طلاق نار بالجملة في الشوارع \"امرأة حامل قتيلة برصاص الأمن الداخلي\"

خمسة قتلى مدنيين سقطوا برصاص قوى الأمن الداخلي والجيش في أقل من أسبوع، والأسباب الرسمية كانت دوماً «عدم الامتثال للتعليمات العسكرية». وفي كل الحوادث، «تستكمل التحقيقات بإشراف القضاء المختص». إطلاق النار القاتل ترافق مع عدد كبير من الحوادث التي لم تؤدِّ إلى إصابات.

قتلت شادية علي فتوح برصاص دورية من قوى الأمن الداخلي، بعد محاولة زوجها الذي كان يقود السيارة، الهرب من حاجز أمني في منطقة الأشرفية. وفي التفاصيل أنه، أثناء تحرك قوة مؤلفة من دوريتين من فوج الطوارئ ودورية من مفرزة استقصاء بيروت، في منطقة الأشرفية مقابل أوتيل ديو، شوهدت سيارة من نوع هوندا رصاصية، وفي داخلها شاب وفتاة تسير عكس اتجاه السير. وعندما أشاروا لسائقها بالتوقف، لم يمتثل ولاذ بالفرار، فأطلق أفراد من الدوريات المذكورة طلقات نارية باتجاه السيارة التي استمرت بمسيرها. وبعد متابعة الموضوع، عثرت دورية من سرية درك بعبدا على السيارة في منطقة الشياح ـــــ تقاطع روضة الشهيدين، وفيها شادية علي فتوح (19 عاماً)، مصابة بجروح. وبعد نقلها إلى مستشفى الساحل، تبين أنها حامل في الشهر الثاني، وما لبثت أن توفيت نتيجة النزف الحاد.

وفي وقت لاحق، تمكنت القوى الأمنية من توقيف سائق السيارة، الذي تبين أنه زوج القتيلة. وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان صادر عنها أن زوج القتيلة «مطلوب للقضاء بموجب بلاغي بحث وتحرّ، الأول بجرم قتل والآخر بجرم سرقة سيارات، فضلاً عن مذكرة إلقاء قبض بجرم سرقة وحيازة أسلحة وبرقية منقولة صادرة عن الجيش بجرم تخلّف عن خدمة العلم». وتابع البيان أنه «لدى التدقيق في قانونية السيارة والاستعلام عنها تبين أنها من نوع هوندا أكورد رصاصية رقم لوحتها 183024/ب مسجّلة باسم جومانة م . وهي مسروقة من محلة برج البراجنة شارع بعجور منذ تاريخ 19/5/2007 فجرى حجزها». وختمت المديرية بيانها بالقول «إن التحقيقات بوشرت بإشراف القضاء المختص».

وعلمت «الأخبار» من مصادر طبية أن القتيلة أصيبت بطلق ناري واحد دخل من يسار الظهر، من تحت مستوى الكلية اليسرى، وخرج من أسفل البطن من مخرجين متقاربين، لاحتمال انكسار الطلق الناري بعد ارتطامه بالعظم، او لانكسار قطعة من العظم وخروجها من قرب مخرج الطلق الناري. وعلمت «الأخبار» أن جثة القتيلة لم تُشرّح.

مقتل شادية فتوح جاء بعد أقل من 8 ساعات على مقتل ثلاثة أشخاص بإطلاق نار من عسكريين في الجيش متمركزين على مدخل مطار رفيق الحريري الدولي. فبعد عدم امتثال سائق سيارة عمومية لتعليمات الحاجز، أطلق عدد منهم النار في اتجاه السيارة، مما أدى الى وفاة سائق السيارة حماده حمود الحاج أحمد وحسن علي كركي الذي كان برفقته، إضافة إلى إصابة علي حسن نور الدين في بطنه قبل أن يفارق الحياة في مستشفى الرسول الأعظم. كذلك، أصيب أكرم الحركة بجروح طفيفة.

وعلمت «الأخبار» أن نور الدين أصيب في أسفل بطنه بطلق ناري من بندقية حربية، أطلق من مسافة بعيدة، ودخل من الأمام دون أن يخرج من الخلف، واخترق أمعاءه من اليمين إلى اليسار. ولم يستطع الجرّاحون انتزاع الرصاصة من جسمه. كما لم يتمكن الأطباء من وقف النزف الحاد الذي أصيب به نور الدين، رغم إعطائه 27 وحدة دم.

وأصدر المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات حسن السبع بياناً روى فيه تفاصيل الحادث، وأعلن «عن مباشرة النيابة العامة العسكرية التحقيق». وأكّدت الوزارة في بيانها «قيامها بواجباتها في حفظ الأمن وتطبيق القوانين المرعية الاجراء، حفاظاً على السلامة العامة والنظام في هذه المرحلة الدقيقة، التي تمر بها البلاد، وطلبت من الجميع التجاوب مع التدابير والإجراءات الأمنية المتخذة في هذا السياق للمحافظة على الأمن والاستقرار في البلاد».

وكان الأسبوع الماضي قد شهد مقتل الشاب بلال المحمود (أبو جندل) بإطلاق نار أثناء محاولة دورية من قوى الأمن الداخلي توقيفه في منطقة التبانة بطرابلس. وقبل زهاء 40 يوماً قتل الشاب مهدي زعيتر برصاص عنصر من فصيلة برج البراجنة في قوى الأمن الداخلي.

وإضافة إلى إطلاق النار على السيارة في الأشرفية، شهد اليومان الماضيان عدداً من الحوادث المماثلة، لكن، لحسن الحظ لم تؤدِّ الى إصابة أحد بأذى. فبعد نحو 20 دقيقة على حادثة الأشرفية، أطلق أحد أفراد دورية من مفرزة طوارئ جونية النار في الهواء تحذيراً لركاب دراجتين ناريتين لم يمتثل سائقاها لحاجز كانت الدورية قد أقامته على مستديرة عشقوت. وتمكن مطلق النار من توقيف إحدى الدراجتين، وكان على متنها شخصان أحدهما مجنّد في قوى الأمن الداخلي. وفي صيدا، سلّم شابان نفسيهما للشرطة العسكرية فجر أمس، وذلك بعد يومين على إطلاق عناصر حاجز مشترك من الجيش وقوى الأمن الداخلي النار في اتجاه سيارة كانا يستقلّانها، لأن سائقها لم يمتثل لأوامر أفراد الحاجز.

وبُعيد العاشرة من مساء أول من أمس، أطلق عناصر قوى الأمن الداخلي المتمركزين على حاجز ضهر البيدر النار نحو شاحنة كانت متجهة من بيروت إلى شتورا، لأن سائقها لم يمتثل لتعليمات أفراد الحاجز. وبعد مطاردته، تمكّنوا من توقيفه دون أن يصاب أحد بأذى.

الجيش يدعو لالتزام التعليمات

وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً قالت فيه: «نظراً الى الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد وإقدام بعض الجهات المغرضة على محاولة زعزعة الامن والاستقرار بافتعال حوادث آنية وبث شائعات، تقوم وحدات الجيش وسائر القوى الأمنية باتخاذ تدابير ميدانية مشدّدة في مختلف المناطق اللبنانية بما فيها إقامة حواجز وتسيير دوريات مكثفة، فيما يعمد بعض المواطنين الى تجاوز هذه الحواجز وعدم الامتثال لتعليمات عناصرها، وذلك لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بمخالفات ليس لها طابع جرمي، كعدم حيازة أوراق السيارة أو بطاقة الهوية الشخصية، فيعرّضون حياتهم للخطر بما لا يتناسب مع طبيعة هذه المخالفات.

إن قيادة الجيش تدعو جميع المواطنين الى التزام تعليمات وحدات الجيش والقوى الأمنية وإرشاداتها، وتأمل منهم التعاون والاستجابة للتدابير والإجراءات التي اتخذتها، والتي تهدف أولاً وآخراً الى الحفاظ على سلامتهم وحماية ممتلكاتهم من نشاطات إرهابية هدفها العبث بأمن الوطن واستقراره».

تعليقات: