الشويفات ملعب عصابات المخدرات: توظيف سوريين وتزويدهم بمسدس

تنشط مخابرات الجيش بالمداهمات والتوقيفات (علي علوش)
تنشط مخابرات الجيش بالمداهمات والتوقيفات (علي علوش)


في 23 آب الماضي، وقع اشتباك كبير بين عناصر من الجيش اللبناني وتجار مخدرات في منطقة صحراء الشويفات، فوقع قتيل وعدد من الجرحى، وتم توقيف مجموعة من خمسة أشخاص. لكن تلك الواقعة فتحت الباب أمام أسئلة كبيرة حول حقيقة ما يجري في الشويفات، كون بعض أحيائها أصبحت كالقنابل الموقوتة، فماذا في تفاصيل ما يحصل؟


تجّار لبنانيون ومروجون سوريون

تكرر الأخبار حول حوادث أمنية في مدينة الشويفات. وبدأت تبرز ظاهرة جديدة داخل أحيائها. فبعضها يتحوّل تدريجياً إلى ما يُشبه "حيّ الشراونة" في بعلبك، حيث أصبح خبر "إطلاق النار" يومياً خبراً عادياً، كما أخبار المداهمات والتوقيفات. وتشير مصادر عبر "المدن" إلى أن هذه المنطقة باتت وكراً لعصابات المخدرات والسرقة، ومنها تنطلق الكثير من الأعمال الإجرامية.

حسب مصادر أمنية، فإن أحياء صحراء الشويفات، التيرو، والأجنحة الخمسة، تشكل مركزاً لعصابات المخدرات. وفي التفاصيل التي حصلت عليها "المدن"، أن اثنين من أبرز تجّار المخدرات في لبنان وجدوا في مدينة الشويفات نقطة "استراتيجية" لبيع مخدراتهم، كونها تشكل نقطة تواصل بين مناطق عديدة ومتنوعة طائفياً.

تعمل هذه العصابات على تجنيد سوريين للعمل في مجال الترويج، لأنهم "قابلين للاستبدال". فهم بنظر التجّار غير مأسوف عليهم بحال تم توقيفهم، تقول المصادر، مشيرة إلى أن العصابة تقوم بتصوير المروج فيلماً قصيراً يعترف فيه بالعمل بمجال المخدرات لصالح فُلان. وهذا يكون بمثابة تأمين لديها بحال قرر الهرب أو التعامل مع عصابات أخرى، ثم تعطيه البضاعة ودراجة نارية ومسدس حربيّ، ويبدأ عمله.

يعمل المروج على بيع البضائع مقابل دخل يوميّ يصل إلى أربعة ملايين ليرة لبنانية، بالإضافة إلى مليون ليرة بدل تعاطي. والرقم هذا يجعله راضياً بالمخاطرة، فما يكسبه بشهر لا يستطيع غيره كسبه بعام.

إلى جانب المروجين هناك ما يُعرف بـ"الكشّاف"، راتبه مليون ليرة يومياً، ومهمته الجلوس كل الوقت عند المفارق الأساسية في المدينة، يحتسي القهوة ويراقب التحركات الأمنية، وعمله يقتصر على إبلاغ مشغليه بأي تحركات أمنية لأخذ الحيطة والحذر.


البلدية تُحاول ولكن ..

منذ أشهر حاولت شرطة بلدية الشويفات توقيف مجموعة من المروجين بالجرم المشهود. وبعدها بيوم أرادت العصابة الانتقام، فكادت تنجح باغتيال أحد عناصر شرطة البلدية الذي كان مساهماً بالمداهمة. وما ذلك إلا من أجل تخويف الشرطة وإخراجها من الأحياء المذكورة.

يؤكد المسؤول الإعلامي في بلدية الشويفات، طارق أبو فخر، وجود العصابات في بعض أحياء الشويفات، مشيراً إلى أنه حتى اللحظة لا تزال الأمور تحت السيطرة بالتعاون بين البلدية والجيش اللبناني والأحزاب الفاعلة، كاشفاً أن المسألة لا تقتصر على صحراء الشويفات والتيرو والأجنحة الخمسة، بل تنتشر العصابات أيضاً في دوحة الشويفات، حيث بات التنقل ضمنها ليلاً خطراً للغاية.

ويضيف أبو فخر في حديث لـ"المدن": "180 عنصراً هو عديد شرطة بلدية الشويفات، ولدينا 56 عنصراً يجرون دورات تدريبية لبدء العمل، إنما يقطن في الشويفات ومحيطها حوالى مليون نسمة، وعناصر الشرطة تعمل بما يفوق قدراتها وإمكانياتها، والدولة عاجزة. فكيف تحلّ البلدية مكان الدولة؟ على سبيل المثال، تضبط الشرطة مروجي مخدرات، ونتصل بالقوى الأمنية لتسلمهم، فيأتي الجواب بأن لا إمكانية لذلك، بسبب القضاء المعطل، وعدم قدرة الاستحصال على إشارة النيابة العامة".


الجيش لم يستسلم

صحيح ما قاله أبو فخر بأن الأحزاب في الأحياء التي نتحدث عنها تتعاون بشكل كامل ولا تغطّي أحداً، إنما في هذه الأحياء بيئة اجتماعية تحاول تأمين هذا الغطاء والحماية. فنهار الجمعة الماضي على سبيل المثال علمت "المدن" أن مخابرات الجيش اللبناني داهمت هـ. م بسبب إطلاقه النار في إشكال، فحاولت عائلته وأقاربه إقفال الطريق أمام الدورية، لمنعها من إلقاء القبض على الرجل. هذا الأمر يتكرر دائماً.

هذا الخبر بالنسبة لسكّان المنطقة أصبح اعتيادياً، لكن حسب معلومات "المدن" فإن الجيش اللبناني، الجهاز الأكثر نشاطاً في تلك المنطقة، لم يستسلم للواقع الصعب بعد، رغم كل المعوقات وعلى رأسها الشلل القضائي. فغياب العمل القضائي يشكّل حاجزاً أمام العمل الأمني، واكتظاظ السجون بات نقطة جوهرية يجب التنبه إليها، لأن المروجين باتوا على علم بأن توقيفهم لن يدوم طويلاً بسبب هذا الواقع.

رغم ذلك تنشط مخابرات الجيش بالمداهمات والتوقيفات، وأبرزها ما جرى في بداية شهر أيلول المنصرم، حين تم توقيف مجموعة من ثلاثة أشخاص، ثم مداهمة كبيرة جرت في 23 أيلول أسفرت عن توقيف شخصين. وحسب المعلومات، فإن الجيش يعمل وفق قرار بعدم السماح بخروج أي منطقة عن القانون. ومن أجل ذلك، أطلق منذ فترة عمليات أمنية لاستهداف الرؤوس الكبيرة من تجار المخدرات في البقاع، خصوصاً أن توقيف المروجين غير كافٍ لضرب العصابة التي تعتمد على المروجين السوريين لسهولة استبدالهم.

تعليقات: