم من حاجات. مؤخراً افتتح وللمرة الأولى مسبح ومطعم في احدى تلال عيترون فامتلأ بالشبان والأطفال الذين كانوا يحتاجون الى قطع مسافات طويلة لقصد المسابح والبحر في مدينة صور أو غيرها. ويختلف الأمر في بلدة عين ابل ورميش، اللتين تتوافر فيهما المطاعم والمسابح التي أصبحت المتنفس الوحيد لأبنائهما.

عين إبل تعود

عين ابل التي هجرها أغلب أبنائها تعود لتمتلىء صيفاً خصوصاً في نهاية كل اسبوع، فيعج مسبح ومطعم الصنوبر بالزبائن، لكن وضع بلدة رميش مختلف، اذ أن أبنائها بأغلبهم يقيمون في البلدة ويحرصون على ارتياد مطاعم بلدتهم، ويحيون الأعراس فيها، فلا يخلو أسبوع واحد في الصيف من الأعراس ومناسبات الأفراح، التي يشارك فيها جميع أبناء البلدة. أبو جاد صاحب أحد المنتزهات في البلدة « يكثر العمل صيفاً وجميع أبناء رميش يحيون أعراسهم في مطاعم البلدة، ولا يذهبون الى مطاعم أخرى خارجها، لكن الوضع الاقتصادي قلل من ارتياد الزبائن وجعلهم يتريثون كثيرا عند القيام بأي سهرة أو حفلة، لكن الرواد من قوات اليونيفل يزيد من الانتاج خاصة أولئك الذين يقصدون مسابحنا ويشربون الكحول». في حين تقام الأعراس والمناسبات المتعددة في البلدات الأخرى في أماكن بعيدة عن منطقة بنت جبيل خصوصاً في مدينة صور وجوارها، ويفضل الكثيرون قيام حفلاتهم في منازلهم أو أماكن عملهم بسبب الوضع الاقتصادي الخانق وبُعد المسافة عن الأماكن التي تتواجد فيها المطاعم، فحرص بعض المعلمين في بلدة الطيبة على اقامة حفل الغداء الخاص بانتهاء العام الدراسي في مبنى المدرسة نظراً للوضع المادي السيء.

..وحيوية شقرا

بلدة شقرا تبدو مختلفة كثيراً عن قرى وبلدات القضاء، تمتلئ في الحيوية اللّافتة لأبنائها المقيمين والمغتربين ، تجعل شوارعها تمتلئ عصراً وليلاً بالمتجولين ، الذين «يكزدرون» بسياراتهم الفخمة أو سيراً على الأقدام، وأصبحت مقصداً لشبان وشابات البلدات المجاورة الذين يجدون فيها مكاناً للترفيه والبحث عن « النصيب». وتحولت بركة مائها الكبيرة، ملتقى الجميع هناك خصوصاً بالقرب من المحال التجارية المحيطة بها ، وتحولت احدى الحقول المحاذية للبركة مطعما ومحطة للاستراحة وشرب ال نرجيلة ، ورفع فيوسطها شاشةكبيرة تعرض من خلالها ليلاً الأفلام التلفزيونية ومباريات كرة القدم، فتعلو الهتافات ليلاً ويعلو صراخ المتحمسين الذين ينتشرون بعد كل مباراة ، آخر الليل، في شوارع البلدة غير آبهيين أراد النوم باكراً أو أعياه التعب وأراد النهوض الى عمله باكراً. في المقلب الآخر يضج الأهالي في القرى الأخرى من السكون الذي يعم باكراً، فيجعل الليل منها مدن أشباح، تخيف من يعبرها وحيدا، خاصة على الطرقات الفرعية وقرب الحدود مع فلسطين.

أهالي القرى الحدودية الذين عايشوا الاحتلال لسنين طويلة اعتادوا على هذا النمط من الحياة و لم يتغير بعد زوال الاحتلال. فمن يجول تلك القرى ليلاً يعلم أن الأهالي هناك التزموا منازلهم وكأنهم ملتزمون بقرار منع التجول الذي كان مفروضاً عليهم أيام الاحتلال. بين ما يتجمع الأهالي في القرى التي كانت خارج الحزام الأمني السابق في بعض المطاعم وزوايا الطرقات، وتصبح ال نرجيلة محور السهرة الوحيد.

تعليقات: